شراكة بين الرئيس بشار الأسد و «الهيئة الانتقالية» لإدارة الانتقال السياسي في سورية، آخر المقترحات التي طرحها الكرملين على البيت الأبيض بحيث يجري تقاسم الصلاحيات العسكرية والتنفيذية والتشريعية والدستورية خلال فترة متفق عليها تحت سقف «إعلان دستوري موقت» إلى حين الوصول إلى «سورية الجديدة» ودستورها، في وقت ظهرت تحذيرات من تحويل هذا الحل الموقت إلى دائم. في المقابل، تمسكت دول إقليمية بالحصول على «تاريخ محدد لموعد رحيل الأسد عن السلطة» ووافق بعضها على الحصول على هذا الموعد «في اتفاق سري» لإعطاء الدعم الإقليمي لاقتراح «الشراكة السياسية» الذي يتضمن تراجعاً عن شرط سابق ب «التنحي بمجرد بدء المرحلة الانتقالية»، وإن كان بعض الدول الغربية اقترح التمييز بين «المرحلة التحضيرية» بمشاركة الأسد و «الفترة الانتقالية» من دونه. ومنذ التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية في أيلول (سبتمبر) الماضي، تسارع تغيير موقف واشنطن إزاء دور الأسد من الحديث أن «عليه التنحي الآن» في صيف 2012 إلى قبول الانتقال السياسي «بعيداً من الأسد» وصولاً إلى إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري التخلي عن «تغيير النظام» والحديث عن «سورية المستقبلية من دون الأسد» وانتهاء بقبول كيري موقف نظيره الروسي سيرغي لافروف بإعطاء الأولوية للدستور على حساب «الهيئة الانتقالية». وفي 24 آذار (مارس) الماضي، تسلم كيري من موسكو مسودة «الدستور الروسي» التي حصلت «الحياة» على نصها وتقع في 24 صفحة و85 مادة. وولدت فكرة هذا الدستور بعدما تبين أن إجراء الانتقال بموجب دستور 2012، يتطلب تعديل 21 مادة تخص صلاحيات رئيس الجمهورية على الشؤون التنفيذية والقضائية والتشريعية والدستورية والعسكرية، ثم بحث تعديل 15 قانوناً وتشريعاً. وبعد ترجمتها من الروسية إلى الإنكليزية، عكف خبراء الخارجية الأميركية على درس المسودة وجرت محادثات بين مبعوثي الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين حول مبادئ الحل السياسي في برن السويسرية. كما أن موسكو بعثت نسخة منها إلى دمشق وطهران وتبين في وثائق لدى «الحياة» أن تعديلاتهما متقاربة إلى حد كبير خصوصاً ما يتعلق في بقاء صلاحيات الأسد ومستقبله وترشحه لولايتين جديدتين بدءاً من الانتخابات المقبلة واستعادة سلطة التشريع وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية. ووافقت موسكو على الانخراط مع واشنطن تحت ثلاثة شروط: «رفض تغيير النظام، تنحي الأسد يعني انهيار المؤسسات، الضغط على الأسد يعني ذهابه إلى إيران»، واتفق الجانبان على صوغ دستور سوري جديد مع بداية آب (أغسطس) المقبل. واقترحت موسكو عبر «قناة برن» المحاصصة بين الأسد والمعارضة خلال المرحلة الانتقالية، بحيث يبقى الأسد «قائداً للجيش والقوات المسلحة ورئيساً للجمهورية» مع احتفاظه بصلاحيات تنفيذية رمزية وتعزيز الصلاحيات التنفيذية ل «الهيئة الانتقالية» التي يمكن أن تقوم بدور تشريعي أيضاً. وتضمن عرض روسيا سحب صلاحية تسمية أعضاء المحكمة الدستورية العليا المعنية بمحاكمة الرئيس ورعاية تطبيق القانون، مع رفع عدد أعضائها من 7 إلى 11 عضواً من موالين ومعارضين برئاسة مستقل، إضافة إلى «ضبط» قدرة الأسد على التشريع في غيات مجلس الشعب (البرلمان) و «توثيق مبدأ فصل السلطات»، في مقابل بقاء «صلاحيات بروتوكولية»، بينها قبول اعتماد السفراء الأجانب، إضافة إلى قيادة الجيش وفتح نافذة لتشكيل مجلس عسكري مشترك. وبقي مصير أجهزة الأمن غائباً في الوثائق الروسية. ومن خلال حديث «الدستور الروسي» عن «التمثيل الطائفي والإثني»، يُفهم من هذه «المحاصصة» أن يبقى الجيش «ضمانة للأقليات» مقابل ذهاب السلطة التنفيذية إلى «الغالبية السنية». ولوحظ عدم اعتراض الدول ال15 في مجلس الأمن لدى طرح المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مبدأ «الشراكة في السلطة». وكانت موسكو تمسكت ب «نظام رئاسي» أو «نظام مختلط» ودعم سلطة الأكراد مع الحفاظ على وحدة البلاد، لكن لافروف لم يعلق على اقتراح مسؤولة الشؤون الخارجية الأوروبية فيديريكا موغريني وكيري خلال مؤتمر «المجموعة الدولية» في فيينا قيام «نظام برلماني».