«هات الجهاز من عندك. لا تغير المحطة التي أحب. أين ضاع الريموت مجدداً؟ يجب أن أغير البطارية. اضغطي على الأزرار بقوة حتى يعمل. سأرمي الجهاز على رأسك لو لم تصمت. كلا، الريموت لي فقط وأنا حر وأغير ما أشاء»... بأزراره الدائرية والمستطيلة والمربعة، بات جهاز التحكم بالتلفزيون، واحداً من أفراد الأسرة، و»المدلل» أيضاً، وفي الوقت عينه أداة للعديد من المهمات الأخرى. هذه الحقيقة ليست مبتكرة حديثاً بالطبع، لكنّ الصراع لا يزال مستمراً داخل الأسرة للسيطرة عليه والقبض على مفاتيحه، واحداً تلو الآخر، على رغم تسيّد وسائل التواصل الاجتماعي المشهد التلفزيوني، وبروز ما يمكن تسميته ب «ثقافة الريموت» في كل شيء داخل حياتنا اليومية. تبدأ الحكاية بالطفل الصغير الذي يتعلم في مراحل عمرية مبكرة كيفية الإمساك بالجهاز وتوجيهه إلى التلفزيون، لأن هذه الآلة تبقى موجودة ومتروكة أو حتى مرمية في كل مكان من المنزل. كل القطع الديكورية والأثاث في المنزل لها نصيب في احتواء الريموت الذي فرض وجوده وتأثيره، غير أنّ نظرية تعلُّق الأب بالأخبار السياسية والأم ببرامج الطبخ والمسلسلات والابنة بالأغاني والابن بأفلام الآكشن والطفل بالرسوم المتحركة، لا تزال دارجة في العالم بشكل أو بآخر. وصل الأمر لدى بعض مراكز الدراسات إلى ابتداع طرق مختلفة لوقف «الاقتتال» على الريموت كونترول داخل المنزل، كاعتماد مبدأ التصويت والأكثرية أو جدولة البرامج ومعرفة توقيتاتها بدقة أو شراء تلفزيون آخر أو تخصيص أيام معينة للأطفال أو إخفاء الجهاز نفسه، كونه يتعرض للضياع كثيراً، وقد يكون داخل الأرائك أو في سلة المهملات... لعل أكثر استخدام للجهاز يكون في فترات الإعلانات بين المسلسلات والبرامج الأخرى، وكثيراً ما يذكر أساتذة الإعلام والاتصال طلابهم بأن الشركات كانت من أكثر المتضررين من الريموت، على اعتبار أنك بضغطة وحدة تلغي مشاهدة الإعلان، ما يؤدي إلى خسارة الشركات. الريموت هنا ضحية إذاً، ولم تنفع الحلول الديموقراطية كما يقول الكثيرون، بل يجب اللجوء إلى الديكتاتورية والعنف بغية تملكه وتقليب القنوات المفضلة، مع العلم أن ربّ المنزل العربي عموماً هو مَن يتولى مقاليد الحكم على الجهاز، واحياناً تتطور الصراعات إلى حوادث خطيرة، مثل الجدّة الروسية التي طعنت حفيدها (5 سنوات) قبل سنة، لفشله في العثور على جهاز التحكم بالتلفزيون. وتاريخياً، قد لا يعرف الكثيرون أن اسم جهاز التحكم عن بُعد في اللغة العربية الفصحى هو «الحاكوم»، بحسب مجمع اللغة العربية الأردني، بناءً على رسالة الدكتور حامد صادق قنيبي، كما هي حال الكثير من الكلمات التي دخلت على العربية أخيراً لأصلها الأجنبي، حيث يعمل بوسائط غير سلكية كموجات الراديو أو الأشعة تحت الحمراء التي يمكن رؤيتها من خلال كاميرا هاتف متحرك عبر الضغط على أحد الأزرار مثلاً، ويعود الفضل في اختراعه إلى مخترعين، أمثال الأميركيين روبرت أدلر ويوجين يولي.