قبل أيام مات المخترع الأمريكي "يوجين بولي" الذي ابتكر "الريموت كنترول" جهاز التحكم عن بعد. هذا الرجل منحنا شيئًا من الرفاهية وعلّمنا الكسل، فالأمر لم يعد جهازًا يرفع صوت التلفزيون أو يغيّر المحطة إلى محطة أخرى.. صار كل شيء حولنا يعمل بالريموت كنترول. قبل سنتين شاهدت فيلمًا كوميديا/ خياليًا، عنوانه "كليك" للكوميديان آدم ساندلر، يتحدث عن موظف بسيط ورب عائلة، يمنحه مهندس غريب الأطوار "ريموت كنترول" يتحكم بالحياة: يخفض صوت زوجته، ويجمد مديره في العمل كأنه يُوقف مشهدًا في التلفزيون، ويُسرّع في المشاهد والزمن إلى أن يأتي وقت ترقيته.. في النهاية يحقق الكثير من أحلامه؛ ولكنه يفقد الحياة ولذتها ويفقد عائلته.. الفيلم متوسط المستوى، ولكن فكرته ذكية ومرحة، وجعلتني أتساءل: هل هنالك "ريموت كنترول" كبير وخفي.. يُحرِّكنا دون أن نراه، ودون أن نشعر بما يفعله بنا؟! هل هو الإعلام؟!.. أم هي الأفكار؟! هل نحن الذين نتحكم ب"الريموت كنترول" أم هو الذي يتحكم بنا؟! من الذي يُوجه الآخر؟! أنت الآن مشغول بمجزرة الحولة في سوريا، وقبل فترة كنت مشغول بالكلاسيكو الإسباني، وغدًا سيحدد الريموت كنترول الحدث الذي يشغلك به والجهة التي يأخذك إليها! تلفّت حولك: ألا ترى أن هنالك من (يتحكم عن بعد) بالجماهير، وأنت واحد منهم؟!.. أي "ريموت كنترول" هذا؟! كم هي الأشياء التي (تتحكم بك عن بعد) من عادات وأفكار وعلاقات؟.. أليست هذه الأشياء "ريموت كنترول" آخر؟ كم من الأشياء حولك قد قامت بضغط زر الإيقاف ليتوقف "مشهد" حياتك عن التقدم؟ من هذا الذي ضغط على زر "إيقاف صوتك"؟! لماذا تسلمهم (الريموت كنترول) الخاص بك؟! لماذا تسمح لهم بإطفائك؟ من الذي (برمجك) بهذا الشكل، وكيف سمحت لهم بهذا الأمر؟ صدقني، لن يحدث معك مثلما حدث مع "آدم ساندلر" ويأتيك مهندس غريب الأطوار ليمنحك "ريموت كنترول" خيالي يجعل الحياة أجمل وأسهل.. أنت وحدك من بإمكانه أن يبتكر "الريموت كنترول" الخاص بك، وأول خطوة لفعل هذا: كسّر كل أجهزة التحكم عن بعد.. تلك التي تتحكم بك! [email protected]