أعلن «صندوق النقد العربي» أن مجموعة الدول العربية سجلت تراجعاً في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، من 3.6 في المئة عام 2013 إلى 2.5 في 2014، نتيجة تأثر أداء الاقتصادات العربية بمجموعة من العوامل تمثلت في التطورات الداخلية التي يمر بها بعض البلدان العربية، إضافة إلى استمرار انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية وتراجع إنتاجه أو استقراره في عدد من الدول المصدّرة. وأشار الصندوق في «التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2015» الذي صدر أمس في أبوظبي، إلى أن «التعافي المحدود لاقتصادات منطقة اليورو لم يساهم في إنعاش الطلب على صادرات عدد من الدول العربية المستوردة للنفط». وتطرق العدد ال35 من التقرير لعام 2015 إلى التطورات الاقتصادية في الدول العربية، كما يعتبر نموذجاً للتعاون المثمر بين مؤسسات العمل العربي المشترك حيث يشارك في إعداده كل من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية و«الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي» و«صندوق النقد العربي» و«منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول» (أوابك). وفي مجال المالية العامة، لفت التقرير إلى أن «انخفاض أسعار النفط العالمية عام 2014 أثر بوضوح في الإيرادات المالية في عدد من الدول العربية التي تعتمد موازناتها على الإيرادات النفطية، فيما عزَّزت تدفقات المنح الخارجية وضعية الموارد المالية في عدد من الدول العربية المستقبلة لهذه المنح». وأكد أن «الإصلاحات الضريبية في عدد من الدول العربية أدت إلى توسيع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة التحصيل، ما انعكس على الإيرادات المالية». واتجه عدد من الدول العربية النفطية إلى خفض الإنفاق العام بشقيه الجاري والرأسمالي على ضوء تراجع الإيرادات المالية بسبب تراجع أسعار النفط العالمية، بينما واصل عدد من هذه الدول تبني سياسات مالية توسعية بتمويل الإنفاق الحكومي المتزايد من خلال الأرصدة والفوائض التي توافرت خلال الأعوام الماضية. ولفت التقرير إلى أن «الدول العربية ذات الاقتصادات المتنوعة سعت الى الاستفادة من الحيز المالي الذي وفره انخفاض أسعار النفط لتطبيق سياسات تدعم ضبط الإنفاق العام وتركيزه في الصرف الاجتماعي والاستثماري في إطار جهودها الرامية لخفض عجز الموازنة العامة واستعادة التوازن المالي». وأكد أن «الأوضاع المالية لناحية الإيرادات والنفقات تأثرت بالظروف الداخلية التي شهدها عدد من الدول العربية خلال السنة، وما تبعها من انعكاسات على الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية، وما أفرزته من تحديات في ظل ارتفاع الكلفة الاقتصادية والمالية للمتطلبات الأمنية». وأشار إلى أن «هذه التطورات أدت إلى انخفاض إجمالي الإيرادات العامة والمنح في الدول العربية كمجموعة بنسبة 6.2 في المئة لتصل إلى نحو 952.6 بليون دولار عام 2014، ما يمثل نحو 34.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تراجع إجمالي الإنفاق العام في الدول العربية كمجموعة 6.8 في المئة إلى نحو 885.6 بليون دولار عام 2014، ما يمثل نحو 32.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي». وأكد أن فائض الموازنة العامة المُجمَّعة للدول العربية نما 3.1 في المئة إلى نحو 67 بليون دولار عام 2014، ما نسبته 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية. وأضاف أن «المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية واصلت خلال السنة استخدامها لأدوات السياسة النقدية غير المباشرة لإدارة السيولة المحلية وتحقيق المستهدفات النهائية للسياسة النقدية، التي يأتي على رأسها تحقيق الاستقرار السعري وحفز معدلات النمو الاقتصادي»، مؤكداً تدخل المصارف المركزية بشكل دوري لتعزيز آليات جديدة وتطويرها لدعم السيولة». وأكد استمرار الأداء الإيجابي لقطاع المصارف، حيث شهدت التسهيلات الائتمانية المُقدمة للقطاع الخاص نمواً بنسبة تفوق تلك المحققة في العام الماضي، فيما سجلت الودائع الإجمالية نمواً، ولكن بنسبة تقل عن تلك المحققة العام الماضي. وتحسنت مؤشرات الربحية في معظم المصارف العربية. وبالنسبة لأسواق المال العربية، شهد عام 2014 تحسناً في القيمة السوقية الإجمالية للبورصات العربية، فارتفعت بنحو 5.7 في المئة إلى نحو 1.203 تريليون دولار لتكسب البورصات نحو 65 بليون دولار من قيمتها السوقية. وأكد التقرير أن عام 2014 شهد تأثر أداء موازين مدفوعات الدول العربية بالتراجع الملحوظ في الأسعار العالمية للنفط، خصوصاً خلال الربع الرابع العام الماضي، الذي سجلت فيه أسعار النفط انخفاضاً بنحو 27 في المئة، إضافة إلى أثر التوسع في الإنفاق الاستثماري العام وتبني بعض الدول العربية عدداً من المشاريع الضخمة في مجالات البنية التحتية. وتأثرت موازين مدفوعات الدول العربية غير النفطية سلباً بتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي العالمي، خصوصاً في دول منطقة اليورو الشريك التجاري الأبرز. وأسفرت تعاملات الدول العربية مع العالم عن تراجع الفائض الكلي لموازين مدفوعاتها من 115.1 بليون دولار عام 2013 ليقتصر على نحو 5.9 بليون في 2014. ولفت التقرير إلى أن أهم التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية وتضعف قابلية مخرجاتها للتوظيف وتؤثر في كم عرض العمل ونوعه، هو أن القطاع العام كان ولا يزال الموظف الرئيس لليد العاملة في عدد من الدول العربية، ما أفرز نظاماً تعليمياً مقولباً لصناعة الشهادات اللازمة للتوظف في القطاع العام وتقويمها، كما أن غياب الحوافز وهيكل الحوكمة داخل المنظومة التعليمية وآليات المساءلة على النوعية، أدت إلى ابتعاد الجامعات والمعاهد العليا من محيطها الخارجي، بخاصة من قطاع الأعمال والمجتمع المدني.