استقرت أسواق الصرف الأجنبي والتأمين على الديون في السعودية منذ أن أعلنت المملكة موازنتها الحكومية هذا الأسبوع، وهو ما ينبئ بأن الرياض استطاعت -ولو جزئياً على الأقل- إقناع المستثمرين بأنه يمكنها ضبط أوضاعها المالية. ورأي الكثير من المستثمرين الدوليين في إعلان موازنة عام 2016 يوم الاثنين اختباراً لقدرة السعودية على اتخاذ خطوات مطلوبة؛ للتغلب على آثار هبوط أسعار النفط. وفي الأيام القليلة الماضية استقرت أسوق الديون. وقال متعاملون إن هذا قد يُعزَى إلى أسباب منها حركة التعامل الهزيلة في موسم عطلات نهاية العام لكنه يشير أيضاً إلى أن الأسواق مطمئنة إلى حد ما. واشتملت الموازنة على تخفيضات في الإنفاق وإصلاحات لنظام دعم الطاقة وتوقعات بزيادة عائدات الضرائب وعمليات الخصخصة؛ لتساعد على خفض عجز هذا العام البالغ 98 بليون دولار إلى 87 بليوناً في 2016. وقال مدير بحوث الأسهم في أرقام كابيتال بدبي جاب ميجر: «نرى أنه تحرك إيجابي على الأمد الطويل؛ لأنه قد يضع المملكة على أساس أكثر استقراراً في إدارة المالية العامة». وقال بنك أوف أمريكا ميريل لينش إن الموازنة «بدأت اعتماد إستراتيجية جديرة بالثقة لضبط المالية العامة على الأمد المتوسط للتغلب على آثار هبوط أسعار النفط من خلال إجراءات في جانب الإيرادات والنفقات». وبلغ سعر العقود الآجلة للدولار الأميركي في مقابل الريال لأجل عام 500 نقطة يوم الأربعاء قريباً من متوسطه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ومع أن تكاليف التأمين على الديون لا تزال مرتفعة فإن عقود التأمين على الديون لأجل خمس سنوات ظلت مستقرة عند 153 نقطة أساس، ولم تشهد أسعار السندات السعودية تحركات كبيرة هذا الأسبوع. وقال محللون إن العقود الآجلة وعقود التأمين على الديون قد لا تعاود الهبوط بشدة حتى تُظهر الرياض أن بإمكانها الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الخاصة بالإنفاق والإيرادات حتى إذا تسببت تدابير التقشف في إبطاء النمو الاقتصادي. وقال النائب الأول للرئيس في مجموعة المخاطر السيادية بوكالة التصنيف الائتماني موديز إنفستورز سرفيس ستيفن هيس إن موازنة 2016 كانت خطوة أولى نحو عودة المملكة إلى توازن المالية العامة على أساس مستدام. وقال: «على رغم ذلك نتوقع أن يكون عجز الموازنة في عام 2016 قريباً من 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يشير إلى أن تنفيذ التدابير (الإصلاحية) على الأمد المتوسط سيكون مهماً». وأضاف أنه يريد معرفة مزيد من التفاصيل عن توقيت إصلاحات مثل التطبيق المزمع لضريبة القيمة المضافة. وقال: «نتوقع أن ينخفض عجز الموازنة تدريجياً خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يشير إلى أن الدين الحكومي سيواصل الزيادة». وأحد مؤشرات الضغط على السعودية والذي من المتوقع أن يستمر بعض الوقت هو الاتجاه الصعودي لأسعار الفائدة في سوق النقد القصير الأجل التي تزداد مع انخفاض أسعار النفط الذي يحد من تدفق أموال جديدة على الودائع المصرفية واقتراض الحكومة من المصارف لتغطية العجز. وسجل سعر الفائدة لثلاثة أشهر السائد في التعاملات بين المصارف السعودية مستوى مرتفعاً بلغ 1.55 في المئة يوم الأربعاء، وهو مستوى لم يسجله منذ كانون الثاني (يناير) 2009. وكان هذا السعر قد حام حول أدنى مستوى له في ثلاثة أعوام 0.77 في المئة بين آذار (مارس) ونيسان (أبريل). وقال كبير المحللين في السعودي الفرنسي كابيتال في الرياض عقيب محبوب: «سنستمر في توقع ارتفاع أسعار الفائدة السائد بين المصارف السعودية من جراء شح السيولة المحلية وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية في 2016».