من سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا الأميركية إلى باريس وسيناء إلى لندن وموسكو، يتطاير شرر المنطقة الملتهبة في أرجاء المعمورة، ليس استناداً الى قوة عارمة أو أيديولوجيا مقنعة، إنّما اعتماداً على التخويف والتأجيج والتهويل على الإنترنت. قبل عقد من الزمن، كانت ال «ويب» نسمة هواء معلوماتي عليل، وأملاً لكوكب معتلّ بأن يصبح قرية واحدة متّصلة بأثر من تقريب الأفكار وتبادل المعلومات وتضييق الهوات. ومع الإرهاب الممتد إلى الفضاء الافتراضي، تحوّلت الإنترنت نسمة هواء مسموم، بل يكاد رئيس الدولة الأكبر عالميّاً أن يعلن هزيمة نكراء وفشلاً واضحاً في المواجهة الإلكترونيّة مع «داعش». قبل أيام، أشار الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى أن جماعات ك «داعش» زادت من قوتها، مستفيدة من فوضى الحرب في العراق وسورية. وتحدث أوباما أيضاً، عن دور الإنترنت في محو المساحات بين الدول، وقال: «نرى جهوداً متنامية من الإرهابيّين لتسميم عقول الناس، على غرار ما حدث مع مفجري «ماراثون بوسطن» وقتلة «سان برناردينو» في كاليفورنيا». وأوضح أوباما أنّه سيشجع قادة الشركات الكبرى في التقنيات الرقميّة على التشدّد في تطبيق القانون، لتصعيب عملية انتفاع الإرهابيين من الشبكة العنكبوتيّة في الإفلات من العدالة. ما لم يقله أوباما، أن بلاده التي تدعم الحقوق والحريات، منخرطة أيضاً في شنّ الحروب ونسج التحالفات ضد التنظيمات الإرهابية الشريرة، كما أنّها (أميركا) قلّلت من شأن الأثر العنكبوتي ل «داعش» وأشباهه من تنظيمات الإرهاب. وهناك أيضاً من يرى فشلاً ذريعاً في تعامل الإدارة الأميركية مع النشاط العنكبوتي ل «داعش» وتنظيمات الإرهاب، بل إنّه يفوق الفشل في التعامل مع تلك الظاهرة في ساحات المعارك. ويشير المدافعون عن ذلك الطرح، إلى الوجود المكثّف لظواهر الإرهاب ال «داعشي» على الإنترنت، التي صارت قاعدة عريضة لتجنيد عناصر جديدة. وكذلك صار الفضاء الافتراضي معسكراً يحتضن «التجذير» Radicalization، بمعنى تحويل الشباب من التديّن العادي السمح إلى تطرف السلفيات الجهاديّ المقيتة. ويذهب البعض أيضاً، إلى حدّ القول أنّ أوباما لو كان جاداً في محاربة «داعش» على الأرض ودكّ معاقله الفعلية، لدكّت معاقله العنكبوتيّة أيضاً. في المقابل، هناك من يرى أن معاقل الإرهاب العنكبوتي لا يمكن دكّها لأسباب عدة، أبرزها أن دكّ المعاقل أمر غير وارد عنكبوتياً، خصوصاً أن تلك الجماعات لا تحتاج سوى دقائق معدودة للانتقال من معقل إلى آخر. وتشهد على ذلك، سرعة انتقال تلك التنظيمات من «هاشتاغ» يصنّفه «تويتر تريند» ضمن الأكثر تداولاً، إلى إصدار بيان يعلن المسؤولية عن عملية تفجير أو تفخيخ. وينطبق وصف مماثل على سيول التدوينات والتغريدات المتنقّلة بين صفحات «فايسبوك» وحسابات «تويتر»، تحمل فتاوى بتصفية من يخالف إرهابيّي السلفيّات الجهاديّة في وجهة النظر أو يعارضها في الفكر أو يناقشها في شأن تفسيرها الشريعة.