أثارت هجمات كاليفورنيا الإرهابية قلقاً أميركياً متزايداً من ظاهرة الإرهاب «أون لاين» انعكس تخبطاً في المداخلات الإلكترونية للمرشحين لانتخابات الرئاسة الأميركية الذين يبدو أن بعضهم أدخل على عجل مقترحاته وخططه في شأن الحرب الإلكترونية للقضاء على التنظيم الإرهابي ومنعه من تجنيد مزيد من الشبان الأميركيين في العالم الافتراضي. واحتلت مسألة محاربة الإرهاب الإلكتروني والإجراءات اللوجستية والقوانين التي يجب إصدارها في هذا الشأن حيزاً كبيراً من سجالات المناظرة الخامسة لمرشحي الحزب الجمهوري في لاس فيغاس التي نظمتها محطة «سي أن أن» التلفزيونية بالتعاون مع موقع «فايسبوك» الأسبوع الماضي. وقدّم المرشحون مقترحات غامضة حول الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من قدرة الإرهابيين على الاستفادة مما تقدمه السوشيل ميديا وناقشوا مسألة الرقابة الإلكترونية وتضاربها مع مسألة الخصوصية الشخصية كما تناولوا دور الأجهزة الأمنية في الفضاء الإلكتروني والعلاقة مع إدارات الشركات الأميركية الكبرى الحاكمة في الفضاء الإلكتروني. فطالبت المرشحة كارلي فيورينا بفرض رقابة إلكترونية أكبر على مواقع السوشيل ميديا وإتاحة مجال أوسع للأجهزة الأمنية المختصة وإعطاء هذه الأجهزة صلاحيات إضافية لملاحقة المشتبه بهم على شبكة الإنترنت وكشف مخططاتهم قبل وقوعها. وقالت فيورينا إنه بإمكان الأهل في الولاياتالمتحدة مراقبة الحسابات الإلكترونية لأبنائهم ونشاطهم على السوشيل ميديا في حين أن الأجهزة الأمنية ممنوعة من القيام بذلك بحسب القوانين الأميركية المعتمدة حالياً. وأكدت المرأة الوحيدة بين مرشحي الحزب الجمهوري، والمديرة التنفيذية السابقة لإحدى شركات الكومبيوتر الكبرى، أن القطاع الخاص بإمكانه لعب دور كبير في مكافحة الإرهاب في بعده الإلكتروني وأن الشركات العاملة في هذا القطاع مستعدة للتعاون إلى أبعد الحدود مع الأجهزة الحكومية. وانتقد المرشح تيد كروز ما اعتبره تقاعس الأجهزة الأمنية الأميركية لعدم اعتقالها سيد فاروق وزوجته تاشفين مالك قبل تنفيذهما الهجوم الإرهابي في سان برناردينو في كاليفورنيا. وقال إن فاروق ومالك أعلنا على مواقع التواصل الاجتماعي مبايعتهما لأبو بكر البغدادي ونشرا دعاية «داعش» من دون أن تكتشفهما الأجهزة الأمنية الأميركية. وقد استدعى كلام كروز توضيحاً سريعاً من مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي جيمس كومي الذي عقد مؤتمراً صحافياً بعد ساعات قليلة من المناظرة نفى فيه أن يكون منفذا هجوم كاليفورنيا قد أظهرا في شكل علني دعمهما للجهاد على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية الأميركية لاحظت مؤشرات على ذلك في رسائلهما الإلكترونية الخاصة وليس في ما كانا ينشرانه للعلن على الشبكة العنكبوتية. خطأ آخر أشارت وسائل الإعلام الأميركية إلى أن السيناتور تيد كروز ربما ارتكبه في سجالاته خلال المناظرة تمثلت بكشفه معلومات أمنية حساسة، كان قد استقاها من خلال مشاركته في إحدى اللجان المختصة بالأمن في الكونغرس الأميركي. فقد أشار كروز خلال مشادة حادة مع منافسه ماركو روبيو حول القوانين المتعلقة بمحاربة الإرهاب إلى أن بإمكان الأجهزة الأمنية مراقبة نحو 30 في المئة من خطوط الهاتف الخاصة في الولاياتالمتحدة. وقد أشارت مصادر صحافية أميركية إلى أن مشاورات قد بدأت فعلياً في الكابيتول هيل للتحقق مما إذا كان السيناتور الجمهوري قد كشف فعلاً في المناظرة التلفزيونية معلومات سرية. من جهته، اعتبر مطلق دعوة منع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة وإغلاق مساجدهم على الأراضي الأميركية المرشح دونالد ترامب أن تنظيم «داعش» أثبت أنه تفوق على الأميركيين باستخدامه المتقن لوسائل التواصل الاجتماعي، فيما عارض سيناتور كنتاكي المرشح رون بول تقييد الحريات الإلكترونية، واعتبر أن إعطاء أجهزة الرقابة مزيداً من الصلاحيات يشكل انتهاكاً للحريات الشخصية والخصوصية التي يشدد الدستور الأميركي على حمايتها، مشدداً على أن ملاحقة الإرهابيين ومحاربتهم على شبكة الإنترنت يجب أن تبقى تحت سقف القوانين الأميركية وأن لا تهدد حريات الأفراد التي تعتبر ركناً أساسياً في نمط الحياة الأميركية.