فيما كانت أصابع الاتهام تلف عنق الطائر الأزرق لترميه بتهم متتالية، منها تأجيج التعصب وإثارة الجدل، والصراعات بين المذاهب والطوائف والتيارات، فإن ثمة من يبرئ «تويتر» من هذه التهم، متكئاً على أنه «استخدام مسيء إلى هامش الحرية»، مستدركين أن «اللعبة بين أيادي الأطفال قد تكون قاتلة». وهو ما دعا عدداً من المهتمين بين وقت وآخر إلى المطالبة بحجبه. وشهدت ساحات «تويتر» خلال اليومين الماضيين جدلاً من نوعٍ فاخر، أبى الطائر الأزرق إلا أن يكون عادلاً وكاشفاً للحقيقة المُرة، وأسقط أقنعة مخملية، بتحوله من النحو والصرف إلى الشخصنة والإساءة. وفي الوقت الذي كانت الإساءات في «تويتر» محصورة في المجال الرياضي، وفي نقاشات لا تتجاوز بأن ذلك الفريق الرياضي أفضل من نظيره، أو أن لاعبنا «أسطورة» وكابتن فريقكم «أي كلام»، أو حرباً كلامية تنتهي بعبارات لا أخلاقية تصدر في الغالب عن معرفات تستتر خلف اسمٍ مستعار، أو على الأقل من مجهولين، ثارت ثائرته أخيراً لتتحول إلى نقاشٍ آخر، طاول المثقفين والمفكرين، حضر فيه الغذامي وتشومسكي، ومعاني حروف الجر، وأخطاء اللغة العربية في الوقت الذي يحتفل ناطقوها بها، في مكانٍ آخر، لتكون شاهدة على جملة من الأخطاء الإملائية والنحوية. الجدل في «تويتر» ليس أمراً جديداً، إذ إنه مذ أضحى ملاذاً لبث الهموم، خلف أسماء صريحة، ومعرفات مستعارة، وتمكن في فترة وجيزة من أن يحتل المرتبة الأولى في قائمة رواد الشبكة العنكبوتية محلياً، ما فتئ يناكف مرتاديه، وحضر كل شيء بدءاً بالدين وانتهاءً بالسياسة والرياضة، وإن كان الجدل الأكاديمي في حدود الرقي حاضراً بتبوء الأكاديميين مراتب أُول في هذه المنصة، إلا أن تجاوزاتهم أثارت علامات تعجب في البداية، ولكن تتبّعهم سقطات بعض جعلت المغردين يتحسرون ليس عليهم فحسب، بل على مستقبل التعليم الأكاديمي. بضعة أعوام مضت منذ إطلاق «تويتر» واعتماده اللغة العربية واحدة من لغاته الرسمية، ليتحول إلى الوجهة الأولى في السعودية، ويصل عدد الحسابات النشطة إلى ما يربو على ثمانية ملايين حساب، إلا أن هذا النشاط وتزايد أعداد المتابعين جعل التحزّب، وتصيد السقطات، وتصفية الحسابات يبدو ظاهراً بين ظهراني ذلك الطائر الأزرق.