أكد معارض سوري بارز أن فصائل المعارضة السورية المزمع أن تلتئم في الرياض خلال أيام تواجه تحدياً ورهاناً كبيراً في أن تظهر بموقف موحد أمام ممثلي النظام السوري من خلال المفاوضات المقرر إطلاقها في الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل، مقراً ب«تشرذم» الفصائل. بيد أنه عول على مستضيفة المؤتمر (السعودية)، ودورها في تقريب وجهات النظر بين فصائل المعارضة. ووجهت السعودية دعوة إلى 65 شخصية من المعارضة السورية، لحضور المؤتمر في مسعى لتوحيد موقفها والتفاوض مع النظام. ولفت إلى أن أهم الملفات التي ستطرح خلال المفاوضات مع ممثلي النظام السوري «الاتفاق على هيئة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة تقود المرحلة الانتقالية، وترتب للمستقبل، وتجري الانتخابات، وتضع دستوراً للبلاد، وتشكل الحكومة لإنجاز عملية تحول بشكل كامل». وقال سفير الائتلاف الوطني السوري في باريس الدكتور منذر ماخوس، في تصريح إلى «الحياة»: «إن هناك تحديات كبيرة جداً، ومن المطلوب من الشعب السوري ورفقائه التصدي لهذه التحديات الجديدة». وأشار إلى معايير اختيار الشخصيات الممثلة للمعارضة في المؤتمر، وقال: «إن الموقف الجدي المعروف عن المملكة والأشقاء الآخرين، دفعهم إلى أن يساعدوا المعارضة السورية كي تتصدى لمهامها التاريخية، والتي بكل أسف لم تكن على مستوى التحديات المطلوبة. ومن هذا الأفق أفترض أنهم يبحثون عن أفضل العناصر، وهم العناصر الملتزمة بثوابت الثورة وأهدافها، والكفاءات المعرفية والنظامية وغيرها، هذا من جانب، وأيضاً قضية ومعيار المكونات المجتمعية، ومن جانب آخر التيارات السياسية المطروحة اليوم على الساحة السورية». وتوقع المعارض ماخوس أن تشهد الأيام القليلة المقبلة، إعلان الأسماء التي تم اختيارها بمبادرة من الطرف الراعي، أو من بعض الفصائل الموجودة اليوم. وأضاف: «هناك أفق أو مقاربة أن تتمثل الفصائل الموجودة وفي مقدمها الائتلاف السوري المعارض، وهو الجسم الأكبر داخل المعارضة السورية، والذي يحظى بأعداد أكبر من البقية، مثل هيئة التنسيق الوطنية، والائتلاف هو الذي سيحدد من يمثله، وأيضاً هيئة التنسيق والفصائل والشخصيات القريبة منها، وأيضاً تمثيل الفصائل المقاتلة على الأرض». واعتبر السفير ماخوس، الفصائل المقاتلة «الطرف الأهم» في تحديد مستقبل سورية. وقال: «هي الطرف ذو الباع الكبير في تقرير الأحداث في سورية»، مضيفاً: «سيتم اختيار الممثلين مع مراعاة ما يتعلق في الشخصيات المجتمعية المدنية، وذلك ليستطيعوا الاتفاق على برنامج عمل مشترك، يلبي مطامح الثورة، وأن يكونوا على مسؤولية كبيرة في تمثيل هذا الشعب في المفاوضات مع ممثلي النظام السوري الحالي، ومن أجل الاتفاق على هيئة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة تقود المرحلة الانتقالية، وترتب للمستقبل، وإجراء الانتخابات، ووضع الدستور، وتشكيل الحكومة لإنجاز عملية تحول بشكل كامل». وأكد سفير الائتلاف في باريس أن «المعارضة أمام تحد ورهان كبير، في أن تقف موقفاً واحداً مع اختلاف فصائلها أمام ممثلي النظام». وقال: «إذا لم تستطع أن تكون في موقف واحد؛ فلا يمكن أن نسميها معارضة وطنية، إذ إن المعارضة يجب أن تكون قادرة على الاتفاق على برنامج وطني واحد، وعلى صيغة واحدة لمفاوضة ممثلي النظام، وصولاً إلى هيئة الحكومة الانتقالية». وأضاف: «لا أحد يستطيع أن يجزم أنها ستكون قادرة، وإذا لم تكن كذلك؛ فهي ليست معارضة وطنية». وعن أهم الملفات التي سيتم طرحها للتفاوض مع ممثلي النظام، أوضح ماخوس أنه «إذا أخذنا بعين الاعتبار الإرهاصات الكبيرة التي تدور على الساحة منذ مؤتمر «جنيف 1»، وهناك كما نعرف «وثيقة جنيف»، التي تم الاتفاق عليها من الدول الراعية للمسألة السورية، وحدثت مفاوضات «جنيف 2»، والتي لم تؤد إلى أي نتائج اليوم بعد انقطاع طويل، فالمطلوب إعادة تفعيل العملية السياسية والاتفاق على النقطة التي توقف عندها «جنيف»، وإيقاف النظام الذي يدعي أنه يتصدى إلى الإرهاب، على رغم أنه من صنعه». وأضاف: «المطلوب تشكيل هذه الهيئة اليوم كي تقوم بعملية الانتقال السياسي، وتحديد موقع بشار الأسد بعد كل الدمار الذي تسبب به وألحقه هو والمحيطين فيه، من إبادات جماعية وجرحى ودمار شبه شامل لسورية. واليوم يجب أن تطالب المعارضة بتحديد موقعه، فلا مكان له سواءً في الهيئة أم في مستقبل سورية». وتابع: «هناك بعض النقاط الحساسة، والتي يوجد حولها نقاش واسع في المجتمع الدولي، ولم يتم الاتفاق عليها إلى الآن، وهي رحيل بشار، وترك الأمر إلى الهيئة الانتقالية، التي بدورها تنجز العملية وتضع الدستور والعملية الانتخابية، وترسم صورة سورية في المستقبل، إضافة إلى النقاط الأساسية، وهي بناء الهيئة التي يمثلها المعارضة السورية، وبعض ممثلي النظام غير الملوثين بالدم والدمار، والاتفاق على مرحلة خروج الأسد، وإعادة إعمار سورية، والاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين، ووقف عمليات القتل والأسلحة الثقيلة والبراميل». واعتبر أن الأهم من ذلك «الاتفاق على صيغة في خروج كل المقاتلين الأجانب من سورية، لأن جيش النظام السوري متآكل إلى حد كبير، وتحول إلى مجرد ميليشيات، ولولا الأذرع الإيرانية التي تقوم بوضعه على أرجله، والتدخل الروسي الأخير لما بقي نظام الأسد»، مؤكداً أن هناك «إجماعاً من المعارضة على أنه يجب أن يخرجوا الجماعات الإرهابية التي تريد أن تفرض على الشعب السوري رؤيتها، والتي لا تتفق مع مشروع الشعب السوري». وتعد السعودية من الداعمين الرئيسين للمعارضة السورية الوطنية، والتي تسعى إلى الإطاحة ببشار الأسد، وأعلنت أنها تجري اتصالات مع جماعات المعارضة لعقد المؤتمر الذي يجيء بعد اتفاق دولي لإطلاق محادثات بين الحكومة والمعارضة بحلول الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل. ويعتبر اجتماع الرياض محاولة للمّ شمل جماعات المعارضة السورية التي ظل تشرذمها الطويل عقبة أمام مساعي التوصل إلى تسوية سلمية للصراع الذي دخل عامه الخامس، وتسبب في مقتل أكثر من ربع مليون شخص وشرد الملايين.