قد يشهد اجتماع الرئيس باراك أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو غداً اتفاقاً نادراً بين زعيمين يختلفان في الرأي كثيراً، وذلك خلال الاجتماع الأول بينهما منذ توقيع الاتفاق النووي مع إيران. وستكون المحادثات بين الزعيمين في البيت الأبيض خطوة مهمة باتجاه مجموعة مساعدات عسكرية أميركية جديدة قد تحسن المؤهلات الأمنية لرئيس الوزراء اليميني الذي يواجه تحديات تتمثل في موجة من هجمات الطعن وإطلاق النار يشنها فلسطينيون. وقد يعزز الاجتماع، وهو الأول بين الزعيمين منذ 13 شهراً، تطمينات أصدرها أوباما لتأكيد دعمه لإسرائيل، وقد تساهم أيضاً في تبديد اتهامات «جمهوريين» يطمحون في الترشح للرئاسة الأميركية، بأن أوباما وأي خليفة ديموقراطي له في البيت الأبيض سيكونان أقل موالاة لإسرائيل. ومن المرجح أن تخفت الأضواء أثناء الزيارة عن هدف تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين الذي استعصى تحقيقه خلال فترتي أوباما في الرئاسة، ليتصدر المحادثات التأكيد مجدداً على الروابط الاستراتيجية. لكن مساعدين للرئيس الأميركي يقولون إنه سيواصل الضغط على نتانياهو حتى يتخذ خطوات لإبقاء إمكان تنفيذ حل الدولتين قائماً في أي مفاوضات مع الفلسطينيين في المستقبل. وقال مسؤول أميركي كبير قبل الاجتماع: «أوضح الرئيس أننا لن نحقق تسوية تقوم على حل الدولتين أثناء فترة إدارته. لقد قال علناً فعلاً انه لا يعتقد أن هذا سيحدث». أما نتانياهو الذي أثار حنق الإدارة الأميركية بخطابه الذي ألقاه في الكونغرس في آذار (مارس) بدعوة من «الجمهوريين» وعارض فيه الاتفاق مع إيران، فقال إن الوقت حان لتجاوز «الخلافات العائلية». وأضاف الشهر الماضي: «الآن علينا تقوية إسرائيل. وأرى أن هذه هي أفضل ضمانة للسلام». ورداً على سؤال عن الدور الإيراني خلال المحادثات بين أوباما ونتانياهو، قال المسؤول الأميركي الكبير: «انحسر الجدال في شأن إيران. نشعر بوضوح بأن الكونغرس طوى هذه الصفحة». وسعياً الى تعزيز المساعدات الأميركية الدفاعية لها، تقول إسرائيل إن تخفيف العقوبات الذي اتفقت القوى العالمية عليه مع إيران في تموز (يوليو) للحد من البرنامج النووي الإيراني سيسمح لطهران بزيادة الاستثمار في تطوير صواريخها ومضاعفة تمويل «حزب الله» وحركة «حماس». وتحصل إسرائيل الآن على 3.1 بليون دولار من الولاياتالمتحدة سنوياً. وقال مسؤولون في الكونغرس لوكالة «رويترز» إن إسرائيل ترغب في مضاعفة المبلغ إلى خمسة بلايين دولار سنوياً لمدة عشر سنوات، ليصبح إجمالي ما تحصل عليه خلال هذه الفترة 50 بليون دولار. وأحجم ناطق باسم الحكومة الإسرائيلية عن الإدلاء بتفاصيل عن المحادثات الخاصة بمساعدات الدفاع، لكن مسؤولاً أميركياً توقّع أن يتفق الجانبان في النهاية على مبلغ سنوي بين أربعة وخمسة بلايين دولار. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن زيارة نتانياهو لن تتضمن التوقيع على اتفاق جديد في شأن المساعدات، لكن الزعيمين «سيباركان» في شكل ما إجراء مفاوضات خاصة بمذكرة تفاهم. وبموجب مذكرة التفاهم قد تسعى إسرائيل الى زيادة طلب الحصول على 50 طائرة مقاتلة من طراز «إف- 35» من المقرر أن يبدأ تسليمها العام المقبل. وستكون إسرائيل هي الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تملك هذه الطائرة. وقد تعيد إسرائيل النظر في خططها لشراء طائرات «في-22 أوسبري» التي تصنعها شركة «بوينغ» ووحدة الطائرات الهليكوبتر في شركة «تكسترون». ويقر مسؤولون أميركيون بأن بعض المنغصات في العلاقات مع إسرائيل ستظل قائمة، على الأرجح، خصوصاً إذا لم تتغير التشكيلة اليمينية الحالية لحكومة نتانياهو، ومع استمرار تشكيك بعض وزرائها في حل الدولتين. واستاء أوباما على نحو خاص من تعهد نتانياهو في أوج حملة صعبة لإعادة انتخابه هذا العام بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية أثناء وجوده على رأس السلطة في إسرائيل. وحتى عندما تراجع نتانياهو وأكد أنه لا تراجع عن السياسة التي تتبعها إسرائيل منذ وقت طويل، لم يقتنع البيت الأبيض. لذا فإن أوباما الذي يكاد يكون الصراع السوري قد خيّم تماماً على أجندته لمنطقة الشرق الأوسط، ما زال يسعى الى أن يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي مجدداً أثناء زيارته واشنطن التزامه حل الدولتين مع الفلسطينيين. وعن عودة الدفء الى العلاقات بين الزعيمين في العام الأخير من حكم اوباما، قال المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ديفيد ماكوفسكي: «من غير المرجح مع اقتراب الإدارة من عامها الأخير، إعادة ضبط العلاقات الثنائية في شكل كامل». لكنه أضاف: «لا أوباما ولا نتانياهو يرغبان في لقاء عاصف آخر». وفي الوقت الحالي يريد المسؤولون الأميركيون أن يتفادى نتانياهو الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل كتلك التي قال فيها اخيراً إن المحرقة النازية (الهولوكوست) وقعت بإيعاز من مفتي القدس الشيخ أمين الحسيني في ذلك الوقت. ويلقي نتانياهو أثناء زيارته التي تستمر ثلاثة أيام، كلمة أمام جماعة أميركية يهودية، وسيتحدث إلى مؤسسات بحثية محافظة وليبرالية. وفيما يستعد نتانياهو لبدء زيارته، أثار الجدل في شأن تعيينه ران باراتز (42 سنة) مستشاراً إعلامياً جديداً له، الغضب في واشنطن وفي داخل إسرائيل. وكانت تعليقات لباراتز على وسائل التواصل الاجتماعي اتهمت أوباما بمعاداة السامية، وأشارت أخرى إلى أن قدرات وزير الخارجية الأميركي جون كيري العقلية هي قدرات مراهق في الثانية عشرة من عمره. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن كيري تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس وفهم أنه «سيعيد النظر» في تعيين باراتز بعد محادثاته في البيت الأبيض. لكن نتانياهو الذي قال إنه لم يكن على دراية بتعليقات باراتز على موقع «فايسبوك» ومقالاته الإلكترونية، والتي نشرت قبل إعلان تعيينه في المنصب، رفض هذا التفسير، وكتب يقول: «لم أقل إنني سأعيد النظر في تعيين باراتز بل إنني سأبحث الأمر عندما أعود».