أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم (الأربعاء) محادثات مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال زيارة تستمر يومين الى الصين، في مسعى الى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين بكينوأنقرة رغم التوتر الشديد حول اقلية الأويغور المسلمة الناطقة بالتركية. وتأتي الزيارة ايضاً غداة حصول تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي على "تضامن قوي" من قبل الحلف في هجومها ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، وضد قواعد ل "حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق. واستقبل بينغ اردوغان خارج قاعة الشعب الكبرى في بكين، حيث رحب حرس الشرف العسكري بالزعيمين قبل دخولهما المبنى المزخرف للاجتماع. وقال اردوغان "في الوقت الحاضر نحن نتحرك في اتجاه بناء يعزز علاقة التعاون الإستراتيجية بيننا". وأكد بينغ ان زيارات اردوغان الثلاث للصين بصفته رئيساً للوزراء ورئيساً للجمهورية أظهرت أنه كان ملتزماً العلاقات الصينية - التركية". وأكد دعوته الدائمة لبناء علاقات استراتيجية بين البلدين. وكانت تركيا بدأت في العام 2013 محادثات مع شركة حكومية صينية على أمل بتوقيع عقد لشراء نظام دفاع جوي بقيمة 3.4 بليون دولار، لكن من دون أن تؤدي المحادثات الى توقيع اتفاق نهائي. وقال اردوغان لوكالة "انباء الصين الجديدة"، إن محادثاته في بكين ستشمل عقد الصواريخ، وأضاف في مقابلة نشرت اليوم "نحن نرحب بأي عرض من شأنه دفع المحادثات قدماً". وتابع "اعتقد ان هذه الزيارة من شأنها تعزيز العلاقات الثنائية" بين البلدين. وأكد حلف شمال الأطلسي أمس دعمه أنقرة في محاربة "الإرهاب" خلال اجتماع طارئ في بروكسل، رغم تعبير بعض الدول عن قلقها من ان تؤدي الضربات على المقاتلين الأكراد الى تقويض عملية السلام مع المتمردين، الذين يقاتلون بدورهم المتطرفين. وكانت تركيا وسعت نطاق العملية العسكرية التي تشنها عبر الحدود ضد المتطرفين والمتمردين الأكراد في أعقاب هجمات دامية في أراضيها. وسيلقي الخلاف بين البلدين حول الأويغور الذين يقيمون في اقليم شينجيانغ بظلاله على الزيارة، إذ يندد الأويغور بالاضطهاد الديني والثقافي الذي يتعرضون له في الصين. في المقابل، تحمل السلطات في بكين الأويغور مسؤولية أعمال العنف في شينجيانغ وأعربت انقرة مراراً عن قلقها ازاء المعاملة التي تتلقاها هذه الأقلية بأيدي السلطات. وكان اردوغان اتهم بكين في العام 2009 بارتكاب "ما يشبه الإبادة" في الإقليم، ومن المرجح ان يزيد التباين في وجهات النظر بين بكينوأنقرة من تعقيد المحادثات بين المسؤولين، فيما تنسب بكين دائماً أعمال العنف الدامية في الإقليم الى "مجموعات ارهابية" و"متطرفة". وفي مطلع تموز (يوليو)، استدعت انقرة السفير الصيني للتنديد بالقيود التي تفرضها على حد قولها بكين على الأويغور خلال شهر رمضان وهو ما نفته الصين، واستقبلت تركيا آنذاك قرابة 170 من اللاجئين الأويغور الذين هربوا من الصين مروراً بتايلاند. إلا أن بانكوك أعادت قرابة مئة آخرين الى الصين ما اثار تظاهرات احتجاج في تركيا. واعتقل في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2014 في تايلاند أكثر من 300 من الأويغور الصينيين الذين كانوا يحملون جوازات سفر مزيفة، بعدما هربوا من بلادهم. واقتحم متظاهرون أتراك قنصلية تايلاند في اسطنبول وأحرقوا العلم الصيني أمام القنصلية الصينية في المدينة، وهو ما نددت به بكين "بشدة". وقبل ذلك، تعرض مطعم صيني معروف في اسطنبول لهجوم، كما اعتدى متظاهرون اتراك على مجموعة من السياح الكوريين الجنوبيين في وسط اسطنبول بعدما اعتقدوا انهم صينيون. وكتبت صحيفة "تشاينا ديلي" الحكومية الصينية اليوم أن "مسالة الأويغور اذا لم يتم حلها فستؤدي الى تسميم العلاقات وعرقلة التعاون". ولمحت الى ان بكين ستضغط على اردوغان ليمنع المسؤولين الأتراك من منح الأويغور "الذين غادروا الصين في شكل غير قانوني" وثائق سفر. وأشارت نشرة الأخبار المسائية في التلفزيون الرسمي الى أن اردوغان قال لبينغ إن تركيا ايضاً ضحية للإرهاب. وشنت السلطات الصينية حملات في شينجيانغ ضد ارتداء الحجاب، واللباس الإسلامي من قبل النساء واللحية للرجال، كما منعت الموظفين المدنيين والطلاب والمعلمين من الصيام خلال شهر رمضان. ومن المرجح ان يكون تعزيز الصادرات التركية الى الصين ضمن المواضيع التي سيبحثها اردوغان، اذ تعاني بلاده من عجز تجاري كبير ازاء الاقتصاد الثاني في العالم، وفق ارقام رسمية صينية. وقال اردوغان لرئيس الوزراء الصيني لي كيتشيانغ "اعتقد ان كل الاتفاقات التي سنوقعها ستجعل من هذه الزيارة الأهم منذ انشأنا علاقات التعاون الإستراتيجي".