تعدّ المراكز الثقافية حاضنة وداعمة للمشروعات الفكرية والإبداعية، والتي تكون دائماً بحاجة إلى المساندة التنموية، التي تقوم هي الأخرى بدورها في استخلاص تلك الأفكار الخلاقة وتشّييدها بأسس صلبة وصحيحة تعزّز من خلالها المفهوم الثقافي لدى الجيل الناشيء، فالاستثمار الفكري وتطلعاته هو الإستثمار الحقيقي و الذي يجب أن تدركه بعض العقول، التي تهرول دوماً للجم صوت العقل الهاوي للابتكار، لكونها تفشل في مجارته أو اللحاق به . إستناداً على بعض الأحداث المفرحة مؤخراً، راودتني فكرة، إلى أن أوقعتني في شباكها لأدونها مقالة، هنا في مساحتي الصغيرة، ربما تتجسّد وننعم بها في واقعنا ، لأن الأمور العظيمة دائما تبدأ بفكرة، فكانت فكرتي هي غرس مراكز ثقافية غير ربحية في كل حي من أحياء المدن، نشكِّل بها صورة حضارية وثقافية وتطور مشهود، لاسيما إذا احتوت تلك المراكز على مسارح مجتمعية تحفيزية ومعارض فنية، وتعيين مختصين لتنقيب و اكتشاف المواهب والفنون المدفونة، و تنميتها وفق منهجية مدروسة وواضحة، ويتم في كل عام جني الثمار، و تخرج دفعة جديدة من الكتاب والرسامين والمبتكرين وغيرهم من الموهبين والمثقفين، إلى جانب الخدمات الأخرى المتوفرة حالياً من الحدائق و الترفيه والمطاعم والمقاهي، في ظل إمكانية تحقيق تلك الفكرة، ستُفتح أبواب جديدة نحو مستقبل مشرق، ومثر بالإنجازات، تتغير معه معالم خارطة الأحياء، وتتراوح التصنيفات فيما بين الارتقاء من المتوسط، إلى التصنيف النموذجي والمتقدم، و يتم خلق آفاق جديدة لمجتمع حيوي وبيئة إيجابية فريدة، وهذه من ضمن الركائز والمحاور التي تتسق وتتكامل لتحقيق رؤية بلادنا . و للإنصاف، هناك بعض المراكز الثقافية في الأحياء النموذجية المقتصرة برامجها على الأنشطة البدنية والحركية، والتي من المفترض بأن تكون أسعارها رمزية، إلا أنها باتت تنافس المراكز التجارية والربحية، وهذا مايسبِّب عائقاً لبعض الأسر والمرتادين، ويوجد أيضاً بعض المركز الثقافية الخيرية، والتي تقدم برامجها وأنشطتها بشكل احترافي ومدروس، لكنها لاتتسع ولاتستطيع أن تخدم مجتمعاً أو مدينة بأكملها . إن التفاتة معالي المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة لترفيه مؤخراً، و إطلاقه لجائزة القلم الذهبي، هي ما ألهمتني بتلك الفكرة، لعلّ التفاتته القادمة، تكون بمثابة تيار ينقل أفكارنا للواقع الملموس.