أشعلت قضية قيادة المرأة للسيارة اللقاء السابع للخطاب الثقافي السعودي، فبالرغم من أنه حمل عنواناً مثيراً للجدل، بمسمى "التصنيفات الفكرية وأثرها على الخطاب الثقافي"، إلا أنه سرعان ما وجد المشاركون في الحوار سبيلاً نحو مناقشة الموضوع، فيما برزت دعوات لسن قوانين الكفيلة بحماية المتضررين من التصنيفات الفكرية والقذف. واحتضنت قاعة الخزامى بالرياض أولى الجلسات للحوار الوطني في دورته السابعة مساء أمس، والذي افتتحه نائب اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور راشد بن راجح الشريف، مشيراً إلى أن الوحدة الوطنية ليست محل نقاش تقبل إعادة النظر فيه، داعياً إلى أن يكون النقاش بصوت هادئ، بعيدا عن الشخصنة، والسباب والشتم، واختتم كلمته بدعوته ألا يكون الهدف من الحوار الانتصار على الطرف الآخر. وفي كلمته قال الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر إن هذا اللقاء يأتي كسائر لقاءات الخطاب الثقافي السعودي التي يقيمها المركز، إدراكا لدوره في تشكيل الهوية الوطنية، واستلهام الثوابت الدينية والوطنية، وترسيخ أسس الوحدة الوطنية انطلاقاً من ثوابتنا الشرعية والوطنية. وأضاف ابن معمر أن عهد خادم الحرمين الشريفين شهد انطلاق أكبر مشروع للاستثمار في الإنسان، ووضعت الخطط الاقتصادية والعلمية والتعليمية العملاقة، وذلك لكي تتبوأ المملكة موقعها الذي يتناسب مع أهميتها الدينية والسياسية والاقتصادية، وهو ما أسهم في إيجاد تحولات حضارية تطرح مسألة القديم والجديد دائما، وتطرح مسألة الأصالة والمعاصرة، ومسألة التقاليد والقيم الجديدة، لافتاً إلى أنه من الطبيعي أن تكون هناك آراء مختلفة، وأفكار متباينة، وتصورات تنظر بمناظير متعددة لكيفية التعامل مع الآخر أو التعايش معه، أيا كان ذلك الآخر محليا أو دوليا، أو التعاون من أجل صنع حالة من الوئام والتحاور والتواصل. الكاتب في صحيفة الجزيرة جاسر الحربش أشار إلى أن الميدان الشعبي هو المكان الأنسب لمارسة الحوار الفكري، فيما ذكرت الكاتبة في ذات الصحيفة، الدكتورة فاطمة العتيبي أن التصنيف الفكري مبني أساساً على محددات دينية ومذهبية، وليس له علاقة بالفكر، مستدلة على ذلك بقضية قيادة المرأة للسيارة، والتي صنفت الأشخاص على أساس موقعهم من القضية، وذهب الدكتور محمد النفيسي إلى أن هذه القضية أفرزت دلالات على أن لدينا مشكلة في التعاطي مع الحوارات المتعلقة بالمرأة، في حين ذكرت عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة الجازي الشبيكي أن التصنيفات المناطقية طغت على التصنيفات الدينية، ونادت بعودة الوسطية بدلاً من التصنيف على أساس الالتزام الديني وعدم الالتزام. ويبدو أن المداخلات استفزت عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور أحمد نافع مورعي، الذي شددعلى أنه لكل بلد أنظمته الخاصة، ولا ينبغي لأحد أن يجاهر بمخالفة الأنظمة واستفزاز المجتمع. رئيس تحرير صحيفة الشرق جاسر الجاسر، اتفق مع الطرح الذي يرى أن بداية التصنيف الفكري في المملكة، تعود إلى عهد الثمانينات الميلادية، مطالباً بسن قوانين تجرم القذف، والتصنيف على أساس عنصري، وفكري، وتحمي من يتعرضون لذلك. واعترض الزميل الإعلامي والشاعر أحمد التيهاني على تخصيص الجلسة لمناقشة التعريفات والحدود المتعلقة بالتصنيف، وأنكر أن يكون التصنيف مرتبطاً بالتنوع الفكري، مخالفاً بذلك عدة آراء جاءت بهذا الطرح، ولفت إلى أن هناك من يستفيد سياسياً مع عملية التصنيف، إذ يعتبرها نوعا من التهيئة السياسية لخلق الأتباع والمناصرين، بينما رأى المحامي الدكتور محمد المشوح أن التصنيفات الفكرية دخلت إلى المملكة من دول مجاورة.