إن المنشآت تعتمد في تحقيق أهدافها على إبداع وابتكار موظفيها في مجالهم ليتسنى لها منافسة رصيفاتها الأخريات في السوق ومواكبة كافة المستجدات ذات الصلة بأنشطتها لتكون رائدة في مجالها، لذا فإن المنشآت بحاجة إلى موظفين مبدعين قادرين على التفكير خارج الصندوق ورفد منشآتهم بمقترحات ورؤى جديدة كفيلة بتطوير نشاطها وتحقيق أهدافها. إن ربط الترقيات والمكافآت داخل بعض المنشآت بمؤشرات قياس أداء خاصة ، يفضي إلى عدة نتائج سلبية في المنشأة كالإنصراف عن الأهداف الكبيرة المرسومة للمنشأة وانصباب اهتمام الموظفين على أهداف ذاتية ضيقة لاستدامة وظائفهم أو حرصهم على حصولهم لترقيات أو زيادات في الراتب، حيث يكرّسون كل جهودهم لتلبية تلك المقاييس خصماً على الأهداف الكبرى للمنشأة إلى جانب التكلفة المادية وعنصر الوقت الذي يهدره أولئك المكلفون بتلك العملية التي تتم في بعض المنشآت في ظل عدم وجود معايير موضوعية للوصول إلى معلومات دقيقة لتقييم الموظفين وضعف الأنظمة المتبعة في ذلك والميل إلى المعايير الشخصية غير الموضوعية وغياب التخطيط وعدم تبسيط الإجراءات المتصلة بتطبيق نظام التقييم والبطء في عملية التغذية العكسية وعدم الحيادية في عملية التقييم وغياب المؤشرات الشفّافة التي توضح تنفيذ الأهداف وغيره. ومتى تم الإعتماد في تقييم الموظفين على مقاييس أداء نمطية محددة غير موضوعية، فإن ذلك يشكل قتلاً لعملية الإبتكار والإبداع في العمل، كما أن مكافأة الموظفين على ضوء تلك المقاييس القاصرة ،يؤثّر في الهدف الواحد المشترك لجميع الموظفين في المنشأة ويحدث شرخاً في روابطهم الإجتماعية التي توفر بيئة ملائمة للتعاون والتفاعل بينهم، بجانب أن تركيز الموظفين في المنشأة على الإيفاء بمتطلبات حزمة محددة من مؤشرات قياس الأداء والأهداف المحدودة التي يرسمها آخرون ولا تمت بصلة عن طبيعة الأعمال الفعلية التي يقومون بها، ينال من ابتكارهم وإبداعهم وبالتالي يؤثر في أدائهم وإنتاجيتهم، فضلاً على أن مقاييس الأداء تتم في بعض المنشآت في ظل غياب الدافع الذهني للموظفين وانتفاء عنصر الإبداع والتفكير الهادف إلى التطوير والتجديد، وبذلك تتم محاصرة الريادة والإبتكار جراء الإهتمام الزائد بتلك المؤشرات ممّا يعيق انطلاقة المنشآت في أنشطتها ويدفع الموظفين المبدعين إلى التحلّل من ثقافة العمل المحكوم بالمقاييس غير الناجعة، بل ومغادرة تلك المنشآت. وأخلص إلى أنه ينبغي وضع مؤشرات لقياس الإبتكار والإبداع في المنشأة جنباً إلى جنب مع مؤشرات قياس أداء الموظفين المتبعة، كما ينبغي أن توفر المنشأة بيئة تتقبل إبداعات موظفيها، حيث لا يتأتى الإبداع وسط بيئة ترفض الجديد المبتكر، وحري بإدارة المنشأة أن تتبنّى تشّجيع وتحّفيز الموظفين لديها على عملية الإبداع والإبتكار وحلّ كافة المشاكل التي تواجههم وإلغاء كافة الأسس والمعايير غير الناجعة التي تقف في طريق إبتكارهم وإبداعهم . باحثة وكاتبة سعودية