يمضي احتقان الشارع السوداني بوتيرة متصاعدة، إذ يصر محتجون على حل الحكومة وتكوين أخرى من الكفاءات، بينما يسعى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لرأب الصدع بين مكونات الحكم والشارع المنقسم على اتجاهين، فمنهم المتواجدون في "اعتصام القصر"، ومنهم الداعمون للانتقال المدني الديموقراطي، ويحشدون لمسيرة مليونية تعم كل شوارع العاصمة غدا (الخميس)، تطلب تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، وبين هذا وذاك يظل الوضع غير مطمئناً، لذلك شكل حمدوك "خلية أزمة" لوقف التصعيد من جميع الأطراف، وإنهاء حالة الاحتقان، والتوحد نحو هدف واحد، وهو العبور للانتقال الديموقراطي. وبينما يستمر الاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء والقصر الرئاسي في الخرطوم، أكدت وزارة الداخلية السودانية أمس (الثلاثاء)، أن من واجبها حماية مؤسسات الدولة، مشددة على أن ما قامت به الشرطة الاثنين الماضي بالتصدي للمعتصمين المتجهين إلى مجلس الوزراء يأتي ضمن واجباتها، نافية ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي عن أنها تلقت اتصالاً هاتفياً من مكتب رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، يطلب عدم التعرض للمعتصمين المتجهين نحو مجلس الوزراء، الذي شدد عقب جلسة طارئة على أهمية أن تنأى جميع الأطراف عن التصعيد والتصعيد المُضاد، وأن يُعلي الجميع المصلحة العُليا لمواطني الشعب السوداني والسودان، كما قرر المجلس تشكيل "خلية أزمة"، برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وتضم اثنين من العسكريين واثنين من كل جانب، (تجمع) الحرية والتغيير والمجموعة المنشقة عنه التي تطالب بحل الحكومة. من جهته، دعا تجمع المهنيين السودانيين إلى تشكيل مجلس تشريعي ثوري يمثل فيه كافة قوى الثورة، وتسليم السلطة للمدنيين في البلاد، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية فورا.وفي ظل الوضع الراهن بالخرطوم، ربطت الولاياتالمتحدةالأمريكية، تقديم أي مساعدات عسكرية للسودان بموافقة الحكومة المدنية، ثم حددت ثلاث مجالات رئيسية لمنح هذا الدعم، وهي: تدريب الجيش المهني، وإصلاح الأجهزة الأمنية، ودعم متطلبات الترتيبات الأمنية المتعلقة باتفاق السلام السوداني الموقع في أكتوبر الماضي، كما تم تحديد هذه الشروط في مراجعة محدثة أجرتها لجنة في الكونغرس، حول شبكة الإمداد الأمريكية. ومع قرب موعد تسليم سلطة مجلس السيادة للمدنيين الشهر المقبل؛ دعت الولاياتالمتحدة ودول الترويكا جميع الأطراف السودانية إلى احترام الوثيقة الدستورية الموقعة بين المدنيين والعسكريين وضمان الالتزام بالتحول المدني واستكمال هياكل السلطة. ويتوقع وصول وفد دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى إلى الخرطوم، الأسبوع الحالي، لبحث الأزمة الحالية في البلاد، إذ يترقب الجميع زيارة المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، إلى الخرطوم في غمرة أزمة سياسية تعصف بالسودان وتهدد انتقاله، وفقا لما نقله موقع "إكسيوس" الأمريكي عن مصدرين لم يسمهما، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تقف مع الانتقال المدني الديموقراطي.