عندما نتحدث عن مجتمع كامل وفاعل وبناء فإننا بكل تأكيد سوف نرتكز على الأساسين المُهمين فيه والمكملين لبعضهما البعض ألا وهما "الرجل والمرأة". ولا ينكر دور أحدهما في بناء هذا المجتمع والأخذ بيده للمضي قدماً نحو مستقبل باهر وعظيم إلا ناقص لا يعرف حق الآخر ولا يقدره دون أدنى شك. وما حدث من خلاف مخز وإشكال لمكان جلوس المنتخبات بعد الاجتماع الأول للمجلس البلدي في جدة هو مهزلة بكل المقاييس ، فهل من المعقول أن تحصل كل هذه الفوضى والمشادات الكلامية بين الطرفين ليفصل مكان جلوس السيدات في مكاتب خلف حائط زجاجي (بارتيشن) يحجبهن عن طاولة الاجتماع الرئيسية التي يجلس عليها الرجال ؟!. ألا توجد أفكار تنموية بناءة أولى بنقاشها ومشاكل أخرى أولى بإيجاد الحلول لها غير فصل النساء عن كل شيء وعن كل مكان يتواجدن فيه في مجتمعنا ؟! فالنساء شقائق الرجال وبهن تبنى المجتمعات وتتكاثر فارجوكم كفوا عن وأد المرأة ومحاولة إلغاء كيانها ووجودها لخزعبلات وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان ولا أقرها عاقل. ولأن الذكرى تنفع المؤمنين نحن حريصون كل الحرص أن نذكر دائماً بمناسبة وغير مناسبة حتى يفهم ويدرك من (في قلبه مرض) قيمة المرأة وأهميتها في الدين والعرف والمجتمع وعلى من لا يجيد فهم تلك المسائل والأمور الرجوع مشكوراً إلى الكتاب والسنة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي المجيد والذي كان فيه للمرأة بصمة واضحة في شتى مجالات الحياة ، عل وعسى أن تمحى تلك النظرة (الجاهلية) لصورة المرأة في أذهان الكثيرين المشككين في قيمتها وقدرها وأهليتها لبناء المجتمعات وتربية الأبناء وإعداد الأجيال القادمة بصورة لائقة ومشرفة. المرأة هي نصف المجتمع المهم شاء من شاء وأبى من أبى ، ولا تنسى يا عزيزي الرجل أنك قد خُلقت وتكونت من (رَحم أنثى) كرمها الله وجعل رضاها مرتبطا برضاه ووضع الجنة تحت أقدامها ، المرأة هي أمك وأختك وزوجتك وابنتك فاحسن التعامل معها ولا تنقص من قدرها فينتقص قدرك كرجل سوي. ولذا أود أن أقول لكل من يحاول أن يهمش المرأة ويقصيها أن يكف عن ذلك ولا يخوض معركة (ذات البارتيشن) فيخرج منها خاسراً لعدة أمور أهمها نظرة المجتمع له كإنسان عاقل كامل الأهلية واذا لم تعجبك مشاركتها أو مكان جلوسها فشارك (وقوفاً) يا أخي ودع النساء يشاركن ويعملن بسلام من باب (الجنتلة) على الأقل. وأما اذا كنت (جنتل) بالفطرة فتحياتي لك هذا المقال لا يعنيك في شيء لأنك حتماً سوف تضع كل من تستحق الاحترام والتقدير فوق رأسك بل وستفخر بها كما يفتخر الرجال بأمهاتهن ونسائهن. وبعد كل ما سبق ؛ أود الإشارة بأنني قد كتبت هذا المقال وأنا جالسة ومُتربعة (فوق مكتبي) تضامناً مع جميع نساء بلادي ، فلا يهم أين تجلس المرأة لتُبدع ، فوق الطاولة أو حتى تحتها المرأة عظيمة في كل الأحوال وكل الأماكن والأزمان ولو لم تكن كذلك لما كرمها الله ورفع من شأنها. وختاماً أطلب أغنية (البنات البنات ألطف الكائنات) وأهديها لجميع نساء العالم .. كنترول كرر. المجد لنساء بلادي ولا عزاء للحاقدين.