تواصل احتفال النادي الأدبي بالرياض بمرور أربعين عامًا على إنشائه بإقامة ثلاث ندوات، تضاف إلى الندوة الأولى التي عُقدت في يوم الافتتاح عن جهود الأمير فيصل بن فهد في خدمة الثقافة. الندوة الأولى بعنوان "ندوة النادي وخدمة المجتمع"، وشارك فيها كل من الأستاذ عبدالرحمن الجاسر والأستاذ حمد الراشد والأستاذ صالح الخليفة والأستاذة أبرار الجارد، وبدأت بترحيب مدير الندوة الأستاذ سامي الفليّح بالضيوف والمشاركين في الندوة وبدأ الأستاذ حمد الراشد بالحديث عن فكرة تأسيس (الحلقة الفلسفية) بالنادي فقال: في النصف الثاني من عام 2008م انبثقت فكرة تأسيس نشاط يمثل الفكر الفلسفي، وهذه الفكرة كانت على يد مجموعة من المثقفين والباحثين والكتاب، وقد اختير اسم لهذا النشاط، وهو "حلقة الرياض الفلسفية"، وبعد أشهر من التأسيس جاءت موافقة وزارة الثقافة والإعلام مما كان له أبلغ الأثر في دفع النشاط إلى الأمام وتحفيزنا لكي نقدم أكثر، والفكرة والاختيار هما بهدف إعادة التفلسف ودعم الحراك الفلسفي بوصفه جزءا مهما من منظومة الثقافة والفكر بعد أن شهدت الفلسفة إقصاء ملحوظا في وطننا خاصة وفي العالم العربي عامة لفترة طويلة من الزمن، وهذا الغياب للفلسفة حدث مؤخرا بالرغم من أن العرب كانوا متصدرين العالم في الإنجاز العلمي والفلسفي والفكري، وبعد ذلك حصلت انتكاسة في الفلسفة والتفكير الفلسفي وأدت تلك الانتكاسة إلى تهميش قيمة الفرد والإنسان والعقل في مختلف مناحي الحياة مما نتج عنه بروز مظاهر الجهل والانغلاق والتعصب .وقد تنوعت أعمال الحلقة الفلسفية فكانت في بدايتها تركز على موضوعات فلسفية ومعرفية خاصة ربما تعد نخبوية ثم قدمت بعد ذلك موضوعات مختلفة عن نظريات ومفاهيم وإشكالات فلسفية، وفي الأعوام الثلاثة الأخيرة حاولنا أن نتصل أكثر بقضايا الواقع واهتمامات المجتمع، وعقب ذلك أتيحت الفرصة للضيوف لتقديم ما لديهم من تجارب ومشاركات لتحقيق نوع من التواصل المباشر مع المجتمع الثقافي ومراعاة لأهمية التوثيق ونشر منجزات حلقة الرياض الفلسفية. وقد طبع النادي إصدارين لأعمال الحلقة حتى الآن، وكلا الإصدارين بعنوان (أوراق فلسفية)، وهما يمثلان الأعمال التي قدمت. تلا ذلك مشاركة الأستاذ صالح الخليفة ألقتها نيابة عنه زينب الخضيري بالحديث عن النادي التشكيلي وبينت في الورقة أنها فرصة بهذه المناسبة أن نعطي فكرة عن رسالة النادي التشكيلي نحو المجتمع، وما نتاج شراكة النادي الأدبي مع النادي التشكيلي إلا خدمة للمجتمع إذ بادر النادي الأدبي منذ مدة نحو المجتمع محدثاً نقلة نوعية منذ تأسيسه ..وفتح شراكات مع جميع مجالات الثقافة ومنها الفنون البصرية ، والنادي التشكيلي من أهم رسالاته وأهدافه هي خدمة المجتمع. عقب ذلك تحدث أمين منتدى الشباب الإبداعي الأستاذ عبدالرحمن الجاسر في ورقته التي تحمل عنوان "النادي وخدمة الشباب: منتدى الشباب الإبداعي نموذجاً"، وقال: إن الحديث عن مسؤولية الأندية تجاه المجتمع وتقريب الثقافة الفصيحة للمتلقي بعيداً عن النخبوية وكف استطاع نادي الرياض الخروج من عزلة النمط إلى الاقتراب أكثر نحو المتلقي بكافة أطيافه وطبقاته وكيف استطاع النادي القيام بخدمة الشباب ورعايتهم من خلال عدد من المبادرات مثل الكتاب الأول والنادي الطلابي والمسابقات الشعرية والمبادرات التي يستضيفها النادي من خلال ما يقدمه الرواد كالإثنينية التي يقدمها الدكتور سعد البازعي، ثم تحدث عن الفكرة والانطلاقة والدور والنجاح الذي حققه المنتدى خلال عام ونصف العام. بعد ذلك ألقت أبرار الجارد ورقتها عن نادي القراءة، وقالت: لأننا نواجه مشكلة في الحديث عن الكتب بحياتنا العامة ونواجه مشكلة في ايجاد ناس تستمتع بهذا الحديث، فاجتماعنا نعده متنفساً لأفكارنا نتبادل الأفكار ونناقش الكتب بدون مانسمع كلمة بلا فلسفة إلا غالبا نسمعها من أصدقائنا وأقاربنا. وقد بدأت فكرة المجموعة عام 2011م طرحتها الأستاذة ريهام الربعي بمساعدة من الأستاذ مروان المعيوف، وبدأت الفكرة باجتماع مجموعه من السيدات للنقاش حول كتاب يتم الاتفاق عليه شهريا بعد اكتمال العدد المطلوب، ومع قلة الحضور فإننا استمررنا ولكن لكثرة مجموعات القراءة وقلة العدد تم الاتفاق أن تكون حلقة نقاش مفتوحة للجميع بلا استثناء ، كي لا نقتصر على فئة معينة وحتى يكون هناك فرصة لمن لديهم مشكلة في الالتزام الشهري بالحضور متى ما تناسب معهم وسيتم اختيار الكتب المقترحه للنقاش . وفي الختام بدأت المداخلات وكرّم المشاركون في الندوة من قبل رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور عبدالله الحيدري . من جهة أخرى أقيمت ندوة بعنوان"نادي الرياض الأدبي: المنجز والمستقبل"، وتحدث فيها كل من: د.محمد الربيّع رئيس النادي سابقا، ود.سعد البازعي رئيس النادي سابقا، ود.صالح المحمود نائب رئيس النادي، وهدى الدغفق عضو مجلس إدارة النادي، وأدارتها الدكتوره هند المطيري. ورقة د.محمد الربيّع جاءت تحت عنوان "ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية:الطموح والإنجاز"، ومما قال: تحقّق للملتقى إيجابيات كثيرة من خلال دوراته الخمس، ومن ذلك: انتظام موعد انعقاده، فهو يعقد كل سنتين وفي وقت معروف لا يتغيّر كثيراً، وذلك بخلاف الكثير من مواعيد الملتقيات في الأندية الأدبية الأخرى، والدقة في تحديد الإطار العام لكل دورة إذ تدور جميع البحوث في فلك الموضوع المحدّد ولا تخرج عنه، في حين يلاحظ على كثير من ملتقيات الأندية عدم التقيّد بالموضوع المحدّد إن كان تحت تحديد دقيق، والمشاركة الفاعلة والمتميزة للباحثين السعوديين في كل دورة، فعدد بحوث الدورات الخمس هو (97) بحثاً شارك السعوديون ب (67) بحثاً علميا، إضافة إلى أن الباحثة السعودية شاركت في الدورات الخمس ب (22) بحثاً محكّماً، بالإضافة إلى إدارة الجلسات والمشاركة في نقد البحوث والتعليق عليها. بعد ذلك تحدث الدكتور سعد البازعي عن الاثنينية والملتقى الثقافي، وقال: بدأ نشاط الإثنينيّة عام 1412ه بدعم من النادي، وأضفى حراكا على مناشط النادي، وجاءت فرصة للشباب لإلقاء نصوصهم الشعرية والقصصية. وأضاف البازعي: دعم الأندية الأدبية لهذا اللون من الحوار يؤدي إلى شحذ الإبداع أكثر مما تفعل الدورات والمحاضرات. أما الملتقى الثقافي فقد استمر سنة ونصف، وهو يختلف عن الإثنينية إذ يستقطب النخبة من المهتمين بالفكر والثقافة. أما هدى الدغفق فقدمت ورقة بعنوان "المرأة والأندية الأدبية" وقالت: يمثل النادي الأدبي السعودي نموذجا فريدا للمؤسسة الثقافية المستدامة التي يفترض أن تفتح أبوابها وروافدها لكل فرد دون النظر إلى سنه أو نوعه أو انتماءاته المذهبية أو العرقية وهي الرسالة الفاضلة التي تبنتها بلادنا من خلال مؤسساتها الفكرية. وأشارت إلى أن هناك مسئولات ساهمن في تعزيز الدور الأدبي الفكري للمرأة السعودية من حيث الحرص على وجودها ومشاركتها في المناسبات الثقافية التي يقيمها النادي على مدار العام، ومن خلال إشراك المبدعات والمفكرات في الأمسيات والندوات الأدبية والمسابقات الإبداعية وغيره . كما عملت المثقفة /العضو في النادي الأدبي على شراكة المثقفة في تحكيم المؤلفات الأدبية قبل طباعتها وكتابة التقارير الخاصة ببعض لجان النادي التي ترأسنها وعرضها على الجمعية العمومية في مناسباتها السنوية. وجاءت الورقة الأخيرة في الندوة عن جائزة كتاب العام التي يتبناها النادي بالشراكة مع بنك الرياض منذ عام 1429ه، وقد قدم الورقة أمين عام الجائزة الدكتور صالح المحمود، وأوضح أن بذرة هذه الجائزة كانت من الدكتور محمد الربيّع والدكتور سعد البازعي، وأضاف لها الدكتور عبدالله الوشمي التخطيط المنهجي والمهندس لكل تفاصيل الجائزة من الترشيح إلى التمويل .وأضاف أن الجائزه تدعم الكتاب السعودي أيا كان مجاله، ومع استمرارية الجائزة عاما بعد عام، وانتظام دوراتها ترسخ مفهومها وأصبحت أكثر نضجا وصارت عاكسه لأهدافها ورسالتها التي تشمل جميع فروع الثقافة ومفهومها العام. واختتم المحمود ورقته قائلا: إن النادي حاليا يستعد لإقفال باب الترشيح للجائزة في دورتها السابعة إذ ينتهي وقت الترشيح بنهاية شهر ذي القعدة الحالي، بعدها ترفع لجنة التحكيم تقاريرها لمجلس الإدارة، ومن ثم يقر المجلس اسم الكتاب الفائز. وأما الندوة الثالثة والأخيرة فعنوانها "النادي في خدمة الإبداع والنقد"، وشارك فيها كل من: الدكتور هاجد الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بورقة عن اهتمام النادي بالشعر، والأستاذ خالد اليوسف بورقة تناولت اهتمام النادي بالسرد، والدكتور محمد القسومي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بورقة تناولت اهتمام النادي بالنقد، ونايف البقمي بورقة أرّخت لاهتمام النادي بالمسرح، وأدارها الإعلامي محمد عابس. الجدير بالذكر أن النادي استهل فعاليات ذكرى التأسيس بندوة عنوانها "جهود الأمير فيصل بن فهد في خدمة الثقافة"، وشارك فيها كل من: الشيخ أبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري (رئيس النادي سابقاً)، والأستاذ عبدالله الشهيل (المدير العام للأندية الأدبية سابقا)، والدكتور حسن بن فهد الهويمل (رئيس نادي القصيم الأدبي سابقاً)، وأدارها رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون الأستاذ سلطان بن عبدالرحمن البازعي. رؤساء النادي السابقون يستدعون الذكريات ويرون الاحتفال إنصافاً لجهود الرواد... ويشيدون بجهود المجلس الحالي. عبّر أربعة من رؤساء النادي الأدبي بالرياض السابقين عن سعادتهم الغامرة ببلوغ النادي أربعين عاماً حقّق خلالها منجزات مهمة، وأضفى حراكاً ملموساً في المشهد الثقافي، وأثنوا على جهود مجلس الإدارة الحالي لتنظيمهم هذا الحفل وتوثيق مسيرة النادي وتاريخه بأربعة كتب وثائقية رصينة. كما وجدوا هذا الاحتفال فرصة لاستدعاء الذكريات، وبث الهموم، وإثارة بعض القضايا التي تتعلق بمسيرة الأندية الأدبية بشكل عام. وقد تحدث في البداية الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيّع الذي رأس النادي في المدة من (14221426ه)، فقال: في عام 1395 أعلن الأمير فيصل بن فهد رحمه الله إنشاء المجموعة الأولى للأندية الأدبية، وكانت خطوة عظيمة اهتم بها الأمير فيصل، ثم مرت الأندية الأدبية بأطوار مختلفة أحيانا في قمة التوهج والعطاء وأحيانا قد يشوبها بعض الضعف، وتختلف من ناد إلى آخر، والأندية الأدبية لها خدمات جيدة للأدباء والمثقفين بالمملكة من حيث اطلاع الكتب وإقامة الندوات والأمسيات، واهتمت بالأدب: شعرا ونثر، وربما أهملت كثيرا جوانب أخرى كالمسرح والفنون التشكيلية؛ ولذلك يلاحظ الكثير المرحلة الأخيرة بصدور لائحة الانتخابات بشكل لا بأس به، والذي نخشاه التراجع عن فكرة الانتخابات ولو اعتراها بعض السلبيات يمكن معالجتها؛ ومن خلال هذا أتمنى أن يكون هناك إنشاء مركز ثقافي كبير، وهذا لا يعني إلغاء الأندية الأدبية بل تصبح من ضمن المركز الثقافي بحيث يكون هذا المجمع أو المركز يمثل جميع المناشط الأدبية والثقافية وأيضا مسرح ومكتبة كبيرة ومكتبة للطفل والرسم وأيضا من يريد أن يزور أي مدينة يستطيع زيارة المجمع الثقافي ويتعرف على جميع المناشط الثقافية والكتب والمسرحيات أتمنى ذلك وأخيرا نشكر رؤساء الأندية السابقة ليس لأني رئيس سابق ولكن على مابذلوه واجتهدوا من خلال رئاستهم وأعضائهم، وأبارك للنادي هذه الاحتفال الكبير الذي يأتي برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وسعدت جدا بتوثيق تاريخ النادي بأربعة كتب وثائقية رصينة.