يبدو أن الادارة الأمريكية اضطرت إلى التخلي عن ترددها وقررت الانخراط كليا في عملية ضد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، فبعد تصميمه على تشكيل تحالف دولي، أعلن أوباما أنه سيقدم "خطته للتحرك" ضد هذا التنظيم قريبا، وعقب قمة الناتو بدا مصممًا على القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأعلن أنه سيقدم الأربعاء المقبل "خطته للتحرك" ضد هذا التنظيم الإرهابي. أوباما جدد التشديد على مبدئه، أي عدم إرسال قوات أميركية برية إلى الخارج. الرئيس الأمريكي حرص أيضا على التذكير بتمايزه عن سلفه الجمهوري جورج بوش حين أكد على أنه لا ينوي إعادة شن هجمات "تماثل الحرب في العراق" عام 2003، وقال أوباما في مقابلة تلفزيونية: إن "المرحلة المقبلة الآن هي في الانتقال إلى نوع من الهجوم ... سألتقي زعماء الكونغرس الثلاثاء، وسألقي الأربعاء خطابا أشرح فيه ما ستكون عليه خطتنا للتحرك". وأكد أوباما، الذي تعرض لانتقادات شديدة حين قال: إن إدارته لا تملك إستراتيجية لمواجهة "داعش"، على أن تنظيم الدولة الإسلامية يمثل تهديدا بسبب طموحاته بالتوسع في العراق وسوريا، لكن الخبر السار الذي جاءنا من القمة الأخيرة للحلف الأطلسي هو أن المجتمع الدولي في مجمله يدرك أننا إزاء تهديد تتعين مجابهته"، والكلام للرئيس الأمريكي. دعم عربي وفيما أعلن وزير خارجيته جون كيري عن تشكيل "نواة تحالف" من عشر دول أطلسية لمواجهة داعش، فإن الدعم العربي لمساعيه بدا واضحًا أيضًا، ففي القاهرة، دعا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الأحد (السابع من أيلول/ سبتمبر 2014) خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب إلى تبني "موقف واضح وحاسم لمواجهة شاملة عسكرية وسياسية" للإرهاب المتمثل خاصة في تنظيم "الدولة الإسلامية"، وقال مصدر مسؤول بالجامعة: إن هناك قرارًا وزاريًا عربيًا "يتضمن التنسيق مع الولاياتالمتحدة الأميركية لمواجهة" هذا التنظيم الارهابي. وكانت بغداد سباقة إلى الترحيب بمساعي أوباما لتشكيل تحالف دولي لمواجهة خطر "الدولة الإسلامية"، وقال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي في الحكومة المنصرفة: "إننا نرحب بهذه الخطة"، مضيفا: إن بلاده دعت مرارًا شركاءها الدوليين لتقديم المساعدة والدعم لها لأن هذا التهديد بالغ الخطورة ... ليس لشعب العراق أو المنطقة فحسب، بل لأوروبا وأمريكا والحلف الأطلسي". واستدرك زيباري قائلا: "إنها معركتنا في النهاية.. لكننا بحاجة إلى دعم، فقدراتنا محدودة ونحن نحتاج إلى المساعدة لتعزيز هذه القدرات"، وتابع: "لا أحد يتحدث عن إرسال قوات برية في هذه المرحلة، هناك دعوة لدعم جوي وتكتيكي وتسليح القوات البرية مثل المقاتلين الأكراد (البشمركة) وقوات الأمن العراقية وأيضا لتأمين معلومات استخباراتية واستطلاعية". في غضون ذلك وسعت المقاتلات الأمريكية نطاق ضرباتها الجوية الأحد في العراق وشنت للمرة الأولى غارات في غرب البلاد مستهدفة مواقع تنظيم "داعش". بدورها، شنت القوات العراقية مدعومة بمقاتلي العشائر السنية عملية عسكرية على المناطق المحيطة بسد حديثة في غرب البلاد. وكانت واشنطن استهدفت حتى الآن فقط مواقع التنظيم في الشمال لمساعدة قوات البيشمركة والجيش العراقي في استعادة عدد من المواقع وخصوصا سد الموصل الإستراتيجي.وقالت القيادة الأمريكية الوسطى: "بطلب من حكومة العراق، هاجمت قوات الجيش الأمريكي إرهابيي داعش قرب حديثة في محافظة الأنبار، دعما للقوات الأمنية العراقية والعشائر السنية التي تقوم بحماية سد حديثة"، وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في بيان: "لقد نفذنا هذه الضربات لمنع الإرهابيين من ممارسة تهديد إضافي لأمن السد الذي يبقى تحت سيطرة القوات الأمنية العراقية بدعم من عشائر سنية"، وأصيب محافظ الأنبار أحمد خلف الدليمي بجروح بالغة إثر سقوط قذيفة هاون بالقرب منه خلال إشرافه على الهجوم الذي تشنه القوات العراقية في بلدة بروانة المجاورة لسد حديثة، وكان المحافظ قد صرح قبل إصابته: أن عملية تحرير المناطق الغربية بدأت (الأحد) بإسناد طائرات أمريكية. وفيما نجحت القوات العراقية في استعادة بلدة بروانة من مقاتلي داعش ورفعت العلم العراقي على نقطة التفتيش الرئيسية في البلدة، نجحت البيشمركة الكردية، بدعم من الغارات الأمريكية في استعادة السيطرة على جبل زرداق الإستراتيجي الذي يشرف على شرق الموصل، بحسب مسؤول. ويظهر توسيع نطاق الضربات الجوية عزم واشنطن على التصدي لتنظيم "داعش" الارهابي بعد أقل من ثلاثة أعوام على انسحاب القوات الأمريكية من العراق، فبالإضافة إلى الغارات، أرسلت واشنطن أسلحة إلى البيشمركة الكردية وأكثر من 800 مستشار عسكري وجندي لحماية الطواقم الأمريكية. بيد أن قطع رأسي الصحافيين الأميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف الذي تبناه التنظيم الإرهابي، زاد من موجة الاستنكار الواسعة في الغرب لممارساته وأعطى زخما أكبر للتحرك ضده.