خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    NHC تعزز وجهاتها العمرانية ب 23 مركزًا مجتمعياً بقيمة تتجاوز نصف مليار ريال    المملكة تسلّم الدفعة الثالثة من الدعم المالي لدولة فلسطين    الهلال يستأنف تدريباته وسالم يواصل العلاج    ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان تطور العلاقات بين البلدين    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    «الصندوق العقاري»: مليار ريال إجمالي قيمة التمويل العقاري المقدم لمستفيدي «سكني»    إطلاق 3 مشاريع لوجستية نوعية في جدة والدمام والمدينة المنورة    لاكروا: الأمم المتحدة ستعزز يونيفيل بعد التوصل لهدنة في لبنان    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    تبرعات السعوديين للحملة السعودية لإغاثة غزة تتجاوز 701 مليون ريال    رسميًا.. رانييري مدربًا لسعود عبد الحميد في روما    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    انطلاق فعاليات المؤتمر السعودي 16 لطب التخدير    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 43736 شهيدًا    وزير الإعلام يلتقي في بكين مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني    مركز الاتصال لشركة نجم الأفضل في تجربة العميل السعودية يستقبل أكثر من 3 مليون اتصال سنوياً    المروعي.. رئيسة للاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغا    الذهب يتراجع لأدنى مستوى في شهرين مع قوة الدولار والتركيز على البيانات الأمريكية    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    أمير الرياض يستقبل أمين المنطقة    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام بيع 100 مليون سهم في «stc»    اختتام مؤتمر شبكة الروابط العائلية للهلال الأحمر بالشرق الأدنى والأوسط    "دار وإعمار" و"NHC" توقعان اتفاقية لتطوير مراكز تجارية في ضاحية خزام لتعزيز جودة الحياة    ا"هيئة الإحصاء": معدل التضخم في المملكة يصل إلى 1.9 % في أكتوبر 2024    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    رقمنة الثقافة    الوطن    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    عصابات النسَّابة    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    استعادة التنوع الأحيائي    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    أجواء شتوية    المنتخب يخسر الفرج    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    الذاكرة.. وحاسة الشم    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تزامناً مع تكريم الاثنينية للأديب الكبير الوزير محمد سرور الصبان .. ابن القنفذة الذي أصبح رائداً للحركة الأدبية في الجزيرة العربية
نشر في البلاد يوم 07 - 04 - 2014

إعداد ورصد - شاكر عبدالعزيز- عبد الله صقر - محمد الفتيني / مركز المعلومات
اليوم نحن أمام قامة كبيرة من قامات مجتمعنا هؤلاء الرجال الذين وضعوا بصماتهم الواضحة في تقدم مجتمعنا ونموه في ظل الأوضاع المحدودة والدخل المتواضع، إلا أنهم عملوا باخلاص وتفاني مع مليكهم وقادتهم ليعبروا ببلادنا إلى بر الأمان .. مع واحد من الرجالات الكبيرة والهامات العالية، وأحد أدباء بلادنا المعدودين، اليوم تأخذ إثنينية الأستاذ عبدالمقصود محمد سعيد خوجة منحى جديداً في تكريم هؤلاء الشوامخ العظماء الذين تركوا بصمة واضحة لا يمكن أن ينكرها أحد .. اليوم يكرم رائد الأأدباء والمثقفين ابن القنقذة أول وزير دولة يتم تعينه بعد وفاة الملك عبدالعزيز واختاره الملك سعود وزيراً للمالية كما عينه الملك فيصل بن عبدالعزيز بعد تأسيس رابطة العالم الاسلامي - عين أميناً عاماً لها واستمر بها حتى وفاته .. اليوم نقدم هذه السيرة لأحد هؤلاء الرجالات والهامات الكبيرة في بلادنا.
محمد بن سرور الصبان (1898 م - 1971 م) رائد الأدباء والمثقفين في (مكة المكرمة) منذ عهد الهاشميين فقد ولد بالقنفذة سنة 1316ه ثم انتقلت أسرته إلى جدة عام 1320ه وتلقى في كتاتيبها الدروس العربية والشرعية وعندما جاءت الحرب العثمانية - الإيطالية انتقل مع أسرته إلى مكة وهناك دخل مدرسة الخياط القديمة ثم اشتغل مع والده في التجارة، وقد عين مبكراً كاتب يومية بإدارة بلدية مكة في عام 1336ه ثم رقي إلى وظيفة محاسب فرئيس كتاب وعندما آلت الأمور في هذا البلد إلى الملك عبدالعزيز آل سعود عينه رئيس كتاب بلدية مكة المكرمة في عام 1343ه ثم سكرتيراً للمجلس الأهلي وترقى في الوظائف الحكومية حتى عين وزيراً للمالية بعد وفاة الملك عبدالعزيز، وهي الوزارة التي أقام فيها مبادئ الليبرالية الاقتصادية تأثراً بالفكر الليبرالي المصري وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز عينه أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة سنة 1382ه 1962م كما أنشأ مكتبة ثقافية عامة في كل من مكة المكرمة وجدة.
يعتبر الصبّان من رواد وواضعي النوى الأولى لمؤسسات المجتمع المدني والتي تحققت فاعليتها، ودورها الرمزي، في استقلالها عن المؤسسة السياسية، كمظهر مدني حديث مثل:
جمعية الإسعاف الخيري : تأسست عام 1934م، والتي تعد نواة المؤسسات الثقافية والأدبية في المملكة، فضلاً عن دورها الصحي والاجتماعي، وجمعية قرش فلسطين التي تأسست عام 1935م)، ولجنة الدفاع عن فلسطين التي تأسست عام 1937م.
والصبان شخصية عرفت بالمناداة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام. وقد كلفته آراءه الصريحة، ومطالبه بالإصلاح، دخول المعتقل، والحبس لمدة اثنين وعشرين شهراً، قبل أن يعفى عنه.
يعتبر الصبّان من رواد العمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، بوصفه مؤسساً لعدد من الشركات الاقتصادية الكبرى، ذات الوظائف التنموية المرتبطة بتحديث المجتمع والدولة، تابعا في ذلك عمل الاقتصادي المصري الكبير طلعت حرب؛ مثل:
شركة الفلاح للسيارات، والشركة العربية للتوفير والاقتصاد، والشركة العربية للصادرات، والشركة العربية للطبع والنشر عام 1935، وشركة ملح وكهرباء جازان، وشركة الزهراء للعمارة، وشركة مصحف مكة.
لمحات فكرية من حياته الأدبية
وسجل الاستاذ فاروق با سلامة لمحات ادبية عن حياته قال فيها:
محمد سرور الصبان رائد الأدباء والمثقفين في أم القرى (مكة المكرمة) منذ عهد الإشراف الهاشميين فقد ولد بالقنفذة سنة 1316ه ثم انتقلت أسرته إلى جدة عام 1320ه وتلقى في كتاتيبها الدروس العربية والشرعية وعندما جاءت الحرب العثمانية - الإيطالية انتقل مع أسرته إلى مكة وهناك دخل مدرسة الخياط القديمة ثم اشتغل مع والده في التجارة، وقد عين مبكراً كاتب يومية بإدارة بلدية مكة في عام 1336ه ثم رقي إلى وظيفة محاسب فرئيس كتاب وعندما آلت الأمور في هذا البلد إلى الملك عبدالعزيز آل سعود عينه رئيس كتاب بلدية مكة المكرمة في عام 1343ه ثم سكرتيراً للمجلس الأهلي وترقى في الوظائف الحكومية حتى عين وزيراً للمالية بعد وفاة الملك عبدالعزيز، وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز عينه أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة سنة 1382ه 1962م.
وللأستاذ الصبان مآثر كثيرة في العاصمة المقدسة، حيث انشأ بعض المراكز العملية والمؤسسات الأهلية فتحركت الأعمال وبدأت السيولة على الرغم من بساطتها في تلك العقود القديمة.
كما أن انتماءه للأدب والعلم قد بدأ بإنشاء مكتبة ثقافية عامة في كل من مكة المكرمة وجدة ليفسح المجال لشبيبة الأدب في كل من هذين البلدين، حيث أتيحت لهم المطالعة في كتب هاتين المكتبتين، ولم يكتف بذلك بل شجع الأدباء الحجازيين على الكتابة والإنشاء في الأدب والعلم والثقافة وبإشرافه عليهم في ذلك بدأت الحركة الأدبية في الحجاز، وأخرج من تأليفهم كتاب «أدب الحجاز» أو صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية شعراً ونثراً، ذلك الكتاب الذي جمعه الشيخ سرور ورتبه، وأهدى في مقدمته الكتاب: «إلى شبان الحجاز وناشئته الأدبية أهدي أدب الحجاز» مكة المكرمة في 20 رمضان سنة 1344ه .
وقد صدره بمقدمة ضافية تنم عن ولعه بالأدب والعلم والفكر مبتدأ هذا الكتاب والكتاب الآخر الذي يحمل اسم «المعرض» وهذا الأخير عبارة عن استفتاء حول اللغة العربية واستخدامها في الحياة اليومية، ومثل الكتاب الأول انشأ بعض أدباء الحجاز الشبان الاجابات على هذا الاستفتاء كمحمد سعيد العامودي وعبدالوهاب آشي وعبدالله فدا وعبدالوهاب النشار، وقد لفت نظرنا مقدمة أدب الحجاز، حيث حملت مجموعة من الأفكار الأدبية الباعثة على تنمية الفكر الأدبي عند شبان الحجاز، واغناء الثقافة الأدبية لديهم، ولنتعرف على بعض هذه الأفكار الا وهو الدافع الهادف لاخراج كتاب «أدب الحجاز» يقول الأستاذ الصبان ولو لم يكن من وراء عملي هذا إلاّ إعلام للناس في هذا البلد وفي خارجه ان هنا شبيبة تحب العلم، وتنظر بغيرة نزيهة وحسرة وحزن عميق إلى ما يتمتع به شبان بقية البلاد العربية من البسطة في العلم والحصول على ما تتعطش إليه نفوسهم من مناهله العذبة، وهم محرومون مطاردون مضروب على أيديهم محول بينهم وبين طلبتهم وغايتهم بسد منيع لا تستطيع حيلتهم ان تصل بهم إلى ما يردون وما يؤملون والا الابلاغ بأن هنا شبيبة تريد ولا يمنعها من إرادتها شيء ان تأخذ حقها وحظها ومكانتها في الوجود ككل أمة تشعر بكرامتها وتشعر بقوميتها وتحتفظ بمقدراتها ومفاخرها وارثها القومي بين الأمم، وإلاّ ان أدل بصفة عملية على وجود حياة ولو كانت كحياة الطفل أول استهلاله وشعوره بالحياة في هذا البلد وفي هذا بشرى وغبطة للمخلصين لكفاني تشجيعاً على العمل والاقدام عليه» (مقدمة أدب الحجاز صفحة 11-12 الطبعة الثالثة سنة 1383ه دار الاصفهاني وشركاه بجدة).
ونرى الصبان هنا يستهل الأدب الحجازي في نشأته الأولى ويشبهه باستهلال حياة الطفل وشعوره بالحياة الأولى بعد ولادته مباشرة، الشيء الذي سار في دربه أدبنا السعودي حتى يومنا هذا.
وتدل المقدمة هذه على انبثاق الفكر الأدبي في المملكة العربية السعودية في الثلاثينيات من القرن العشرين المنصرم وثقافة أدبائها وبالذات في مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة والطائف.
شيء آخر ألمح الصبان وجود الأدباء العرب المترددين على ربوع الحجاز لكي يتعرفوا على أدبائه أمثال دكتور محمد حسين هيكل وإبراهيم المازني وعلي أحمد باكثير وشكيب ارسلان الذين كتبوا عن رحلاتهم إلى الحجاز والأرض المقدسمة، شعراً ونثراً بل إن هؤلاء الأدباء العرب قدم بعضهم إصداراً آخر عن الأدب الحجازي الا وهو كتاب «وحي الصحراء» صفحة من الأدب العصري في الحجاز ونقصد بهم الدكتور محمد حسين هيكل والأستاذ علي أحمد باكثير، والدكتور طه حسين الذي قدم لأحد دواوين الأستاذ حسن عبدالله القرشي، وعرض لشعر الأمير عبدالله الفيصل في كتابه «من أدبنا الحديث» يقول الدكتور هيكل في مقدمة «وحي الصحراء» هذه مجموعة من مختار الأدب الحديث في الحجاز، وهي تضم من الشعر والنثر ما جادت به قرائح طائفة من شباب بلاد كانت مهد الأدب العربي ومتنزل الوحي على النبي العربي صلى الله عليه وسلم ولا تزال مطمح أنظار الأمم التي تتكلم العربية وتدين بالإسلام، وأول ما يلفت المطلع على هذه المجموعة حداثة الكتاب والشعراء الذين اختيرت لهم، فكثيرون منهم لم يبلغوا الثلاثين ولم يتجاوز الأربعين منهم أحدهم جميعاً من أبناء هذا القرن العشرين وإن كانت نبذة الترجمة الذي قدم لكل منهم بها تذكر سنة ميلاده بالتاريخ الهجري ولا تشير إلى التاريخ الميلادي إلاّ نادراً.
وكثيراً ما يقارنون مؤلفات الكاتب الواحد وما تدل عليه من أطوار تفكيره وتصوره الحياة والأدب وهم أشد ولعاً بالأدب المصري منهم في الأدبي في غير مصر».
وينهي الدكتور هيكل تقديمه لوحي الصحراء قائلاً: إن حياة الأدب في العالم العربي بشير كبير للمستقبل ونهضة الأدب في الحجاز آية من الله للناس بأن النبع الذي غاض ماؤه عاد إلى فيضه كما كان كشف عبدالمطلب عين زمزم آية الله للناس بمقدم صاحب الرسالة. انتهى كلامه.
أما الأستاذ باكثير فقد حيا هذا الكتاب بقوله:
أهلاً بأنفاس الحجاز
ومرحباً بصدى الحرم
هبت على الأقطار
محيية، ودوى في الأمم
.. إلى آخر.
مما ينم أن الأدب قد بدأ تباشيره ونمت فروعه في الحجاز منذ ذاك الزمان الأول، وسارت ركابه إلى يوم الناس هذا.
ومما قيل في الشيخ سرور قول الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري وهو يترجم له: «بكتابيه: (أدب الحجاز) و(المعرض) وبتشجيعه المادي والأدبي للأدباء، وبمكتبته التي فتحها بمكة لناشئة الأدب يعتبر الرائد الأول لحركة الأدب الحديث في البلاد، وهو شاعر وناثر وكان ينشر في الصحف مقالات تحت توقيع أبي فراس «مجلة المنهل العدد الخاص بتراجم أدباء المملكة العربية السعودية المعاصرين صفحة 710 رجب 1386ه نوفمبر 1966م.
وبحكم اشتغال الشيخ سرور منذ عصر الهاشميين بالأعمال العامة والوظائف السياسية والدبلوماسية يذكر كتاب «وحي الصحراء» تحت عنوان: قد يكون الأديب قائد جيش.
كان المرحوم عمر أفندي شاكر صاحب جريدة الفلاح التي كانت تصدر بمكة في عهد الملك حسين موجوداً بجدة أثناء حصارها فرغب في ركوب الطيارة التي كانت تجيء إلى مكة لتوزع منشورات الملك علي، وكان ان سقطت به الطيارة فمات فانتقد عمله بعض الاخوان بمكة وتمثل بقول الشاعر:
وللحروب رجال يعرفون بها
وللدواوين حساب وكتاب
فاثر قوله في نفس الشاعر الصبان فقال:
لايلام الفتى إذا ما تسامى
ثم أمسى على الصعيد ركاما
هكذا الروح للسموات تعلو
(مثلما الأرض تجذب الاجساما)
ليس بدعا على الشجاع إذا أق
دم يبغى له السماك مقاما
وامتطى أصعب المراكب حتى
جرعته الاقدار موتاً زؤاما
كفراش يحوم حول لهيب
أجل ساقه اليه فحاماً
إلى ان يقول:
أيها اللائم الغرور رويدا
فمهور العلا تكون عظاما
قد يكون الاديب قائد جيش
فترى فيه باسلا مقداما
ويكون الجندي خدن يراع
فيحي قصورنا والخياما
وهكذا يكتب التاريخ ويشارك في سير العظماء والعلماء والأدباء الذين رحلوا بعد علم نافع وروح خاشع وقلب شجاع.
فمحمد سرور الصبان وأحمد إبراهيم الغزاوي وحمزة شحاتة ومحمد حسن عواد وعبدالقدوس الأنصاري ومحمد سعيد العامودي. هؤلاء رواد الأدب لا في الحجاز فحسب بل في المملكة العربية السعودية، قد رحلوا عن دنيانا وبقيت آثارهم التاريخية مكتوبة بحبر من ذهب.. ولله في خلقه شؤون.
رجل دولة
ومن الانتخابات البلدية التي بز فيها منافسيه إلى المكتبة التي أراد لها وبها بث نور المعرفة في مجتمعه مضى الرائد محمد سرور الصبان بعيدا في طموحاته، ولكن هذه الطموحات لم تبق أسيرة نفسها عندما دخل إلى وزارة المالية؛ لأنه بعد هذه المحطة أضاف إلى صفة رمز مجتمع صفة رجل دولة.
ويصف الأستاذ عبدالله عريف هذه المرحلة بقوله (في صيف عام 1350 تعين رئيسا لقلم التحريرات بوازارة المالية، وفي عام 1352 تعين مديرا لإدارة الوزارة المذكورة).
وللعلم فإن قلم التحريرات هو قسم التحريرات ومصطلح قلم هو مصطلح عثماني تم تعريبه ثم أصبح معمما على كثير من الإدارات مثل قلم المرور، قلم المباحث. وغيرها من الإدارات.
وقلم التحرير يعني في واقع الأمر السكرتارية العامة أو الإدارة العامة للاتصالات فمهمتها إعداد المذكرات والخطابات الموجهة من الوزير أو الوكيل إلى أي جهة كانت بما في ذلك التعيينات والترقيات. وهي بذلك كانت تمثل أيضا المكتب السري. وكان يشترط في من يقبل في هذا القسم أن يكون ملما بالأدب وحسن الخط. إذ إن الكاتب هو المسؤول عن تحرير أو تبييض الخطاب قبل دخول (الآلات الكاتبة) وكان هناك تنافس بين الموظفين في هذا القسم على جمال الخطوط. ويسرد الأستاذ هاني فيروزي تفاصيل هذه المرحلة بقوله (إن الشيخ محمد سرور الصبان كان تعيينه في شهر صفر عام 1350ه رئيسا لقلم التحرير بوزارة المالية، حيث يؤكد هذا ما يتمتع به الصبان من ثقة وتقدير من قبل جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله لما قام به وأنجزه الشيخ الصبان في أعمال المؤتمر الوطني، والذي كان لمقترحاته وأسلوب صياغته دور في ما أنجزه المؤتمر الذي عقد في القصر الملكي بمنى قبل تعيينه شهر محرم 1350ه، ولما كانت وزارة المالية بعد في طور تكوينها وتحولت إلى مديرية للمالية ثم إلى وكالة، وأن هيكليتها الإدارية تتمثل في مالية مكة وأمانة الأحوال في جدة نظرا، وما رفعته هيئة المؤتمر الوطني من توصيات، منها اللجنة الاقتصادية التي أسندت إدارتها للشيخ محمد سرور الصبان، ولما كانت تلك التنظيمات المالية قد كتبت بشكل مالي منظم وبأسلوب راق.. رأى الملك عبدالعزيز بثاقب فكره تكليف وتعيين الشيخ محمد سرور الصبان ضمن إدارة الجهاز المالي وتكليفه بتطبيق ما جاء في تقرير المؤتمر الوطني. دون أن يؤثر على موقع الشيخ عبدالله السليمان الذي يتمتع بمكانة وثقة خاصتين لدى جلالته في الوقت الذي حرص الملك على الاستفادة من كل الكوادر الوطنية القادرة على الإسهام في خدمة هذا الوطن الغالي. وإنفاذا للإرادة الملكية الكريمة تم تعيين الشيخ محمد سرور الصبان (رئيسا لقلم التحريرات) بوزارة المالية في شهر صفر عام 1350ه، كما ذكر عبدالله عريف الذي رجح أن هذه الإدارة قد استحدثت بما يناسب والهدف الذي عين من أجله الصبان، وسبب هذا الترجيح أن تنظيم الإدارات المالية السابقة لم يكن يتطلب مثل هذه الإدارة، في الوقت نفسه إن بساطة التنظيم كانت تقتضي من مدير مكتب وكيل المالية ثم وزيرها الكتابة بما تم في ذلك من توجيه؛ ولهذا نجد أن قلم التحريرات أصبح هو المعني بكتابة وصياغة الأوامر والتعليمات والتنظيمات المراد إرسالها إلى فروع الوزارة والإدارات التابعة لها.
الصبان والدور القيادي
وبعد ذلك عين الشيخ الصبان مديرا لإدارة الوزارة وكان يحتل المركز القيادي الثاني بعد وزير المالية، الأمر الذي مكنه من لعب دور أكبر في تنظيم الإجراءات المالية، حيث أصدرت الوزارة في تلك الفترة قرارات متلاحقة أحدثت كثيرا من التغييرات على أجهزة الوزارة استهدفت تحسين موارد الدخل بعد اكتشاف البترول.
ومن أهم الأعمال التي قام بها محمد سرور الصبان وتعلقت باسمه
الشركة العربية للطبع والنشر وجريدة صوت الحجاز: عندما نذكر الشركة العربية للطبع والنشر التي أسسها وترأس إدارتها الشيخ محمد سرور الصبان فمن الطبيعي أن نذكر جريدة صوت الحجاز، والتي انتقلت ملكيتها وامتياز إصدارها من الشيخ محمد صالح نصيف إلى الشركة العربية للطبع والنشر بعد اتفاق مع الشيخ محمد سرور الصبان الذي اشترى المطبعة التي كانت بئر بليلة بمحلة أجياد وسميت المطبعة السلفية، ولما كان الصبان هو رائد النهضة الأدبية وهو المعني برعاية الأدباء والكتاب وتشجيع الناشئة، فقد تأسست الشركة العربية للطبع والنشر فاشترت الشركة امتياز جريدة صوت الحجاز في5/1
/1354ه فكان هذا التأسيس نقطة إضافية وجديدة في حياة الصبان إذ بهذا التأسيس دخل المجال الإعلامي البلاد، والذي كان في سنواته الأولى.
مشروع القرش: عندما رزئت الأمة العربية والإسلامية بنكبة الشعب الفلسطيني والاعتداءات الصهيونية على الأراضي المقدسة وتشريد أهلها كان الأمر يستدعي الوقوف المعنوي، والمساعدة المادية للشعب الفلسطيني فطرح الرائد الصبان فكرة تحصيل قرش واحد من المعاملات والإجراءات عرف بقرش فلسطين وأصبح عنوانه ادفع قرشا تنقذ عربيا، واستمر هذا المشروع في تقديم المساعدات المختلفة للأسر الفقيرة في البلاد إلى أن توقف وحلت محله المساعدات الخيرية المختلفة.
جمعية الإسعاف الخيرية: من المشاريع الخيرية التي دعا إليها وقام بتأسيسها وإدارة شؤونها الرائد الصبان جمعية الإسعاف الخيرية التي تأسست بموجب الأمر السامي رقم 3306 في2/3 /1354ه بمكة المكرمة والتي أصبحت تقوم بدورين مهمين الأول هو تقديم الخدمات الصحية ونقل المصابين وتخفيف معاناة الكوارث والآخر يتمثل في تقديم المحاضرات التي ساهمت في تنوير الشباب، ولعل محاضرة الشاعر حمزة محمد نور شحاتة من أشهر تلك المحاضرات، وكانت بعنوان الرجولة عماد الخلق الفاضل.
الصبان شاعرا
وللرائد الصبان تجارب شعرية لم يبالغ في الاحتفاء بها كثيرا ومنها قصيدة (يا ليل) التي لحنها وأنشدها الموسيقار محمد عبدالوهاب ومنها
(يا ليل صمتك راحة
للموجعين أسا وكربا
خففت من آلامهم
ووسعتهم رفقا وحبا
أما ترى حدث الزمان أمضم عسفا وغلبا).
مكانته الأدبية والثقافية
يعد محمد سرور الصبان رائد الحركة الثقافية والأدبية في المملكة العربية السعودية، فهو كبير الرعيل الأول من الأدباء في الحجاز، وصاحب أول كتاب أدبي في الحجاز والمملكة عامة، وهو كتاب: (أدب الحجاز) الصادر عام 1344ه/ 1925م والذي ضم شعراً ونثراً لعدد من أدباء الحجاز في ذلك الوقت.
وهناك إجماع من الأدباء والدارسين على مكانته الأدبية والثقافية ودوره في رعاية أجيال من الأدباء والمثقفين، وكذلك دفع حركة النشر والتأليف حين قام بطباعة عدد من الكتب التراثية على نفقته.
مؤلفاته
- أدب الحجاز: 1344ه - 1925م، المكتبة الحجازية بمكة المكرمة، وهو أول كتاب أدبي في الأدب العربي في المملكة، وقد ضم شعراً ونثراً لعدد من أدباء الحجاز.
- المعرض: 1345ه - 1926م، المكتبة الحجازية بمكة المكرمة، ويتضمن الكتاب آراء أدباء الحجاز الشبان من اللغة العربية والكتابة بالعامية.
طباعة الكتب على نفقته
أسدى محمد سرور الصبان معروفاً إلى الثقافة العربية، وذلك حينما قام بطباعة عدد من الكتب على نفقته الخاصة ومنها:
- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين: للتقي الفاسي (8 أجزاء).
- شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام: للتقي الفاسي (جزئين).
- الطرق الحكيمة: لابن القيم الجوزية.
- تفسير معاني كلمات القرآن: للشيخ محمد حسنين مخلوف.
- مختار الصحاح.
- تهذيب الصحاح للزنجاني.
- مدارج السالكين: لابن القيم الجوزية.
- ديوان فؤاد الخطيب.
نماذج من أعماله الأدبية
ترك محمد سرور الصبان مكتبة ضخمة تضم مجلدات من عيون التراث ونوادر الكتب القديمة والحديثة في الدين واللغة والأدب والتاريخ مطبوعة ومخطوطة.
وقد أهديت المكتبة عام 1397ه إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
وقد ذكر محمد علي مغربي في كتابه (أعلام الحجاز) بياناً رقمياً بالكتب المهداة وهي:
العناوين - عدد العناوين
1- دوائر المعارف 2
2- القرآن وعلومه 192
3- الحديث وعلومه 246 4- الفقه وأصوله 623
5- الإسلاميات 806
6- اللغة العربية 232
7- الأدب 606
8- التاريخ والتراجم 851
9- المتفرقات 1225
10- مجموعة كتب الرابطة 27
11- المخطوطات 203
12- المصورات 11
13- كتب قديمة مطبوعة 11
14- الدوريات 141
قالوا عن الصبان
(الصحيح أن (رجلنا) لم يقف عند ما لقن من علم محدود في جدة ومكة المكرمة، بل شغف منذ حداثته بالقراءة العميقة المتصلة بأدب القدماء والمحدثين، والمترجم من أدب الفرنجة عبر الأجيال والعصور، حتى هضم هذه الثروة الفكرية، وسما بها فكانت له مدارس وجامعات، ونافس بما حصله منها أهل المدارس والجامعات).
الدكتور إبراهيم عبده، في كتابه:(سيرة من الحرمين) عن ثقافة محمد سرور الصبان.
"انه زعيم الحركة الادبية في الجزيرة العربية منذ نشأتها"
أحمد زكي أبوشادي
محمد سرور الصبان هو احد الرعيل الاول من رواد الادب الحديث في هذه البلاد.
الاديب والمفكر السعودي عبدالقدوس الانصاري
إذا قلنا مات الشيخ فلا احتاج ان اقول انا وغيري أي شيخ هو؟ إذ ليس عندنا ولا في أذهاننا شيخ سواه. حين اصف الشيخ بأنه( ظاهرة) نادرة فإنني احاول ان اكتفي بهذا الوصف عن الكثير من مناقبه و مزاياه واخلاقه وسجاياه.
عزيز ضياء
لقد كانت حياته صفحة حياة ماجدة وكريمة قامت على صدق الوفاء وخالص الولاء لهذا البلد العظيم فتلاقى عطاؤها بعطائه.
عبدالمجيد شبكشي
محمد سرور كان جامع المتناقضات وكان وسطا في الرجال واحد الطلائع الرامزة الى جهبذة هذا البلد محمد حسين زيدان
السيرة الذاتية لمعالي الشيخ محمد بن سرور الصبان
مولده ونشأته
ولد بالقنفذة، عام 1316ه - 1898م
انتقل مع أسرته إلى جدة عام 1320ه ونشأ فيها
انتقل مع أسرته إلى مكة المكرمة عند اشتعال الحرب العثمانية - الإيطالية
تعليمه
تلقى أوليات القراءة والكتابة والتجويد والحساب في (كتاب صادق) بجدة، ثم أكمل تعلمه في (مدرسة الخياط) بمكة المكرمة، والتحق بعد ذلك بالحياة العملية، غير أنه قام بتثقيف نفسه ذاتيا حتى غدا أبرز الأسماء الأدبية في الحجاز.
ثقافته
لم تقف دراساته الخاصة عند الأدب والشعر بل قرأ كتب التاريخ بعصوره المختلفة، وقرأ كتباً في الفلسفة والاجتماع، وفي الاقتصاد والمال، فصقل بذلك مواهبه وأحست نفسه الرقيقة الشاعرة آلام قومه، القريبين منه والبعيدين عنه.
الوظائف والمهام التي أسندت إليه
- كاتب يومية في بلدية مكة المكرمة، في عهد الأشراف عام 1336ه، ثم عمل محاسباً فرئيس كتاب (مدير الشؤون الإدارية).
- بعد دخول الملك عبدالعزيز الحجاز، ظل في وظيفته بالبلدية.
- انتخب عضواً فسكرتيراً للمجلس الأهلي (في بلدية مكة المكرمة) عام 1344ه.
- معاونا لأمين العاصمة.
- رئيساً لقلم التحريرات بوزارة المالية عام 1352ه.
- مديراً عاماً لإدارة وزارة المالية.
- مستشارا عاما لوزارة المالية
- وزيراً مفوضاً من الدرجة الأولى من عهد الملك عبدالعزيز.
- أول وزير دولة يتم تعيينه بعد وفاة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بخمسة أيام.
- عين في بداية عهد الملك سعود وزيراً للمالية.
- اختاره الملك فيصل لتأسيس رابطة العالم الإسلامي وعين أميناً عاماً لها، وقد استمر في تلك الوظيفة حتى وفاته.
وفاته
توفي رحمه الله بالقاهرة في 2-12-1391ه إثر نوبة قلبية، ونقل جثمانه إلى مكة المكرمة حيث صلي عليه بالمسجد الحرام ودفن في مقبرة المعلاة.
أعماله
عمل منذ فتوته بالأعمال التجارية، وكان شخصية طموحة تعشق المهام الجليلة، ومن بينها تأسيس الكيانات الاقتصادية الكبرى، ومن أهم المشروعات التجارية والاقتصادية التي قام بها ما يلي:
- إدارته لشركة القناعة للسيارات بمكة المكرمة.
- أسس ورأس إدارة الشركات التالية:
1- شركة الفلاح للسيارات باسمه واسم إخوته.
2- الشركة العربية للسيارات.
3- الشركة العربية للطبع والنشر، التي اشترت صحيفة صوت الحجاز ومطبعتها.
4- مشروع القرش وهو من المشروعات الخيرية.
5- الشركة العربية للتوفير والاقتصاد.
6- الشركة العربية للصادرات.
7- شركة ملح وكهرباء جيزان.
8- شركة الزهراء للعمارة.
9- شركة مصحف مكة المكرمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.