اعتادت المرأة في مجتمعاتنا العربية أن تضحي كثيراً من أجل أسرتها وزوجها وأبنائها، إلا أن الكثيرات منّا تأتي لمرحلة تعتبر فيها أقل أهمية من الرجل الذي تحبه فتضع نفسها في المرتبة الِثانية بإرادتها وتتنازل عن اهتماماتها ونشاطاتها وكل هواياتها وذلك لعدم أهميتهم للرجل الذي ترتبط به. فتتخلى عن أصدقائها وأفراد عائلتها الذين لا ينالون إعجاب شريك حياتها، بل إنها تتخلى عن أحلامها لتساعد الرجل في تحقيق أحلامه. وهو ما يقابله بعض الرجال بمزيد من الأنانية ورغبة مستمرة في تنازل المرأة من أجله أكثر وأكثر؛ لأنه اعتاد منها على هذه التنازلات واعتاد أن تضحي من أجله منذ نعومة أظافره. فأنانية التصرف تتناسب طرداً مع تصرف الناس بحسب أسلوب تفكيرهم، فنجد أن أحد أسباب أنانية الرجل أنه لا يتمنى للمرأة أن تتفوق عليه بالنجاحات والشهرة والعلاقات العامة. ونظراً لما يعتنقه المجتمع من معتقدات خاطئة تخفي المرأة ذكاءها، وإنجازاتها ونجاحها؛ لأنها نشأت على فكرة أن دورها هو إسعاد الرجل وإظهاره بشكل أفضل وأذكى من نفسها، فتخفي إمكانياتها عن شريك حياتها حتى لا يعتقد أنها تتعالى عليه. وعندما تخفي المرأة تفوقها معتقدة أن ذلك يكون أقل تهديداً للرجل، وبذلك تكون أكثر جاذبية، يحدث العكس، فالرجل ينفر ويبتعد عن المرأة الضعيفة الفاشلة، ويحب الناجحة الواثقة من نفسها التي تبهره بآرائها وتكون قادرة على المناقشة. وقد أكدت العديد من الدراسات الاجتماعية أن السبب في تضحيات المرأة وما تقابله من أنانية الرجل هو المجتمع الشرقي، فيتربى الرجل على أن تكون لديه قوة وشجاعة وإقدام ويسمح له بمساحات حرية أكثر، بينما البنات يتم إعدادهن لكي يكنّ زوجات وأمهات فقط وتعليمها وعملها إضافة وليس هو الأساس، ولا تؤهل أن تأخذ أجراً على أدوارها الاجتماعية لأن الإعداد على أنها تصبح زوجة وأماً لا يقابله أجر بل أجرها عند الله، كما أن ضغوط الحياة أضافت للمرأة أدواراً على أدوارها، فوقعت تحت صراع أدوارها كامرأة وأم وعاملة في أكثر من مكان، فيؤثر كل دور على الآخر، لذلك فإن صراع الأدوار مرض يصيب النساء فقط ولا يصيب الرجال؛ لأن الرجال لا يرون في أنفسهم إلا دوراً واحداً مهماً وهو أن يكون عاملاً. وقد أجريت دراسة عن نشاط الرجل والمرأة أثناء اليوم خلصت إلى أن المرأة تقوم بمتوسط 25 نشاطاً في اليوم مقابل 9 أنشطة للرجل، ومن هذه التسعة نشاطات التحدث في الهاتف والجلوس مع أصدقائه على المقهى، ووجد أن أنشطة الرجل تسبب الاسترخاء بينما أنشطة المرأة تسبب التوتر. لذلك فإن خبراء شئون الأسرة يؤكدون على أن السعادة الزوجية والاستقرار والتوازن في أدوار الطرفين تتحقق من خلال علاقة زوجية يسودها الوئام في جو من الاحترام المتبادل يتوازن فيه الأخذ مع العطاء، حيث تختفي روح الأنانية وتظهر التضحية ويتجلى الإيثار في حياة الزوجين، كما أن الإسلام بتعاليمه الرشيدة وضع الأسس السليمة لاستمرار الحياة الزوجية بتنظيم علاقة أصلها السكينة رمز الطمأنينة، ورابطتها المودة سر المحبة، وغايتها الرفق دليل الرحمة، كما أن الإسلام حينما كفل الحقوق الزوجية فرض أيضاً الواجبات التي يجب على كل من الزوجين الالتزام بها. لذلك عليك سيدتي أن تكتبي قائمة بكل التضحيات التي قمتي بها من أجل علاقتك بزوجك، هذه القائمة سوف تحفزك على عدم التنازل أكثر من اللازم، وضعي قائمة بكل الناس المهمين في حياتك وكذلك الاهتمامات والمواهب التي تملكينها، بهذه الطريقة ضعيها أمامك ليصعب عليك التخلي عنها، والتزمي بأحلامك وحاولي أن تحققيها حتى تشعري بأنك شخصية متوازنة وسوية. كذلك احرصي على الاهتمام بزوجك بشكل متوازن وشاركيه في إنجازاتك وتحدثي معه عن قدراتك وأنتِ واثقة من نفسك وتشعرين بالفخر.