وسواس النظافة المفرطة عند المرأة مرض حقيقي نفسي يرتبط باختلال كيميائي في المخ، وهي حقيقة علمية أثبتتها العديد من الأبحاث الطبية، وقد يكون علامة تمهد للإصابة بمرض الاكتئاب، فالمرأة التي تبالغ في النظافة في نطاق بيتها بما يحتويه يجعلها غير راضية عن أي شيء، الأمر الذي يسبب لها وسواساً يؤدي بها إلى الشك في نظافة الأشياء والإحساس بعدم الأمان . في هذا السياق تجد هناك بعض السيدات التي قد تقوم، بغسل الصحون مرات عديدة وتعيد غسل الثياب بعد إخراجها من الغسالة، بل وتغسل الفواكه بالصابون وكثيراً من الأحيان ما تقوم بإعادة وضوئها مرتين حتى لا تبتعد عن الماء. ويسبب هذه الوسواس استياءً للأزواج من وسوسة زوجته المفرطة حيال النظافة, فهناك زوجات قد تحمل المعقمات والمطهرات إلى أي مكان تذهب إليه، وقد تقوم من مكانها فجأة بمجرد شكها بقذارة هنا أو هناك، وتقوم بغسل يديها يومياً وبشكل متكرر، وبالاستحمام أكثر من مرة في اليوم، وتغيير دائم للملابس، كما أنها تتجنب مسك ولمس الأشياء خارج المنزل، وقد تؤدي كل هذه الأمور إلى تفادي الزوج الخروج مع زوجته حتى لا تتفاقم المشاكل بينهم. ولعلماء الطب النفسي رأي في ذلك، حيث أجمعوا على أن وسواس النظافة من أشهر اضطرابات الوساوس، وهو مرض يعاني منه عدد كبير من الناس ولا يمس المصاب به فقط بل كل المحيطين به من زوج وأبناء، فكلنا نحب النظافة التي تعني لنا الطهارة، لكن في بعض الحالات قد تتحول إلى وسواس نفسي أو مرضي، وفي كل الأحيان هو شيء لا يسكت عنه ويجب أن يكون هناك علاج، فيجب على المرأة أن تتعامل مع هذا المرض وكأنه خصم يسعى للنيل من رغبتها في معايشة سعادة الحياة، ويجب التخلص من هذه الأعراض بوجود مرشد يكون محل ثقة وذا خبرة في اضطراب الوسواس بحيث يكون الداعم والمشجع لبذل المزيد من الجهد بصورة أفضل مما ستبذله المرأة بمفردها . ومن الزاوية الاجتماعية يرى الخبراء أن الآثار الجانبية السلبية لهذا المرض تلحق بكل المحيطين بالمريض، فشعور الأم أو الزوجة بالاكتئاب يخلق جواً غير مرغوب فيه بالمنزل، ويجعل الأبناء يعيشون حالة من القلق والخوف من الاقتراب من أي شيء يمسونه فتبث في قلبهم الهلع من تناول أي طعام، ويصبحون أكثر تعرضاً إلى الأمراض من غيرهم، فالأم هي المسئولة عن كل هذه الوساوس المرضية على أبنائها، أو حتى بين زملائهم بالمدرسة أو الجامعة. وقد وضع الخبراء والمختصون مجموعة من الإرشادات والخطوات للمرأة التي تعاني من وسواس النظافة للتخلص من هذا المرض، ومنها: جربي التوقف عن ممارسة هذه الأفعال، وخذي الخطوة الأولى في العلاج، فقلقك الزائد على النظافة يمنعك من التخلص من الأفكار والأفعال المتكررة، وأن تغيّري معتقداتك الخاصة عن معنى النظافة والجراثيم، وكيف يمكن التلوث بها، ودرجة تسببها في الأمراض, وأن تجري حواراً داخلياً مع نفسك ورددي عالياً: هذه الأفكار سخيفة! لن أجعلها تسيطر عليَّ! أنا أقوى من كل ذلك، ثم اسألي نفسك: هل تريدين المشاركة في أنشطة المجتمع من حولك؟ أم تفضلين الانعزال عن المجتمع لهوسك بالنظافة والانشغال بها؟ بالإضافة إلى ما سبق قلّلي من عدد مرات الاستحمام وغسل اليدين، وأنقصي من مساحة القلق، وتمسكي بإدارة ساعات يومك من دون ضغوط وأوهام، واكسري حاجز الشك والريبة بينك وبين من تعيشين معهم، وتحديه بإصرار لتعود العلاقات الطيبة محملة بالثقة والحب والأمان معهم.