التبرع بالدم ضرورة إنسانية يحتاج إليها الكثير من الناس في أي وقت من الأوقات، وأفتى أغلب العلماء بجوازها، وقد اختارت منظمة الصحة العالمية يوم 14 يونيو ليصبح اليوم العالمي للتبرع بالدم؛ وذلك لإزجاء الشكر والتقدير لملايين الناس الذين ينقذون أناساً آخرين ويسهمون في إنقاذ حياتهم وتحسين ظروفهم الصحية عن طريق التبرّع بدمائهم. ويسلّط هذا اليوم الأضواء على الحاجة إلى التبرّع بالدم بانتظام للوقاية من ظاهرة نقصه في المستشفيات والعيادات، وبخاصة في البلدان النامية التي باتت كميات الدم فيها محدودة، ومع ذلك فإنّ 79 بلداً، من أصل 80 بلداً تنخفض فيها معدلات التبرّع بالدم، وتصل إلى أقلّ من 10 تبرّعات لكل ألف ساكن، وهي من البلدان النامية. ويركّز هذا الحدث السنوي على ضرورة تحفيز المزيد من الناس على التبرّع بدمائهم، وهو يبلور الطريقة التي تنتهجها النُظم الصحية، وينتهجها راسمو السياسات لجعل عمليات نقل الدم مأمونة ومتاحة لجميع سكان العالم. وترعى المملكة العديد من حملات التبرع بالتعاون مع بنوك الدم والمؤسسات الصحية، وكانت من آخر تلك الأنشطة قيام البنك السعودي للاستثمار وبالتعاون مع مستشفى الملك فيصل التخصصي خلال الأسابيع الماضية، بإطلاق المشروع الإنساني "حملة التبرع بالدم" رغبة في تزويد بنك الدم بما يحتاجه لخدمة المرضى، وذلك بهدف دعم مخزون البنك لخدمةً المحتاجين من المرضى وتعميق روح العطاء، فضلا عن الرغبة في الحصول على الأجر والثواب استلهاما من تعاليم الدين الإسلامي. وعلى صعيد متصل، قام خمسة سعوديون بإنشاء موقع إلكتروني يهدف إلى جمع أكبر عدد من الراغبين بالتبرع بالدم من كافة الديانات والجنسيات، وقد بلغ عدد المتبرعين 32 ألف متبرع من جميع أنحاء العالم، دون أن يستهدف الموقع المسلمين فقط بل كافة الأديان، وكافة الجنسيات، حيث استقبل عددا كبيرا من المتبرعين من أمريكا الشمالية والجنوبية وفلسطين وإفريقيا والمغرب والجزائر والسعودية، فضلاً عن عدم انتماء المتبرعين للجنسيات العربية فقط، بل وجد متطوعون راغبون في التبرع بالدم عن طريق تسجيل بياناتهم في الموقع من جنسيات أوروبية ومن ديانات مختلفة. وهناك بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في المتبرع بالدم، والتي تتمثل في ألا يقل عمره عن 18 سنة ولا يتعدى 60 سنة، وأن يكون وزنه بحد أدنى 50 كيلوجراما، ولا يشكو من أية أمراض حادة أو مزمنة، إذا ما توفرت هذه الشروط في المتبرع يمكنه أن يتبرع 450 ملليمترا من الدم فهذه الكمية تمثل أقل من 10% من حجم وزنه وهي كمية آمنة جدا. كما أن الفحص الطبي يمكن من التأكد من الصحة الجيدة للمتبرع واستبعاد كل عامل من شأنه أن يكون خطرا على المتلقي، كالتعرض لعدوى حديثة بأحد الأمراض الفيروسية التي يتعذر الكشف عنها بالتحاليل المخبرية. لذا، يجب على المتبرع أن يكون منتبها إلى أسئلة الطبيب وصادقا في أجوبته، ولا يتردد في إمداده بمعلومات حول ما يتعلق بصحته وسوابقه الطبية، ومدى تعرضه لخطر العدوى بأحد الأمراض المنقولة عن طريق الدم مثل السيدا والتهابات الكبد والزهري. وهناك عدد من الاحتياطات التي يفضل اتخاذها قبل التبرع بالدم؛ فليس من الضروري أن يكون المتبرع صائما؛ بل من الأفضل تناول قليل من الطعام قبل التبرع بساعتين، مع تجنب المواد الدهنية ولكن بعد التبرع؛ فإن كل شخص يتمتع بصحة جيدة يمكنه تعويض كمية الدم المسحوبة في فترة قصيرة، وبدون أن يشعر بأي وهن، يستحسن تناول بعض المشروبات غير الكحولية إثر الساعات التي تلي التبرع بالدم، أما عند الشعور بوهن، يفضل التمدد وأخذ قسطاً من الراحة. كما أن هناك العديد من الموانع المؤقتة للتبرع بالدم، ومنها الأشخاص الذين سبقت لهم الإصابة بذبحة صدرية خلال سنة من التبرع بالدم، والذين أصيبوا بمرض الملاريا خلال سنوات ثلاث ماضية أو من تم نقل دم إليه أو أخذ أحد مكونات الدم خلال سنة ماضية، ومن أجريت له عملية وشم خلال سنة ماضية، ومن تعرض لعملية جراحية في القلب منذ عام، وأيضا من تعرّض للإصابة بالتهاب الكبد خلال السنة الماضية. كما أن الشخص المُصاب بوعكة صحية أو ارتفاع في درجة الحرارة لا يمكنه التبرع حتى يشفى وأيضا من تناول مضادا حيويا قبل يوم إلى ثلاثة أيام من التبرع، فضلا عن أن السيدات الحوامل أو اللاتي تعرضن لإجهاض خلال الأسابيع الستة الماضية لا يمكنها التبرع في أي حال من الأحوال. ومن الجدير بالذكر وجود العديد من الفوائد التي تعود على المتبرع بالدم، ومنها الاطمئنان على صحته، حيث يعد بمثابة شهادة صحية تدل على سلامته، فإنه يخضع لفحص طبي للجسم وفحص مخبري على دمه عن مرض التهاب الكبد الوبائي بنوعيه (ب، ج) - الملاريا - الأيدز - الزهري، وفي حالة وجود أي مشكلة فيقوم بالتوجيه إلى الجهة المناسبة لمتابعة حالته قبل تدهورها، كما يساعد التبرع على تنشيط نخاع العظم في إنتاج خلايا دم جديدة تستطيع حمل كمية أكبر من الأوكسجين إلى أعضاء الجسم الرئيسية، مثلاً (الدماغ .... يساعد على زيادة التركيز والنشاط في العمل وعدم الخمول).