يقول باحثون إن اللغات الهندية الأوروبية الحديثة – ومن بينها اللغة الإنجليزية – تعود أصولها إلى تركيا قبل نحو تسعة آلاف سنة. وتختلف النتائج التي ذكروها عن فرضية تقليدية تقول إن هذه اللغات أصولها تعود إلى قبل 5000 سنة وظهرت في جنوب غربي روسيا. وورد تقرير حول الدراسة في دورية "العلوم". وتمثل العائلة اللغوية مجموعة من اللغات لها أصل مشترك يُعرف ب"اللغة الأم". ويقوم علماء لغة بتحديد اللغات من خلال البحث في لغات حديثة عن كلمات ذات صوت متشابه وتصف غالبا الشيء نفسه. وتمثل هذه الكلمات المشتركة إرثنا اللغوي. ووفقا لما يوجد في قاعدة البيانات "إثنولوغ"، توجد أكثر من 100 عائلة لغوية. وتمثل العائلة اللغوية الهندية الأوروبية واحدة من أكبر العائلات اللغوية – حيث تضم أكثر من 400 لغة مستخدمة في 60 دولة على الأقل – لكن أصولها غير واضحة. ويقول بعض المنظرين إن اللغة الأم تعود أصولها إلى سهول روسيا، شمال بحر قزوين، قبل 5000 سنة. لكن ثمة فرضية أخرى - ذكرها الاستاذ كولين رينفرو في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي – تتحدث عن أن أصل العائلة اللغوية يعود إلى منطقة الأناضول التركية وأنها ظهرت قبل ذلك بثلاثة آلاف سنة. وللوقوف على الفرضية الأكثر احتمالا، قام الدكتور كوينتين أتكينسون من جامعة أوكلاند وفريقه بدراسة تطور اللغة باستخدام تحليلات وراثية عرقية – التي تستخدم عادة للتعرف على الأوبئة الفيروسية. وتشير التحليلات إلى العلاقة من خلال تقييم مقدار المعلومات المسجلة في الحامض النووي يتم تبادلها بين الكائنات الحية. وكما الحال مع الحامض النووي تتنقل اللغات من جيل إلى جيل. وعلى الرغم من أن اللغات تتغير وتتطور، أدرك الدكتور أتكينسون أن الكلمات المشتركة التي تصف أصول الحياة – مثل الأب والأم والعين واليد – تقاوم التغيير. وتكون الكلمات المشتركة المحفوظة مرتبطة بقوة باللغة الأم. ومن خلال دراسة لغات مختلفة بحثا عن كلمات مشتركة، تمكن العلماء من بناء شجرة لغات مرتبطة ببعضها. وكلما وجدت كلمات مشتركة أكثر، كانت اللغات متشابهة بقدر أكبر وكانت أقرب داخل الشجرة. وقام الفريق بتحليل 207 كلمة مشتركة موجودة في 103 لغة هندية أوروبية تشمل 20 لغة قديمة مثل اللاتينية واليونانية. ومن خلال النظر إلى أصول الشجرة، تمكن الدكتور أتكينسون وزملاؤه من تأكيد فرضية الأصل الأناضولي. ولمعرفة ما إذا كانت الفرضية البديلة - الأصل الروسي- ممكنة، عقد الفريق مقارنة بين الفرضيتين. ودائما ما كانت "فرضية الأناضول" أكثر احتمالية خلال الاختبارات كافة. ويقول مارك باجل، الزميل بالجمعية الملكية التابعة لجامعة ريدينغ التي شاركت في دراسات سابقة حول علم الوراثة العرقية: "يعد هذا تطبيقا رائعا للوسائل المستمدة من عمل الأحياء لفهم مشكلة تتعلق بالتطور الثقافي – وأعني بذلك أصل اللغات الهندية الأوروبية وانتشارها". ويضيف: "تظهر الدراسة بشكل قاطع أن اللغات الهندية الأوروبية ظهرت في منطقة الأناضول ثم انتشرت بعد ذلك." لكن لم تحصل النتائج على قبول عام. ويشير الاستاذ بتري كاليو، من جامعة هلسنكي، إلى أن العديد من الكلمات المشتركة التي تصف اختراعات تقنية – مثل العجلة – موجودة في لغات مختلفة. ويرى أن اللغة الأم الهندية الأوروبية اختلفت بعد اختراع العجلة قبل 5000 عام. وحول الوسائل المستخدمة لتحديد تاريخ اللغة الأم، قال الاستاذ كاليو: "على عكس الوصول لتاريخ في الآثار باستخدام الكربون المشع – اعتمادا على معدل التحلل الثابت لنظائر الكربون-14، لا يوجد معدل تحلل ثابت للكلمات يمكننا من معرفة تاريخ اللغات الأم". ويبدو الاستاذ باجل أقل اقتناعا بالرأي المقابل، حيث يقول: "التحليل الجديد يجعل فرضية الأناضول الأكثر احتمالية بشكل واضح".