كان حديث الدكتور (نبيل الجنابي) عن تفاصيل كتابه المهم (الجذور العربية للغة الإنجليزية) حديثاً مثيراً لأنه يتناول موضوعاً جديداً على المثقفين في عالمنا العربي، فكيف بعامة الناس، ولأنه يقدِّم معلوماتٍ موثقة، مدعومة بالأدلة التي جمعها على مدى أكثر من عشر سنوات. وهو كما قال عن نفسه باحث لغوي بالدرجة الأولى درس مراحل دراسته الأولى في بلده العراق، ثم انتقل إلى بريطانيا مواصلاً فيها دراساته، ومقيماً فيها إقامة مستمرة حاملاً جنسيتها، أستاذاً في جامعاتها. يؤكد د. نبيل الجنابي في كتابه (المعجم) أن اللغات المشهورة في العالم هي بنات اللغة العربية، كاللغات الأوروبية، والتركية، والفارسية والأوردية كما يؤكد أن اللغة العربية هي الجامع المشترك الأعظم بين اللغات، وهو ما أكده الدكتور الليبي علي فهمي خشيم في كتابيه (اللاتينية العربية) و(رحلة الكلمات). يقول د. نبيل: إنَّ هنالك بحراً مائجاً من الكلمات الإنجليزية ذات الأصول العربية، وإن حوالي ثمانية عشر ألف مصطلح في اللغة الإنجليزية تعود في أصولها إلى اللغة العربية، حتى بلغ به الأمر إلى أن قال: إنَّ العربي الذي يتباهى بأنه يجيد الإنجليزية كأهلها، إنما ينطق لغته العربية مكسَّرة، مخلوطة باللكنة الأعجمية ويشير إلى أن بعض الباحثين اللغويين الإنجليز أشاروا إلى مثل هذا القول، وأن أستاذاً إنجليزياً متخصصاً في اللغويات اسمه روجر بيل يؤكد تلك الأصول العربية الواضحة لمعظم مفردات اللغة الإنجليزية، وأن بعض من تعلموا العربية من الغربيين أكَّدوا أنهم تعلموا أسمى وأشرف وأعرق لغة على وجه الأرض. ونقل عن عالم اللغة الدكتور (وِلْيَم بِيْدَول) قوله: إن اللغة العربية هي أهم لغة في العالم، وقد وضع في عام 1561م قاموساً بالإنجليزية ضم كلمات لاتينية كثيرة من أصل عربي، وكان وليم هذا قد بعثه أبوه إلى (طليطلة) في الأندلس المسلمة لدراسة الرياضيات على أن يعود إلى بريطانيا خلال سنتين، ولكنه بقي في طليطلة ثلاثاً وثلاثين سنة.. وعاد إلى بريطانيا بعد وفاة والده وقد أصبح عالماً باللغة، وكان يقرض الشعر العربي، وقام بتدريس اللغة العربية في بريطانيا، وكان على درايةٍ بالأثر الكبير للغة العربية في اللغات الأوروبية. وأشار د. الجنابي إلى مجلة لغة العرب التي أصدرها الأب ماري انستاس الكرملي، وما ورد في بعض أعدادها من إشارة إلى انتشار المفردات العربية في الإنجليزية، واللاتينية حتى إن النسبة قد تصل إلى (10-10) وقال إن تغيير بعض الحروف هو الذي غير ملامح الكلمات العربية، وضرب أمثلة بآلاف الكلمات العربية المتداولة في اللغات الأجنبية. إنه لبحث ذو قيمة كبيرة لأنه قائم على الدراسة والاستقراء وموضوعية البحث العلمي البعيد عن العاطفة والتعصُّب، ولأنّ كاتبهُ أستاذ في اللغات عربي الأصل، متقن للغة العربية الفصحى، وهو في الوقت نفسه بريطاني الجنسية متقن للإنجليزية، ولأنه باحث جاد ظلَّ إحدى عشرة سنة يبحث، وينقِّب في المكتبات الكبرى في أوروبا والعالم العربي حتى وضع يده على هذه الحقيقة اللغوية المثيرة. لعل هذا البحث وما شابهه يكون قاعدة متينة لدراسات لغوية تعيد للغتنا العربية الفصحى مكانتها في قلوب أبنائها الذين فرَّطوا فيها في هذا العصر، وتعيد للغتنا موقعها اللائق بها في مدارس العرب، وجامعاتهم، وحياتهم العامة. إشارة: من جذور اللغة الفصحى انطلقتنا نملأ الدنيا صدىً عَذْباً شجيَّا