ليس جديداً أن ترفع موسكو شعار المعارضة ضد التدخلات الدولية المدعومة بقرارات مجلس الأمن في مناطق النزاعات العسكرية خاصة إذا كانت التدخلات على خارطة الشرق الأوسط أو في البلقان. ولعلنا نعود بالتاريخ إلى الوراء لنجد أن موسكو كان لديها موقف رافض من إخراج القوات العراقية من الكويت بالقوة عام 1990م وفي ذلك التاريخ كان هناك حسابات دولية لحجم الاتحاد السوفيتي السابق.. ولم يكن بالإمكان تجاوزه دون دفع مبالغ هائلة تجاوزت أكثر من 8 مليارات من دول خليجية. إضافة إلى تعهدات أمريكية بدفع مساعدات للاتحاد بلغت أكثر من 5 مليارات والاعفاء من الديون المستحقة لواشنطن. يومها قبل الكرملين والقيادة الروسية بالصمت. غير أن المعادلة قد تغيّرت بعد سقوط منظومة الدولة الشيوعية التي توزعت قوتها العسكرية على أكثر من جمهورية كانت في عقد الجيش الأحمر المخيف.بما في ذلك جمهورية الجبل الأسود التي تمثل معقل الصناعة النووية. وما يمكن أن اسميه " بالخزن الاستراتيجي" ومعها توزع خبراء التقنية العسكرية المعقدة في جمهورية كازاخستان التي ينتمي إليها معظم أولئك الخبراء. في حين استقطبتهم إيران. وبقيت روسيا في شكل اتحاد ضعيف فقد هيبته أمام القوى العظمى من ناحية.. وأمام وضعه الاقتصادي من الناحية الأخرى. وحين جاء التدخل الدولي في كوسوفو ضد حكومة بلجراد .عملت روسيا على اجترار الماضي ولوحت بالرفض. في محاولة للابتزاز على غرار ما حصل في الخليج العربي. دون إدراك لحجم المتغيرات حيث لم تعد دولة قوية يمكنها الرهان على القرار بالمال.. وهو الواقع الذي تجاوزته دول التحالف آنذاك وبدأت ضرباتها ضد قوات سلوبودان ميلوسوفيتش في صربيا دون أي اهتمام لرفض موسكو.. بل ذهبت الحملة إلى ضرب السفارة الروسية في بلجراد حيث كانت اهانة . وبالونة اختبار للرد الروسي الذي أدرك أهمية الرسالة وأبعادها.. ومن ثم لم يكن ثمن الضربة أكثر من الاعتذار الخجول من أمريكا وبعض قادة الحلف!! وفي ليبيا تكرر المشهد حين مارس الروس شد الحبل وتكرار التحذيرات والتصريحات النارية .. ضد تدخل الناتو.. وهو الآخر ما تجاوزته دول التحالف دون مقابل أو أي اهتمام بالشعار الروسي الذي لم يعد صالحاً للاستخدام بعد العام 1990م . وبعد ان دشنت "بيرسترويكا" جورباتشوف لسقوط ثانٍ أكبر قوة في العالم. وتفكيك امبراطورية الرعب القديمة.اليوم يبدو أن الشعار المريض مازال يحاول التجربة هذه المرة في مشهد الموقف الدولي من إيران. متجهاً نحو المساومة والخروج بنصيب من "الكعكة" لكنها محاولة لا أعتقد أنها ستكون أقل من سابقاتها في فشل موسكو الذريع على صخرة الواقع. وتباين المعادلة. على أنها فقط تستطيع أن تكسب من إيران.. كطرف في النزاع وهو ما يجب أن يدركه الإيرانيون الذين عليهم ألاَّ ينساقوا خلف موقف روسي "منزوع الدسم" . [email protected]