التواضع خلق رفيع، فضل الله به المتواضعين، ورفع به اقدارهم، فهو من ألوان الطاعة، التي يتعبد بها الصالحون ربهم، لينشروا بين الناس المحبة، ولينزعوا به عن كبرى المعاصي (الكبر)، التي ينازع بها الجاحدون عظمة الله، ألم يقل ربنا في ما رواه عنه سيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحد منهما القيته في جهنم ولا أبالي)، والكبر يطمس على قلب المتخلق به حتى لا يستطيع التمييز بين الحق والباطل، لذا قال ربنا عز وجل في محكم كتابه: (وكذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)، فالكبر داء اصاب الانسان صرفه عن كل خير، واوصله الى كل شر، فأسباب التكبر واهية تدل على ضعف فهم المتكبر، فمن انعم الله عليه بجاه أو مال او منصب لا يواجه النعم بالكبائر من المعاصي، التي تغضب ربه، وتزيده بعداً من الناس، وشتان بين مطيع وعاصٍ، وشتان بين محب للخلق حسن التعامل معهم، وكاره لهم متعال عليهم، ولكن الا يدرك الناس رجولة المتواضع فتلك كارثة، فمن اعتبر التواضع من النبيل العظيم ضعفاً فإنما يبرهن على ان فهمه لما في الحياة من فضائل يعتريه خلل كبير، فسيدي رصول الله - صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الله أوحى إلي ان تواضعوا حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغى احد على احد)، واعظم البغي ولا شك الكبر فهو رد الحق وغمط الناس، فهذا الذي يرى في تواضع العظيم من الرجال ممن تحلى بالفضائل واجتنب الرذائل، رغم ان له من الصفات والاحوال ما يرفعه فوق كثير من الخلق بحق، الا انه تواضع وصدق ما اعد الله له من الثواب العظيم واول ذلك رفعته فسيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول: (ما تواضع احد لله الا رفعه) ولكن المتبخترين المتكبرين على الخلق يجهلون الحقائق ويغرقون في الأوهام، فهم أردأ الخلق واصفقهم، حيث يظنون تواضع النبيل يعطيهم الحق في الاساءة اليه، فعلى العقلاء من المتواضعين في هذه الحالة ان يكسروا في هؤلاء المتكبرين زهوهم، ويواجهوهم بما يردهم الى دركهم الذي يجب ان يكونوا فيه، فهو ما يستحقون، فهل يفعلون، هو ما ارجو والله ولي التوفيق. ص.ب: 35485 جدة: 21488 فاكس: 6407043