من نعم الله سبحانه وتعالى على عبده أن يجعل نفسه مكسورة مذلولة له و لا يعرف هذه النعمة إلا من كان مستسلما لله خاضعا لأوامره وأما المتكبرون فالنعمة التي هم فيها غرتهم سواء نعمة الصحة أو المال أو الجاه أو المنصب أو ما كانت هذه النعمة وهذه النعم لا تدوم إلا بالشكر لله وإلا الزوال لها وان بقيت مع معصية الكبر فالعقاب يوم الله . ومن غرتهم النعم التي هم فيها فسوف تعريهم من انكسار النفس وتلبسهم ثوب الكبرياء فانكسار النفس يكون بالطاعات والطاعة لصاحب الجاه بعدم احتقار من هم دونه ولصاحب المال بعدم التكبر على الفقراء والمساكين وهذا من طاعة الله لأن الله سبحانه وتعالى قال ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) {11} الحجرات وقال تعالى ( إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) {22} النحل . ومتى دخل الكبرياء للنفس افقدها حلاوة الإيمان ولذة العيش والكبرياء يأتي متسلطا على النفس يفقدها روح الإيمان ولذة الطاعة وللتخلص من هذا الداء يلزم الجلوس مع الفقراء والمساكين الطائعين لله وتوقيرهم والتعاطف مع الصغار . وهذا يحدث يوميا للمؤمن فهذا الوقوف بين يدي الله في المساجد للصلوات الخمس يقف بجانبه فقير أو مسكين أو صاحب وظيفة متواضعة ويلزم المؤمن عدم التأفف من ذلك في النفس وإلا ضاع الأجر . وها هو الحج لبيت الله المحرم الكل يخلع ملابس العز والشرف ويرتدي الرداء الأبيض الإحرام وفي كلا الموقفين يهب الله اجراً اكبر لأكثرهم تقوى ومخافة منه . ويُعظم الله أمر فقير أو مسكين يتقي ربه عز في علاه ويهلك الله الغني المتكبر والغنى ليس بالمال إنما الغنى بالله والغني هو الله سبحانه وتعالى والكل فقير له لأنه هو الغني عن العالمين . ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنه وهو اشرف مخلوق خلق وهذا عز له من الله تعالى كان يجالس أهل الصفة وهم الفقراء والمساكين فما بالنا اليوم حتى السلام لا نبدأه للضعفاء والمساكين والفقراء إنما ننتظر منهم ذلك ونرغب أن يقوموا لنا وان كانوا هم أصحاب الحق فيه . لان الراكب يسلم على الراجل والماشي يسلم على القاعد ترتيب عظيم نفتقر إلى تطبيقه واتباعه بل الادهى أن نعكس هذا الترتيب مع الأكثر جاهاً والأكثر مالاً ووجاهة وبهذا لمن يكون السلام في حالة العكس ؟ للقوي ولصاحب الجاه . أرجو من الله ان ينجينا وإياكم من النفاق وسوء الأخلاق والرياء والكذب والخداع ويعزنا بذلنا له واتباع أوامره واجتناب نواهية والتقيد بسنه نبيه وحبيبه وحبيبنا سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم اللهم احشرنا معه يوم الدين . آمين . واختم بحديثين للحبيب صلى الله عليه وسلم الأول ورد في صحيح ابن حبان والثاني في صحيح مسلم وهما قوله صلى الله عليه وسلم ( من تواضع لله درجة يرفعه الله درجة حتى يجعله في أعلى عليين ومن يتكبر على الله درجة يضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل السافلين ولو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس عليه باب ولا كوة لخرج ما غيبه للناس كائنا ما كان قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم من تواضع لله درجة يريد به من تواضع للمخلوقين في الله فاضمر الخلق فيه وقوله ومن تكبر أراد به على خلق الله فاضمر الخلق فيه إذ المتكبر على الله كافر به ) وقوله عليه صلوات ربه وسلامه (ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) . وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجرا من أحد سواه [email protected] ص . ب 11750 جدة 21463 فاكس 6286871