* في كل مرة أقول إنني سأتوقف عن الكتابة التي يكفي أنني اعطيتها كل حياتي ووقتي ومجهودي لدرجة أنها كسبتني خلال المسيرة الطويلة الكثير من القلق والتعب وقلة الراحة إلا انني بمجرد اسمع صوت صديقي وزميلي على حسون الزاهد في رئاسة التحرير على الهاتف يحضني على سرعة ارسال مقال رحلة الأيام ليوم الجمعة اعود عن قراري وابدأ بالشروع في كتابة المقال خاصة وزميلي علي يضرب لي على الوتر الحساس "اغراءً" قائلا: هو فيه احد مثلك يمتنع عن الكتابة وعلي خالد الغامدي ومحمد صادق دياب تزين مقالتاهما صفحتي رحلة الأيام التي تكتب فيها. ويبدو أن من عشق الصحافة واصبحت جزءا من اوردة شرايينه يستحيل ان يهجرها بكل بساطة وبكل تلك السهولة لكن الشيء الوحيد الذي طرأ على الصحافة مؤخراً ويجعلني اتردد في الكتابة هو ذلك الكم الهائل من التسطيح الذي يمارسه بعض غلمان الصحافة والذي عندما تبدأ في قراءته لاتعرف له رأساً من رجلين بل بالتأكيد يصيبك بالاحباط بعد أن تحولت الصحافة في الفترة الأخيرة، إلى وكالة بدون بواب يكتب فيها كل من هب ودب ونادرا ما تجد رئيس تحرير يُقيم المادة المنشورة في جريدته قبل النشر مادام الاهداف البعيدة والقريبة متوجهة الى صفحات الاعلان التي ممكن أن تلغي أي مقال يتعارض مع توجهات الاعلان ثم تستبدل بمقالات غير حرفية ومن وزن الريشه إذا قراءتها اصابتك بالغثيان وإذا تجاهلتها واتجهت إلى قراءة مقال آخر فلن تجده احسن حالاً من سابقه وقد ولفنا نحن صحفيي قبل اجهزة التسجيل وقبل زمن استقبال المقابلة عن طريق الانترنت ان اجراء التحقيقات الصحفية التي تتم من على ارض الواقع هي المادة الصحفية الاجمل والاحسن والاعمق والاكثر تشويقاً عند القراءة لانها لم تلوث بالتكنولوجيا الحديثة التي اعتمد عليها من يطلقون على أنفسهم صحفيي هذه الايام عندما تأتيهم المادة او المقابلة او الاجابة على اسئلتهم الصحفية جاهزة وهم جالسون على مكاتبهم واضعين رجلا على رجل وليس لهم في المادة المنشورة غير الاسم. نعم تطورت الصحافة تقنية وسرعة لكنها بقيت مفتقده الى ذلك الصحفي الذي يشم الخبر من على بعد والآخر الذي مكتبه في الميدان والثالث الذي عندما يقابل المسؤول لاجراء حوار معه يكون قد عرف عن المسؤول كل شيء حتى التفاصيل الصغيرة لتفيده في اثراء المقابلة مثلاً. واعطوني رئيس تحرير مثل عبد الله مناع عندما كان رئيس تحرير مجلة اقرأ أو مدير تحرير مثل الاستاذ محمد صلاح الدين عندما كان مديراً لتحرير جريدة المدينة ثم احمد محمود في فترة لاحقة كرئيس لتحرير جريدة المدينة. أو اعطوني مسؤول تحرير مثل محمد العجيان شفاه الله أو الدكتور فهد العرابي الحارثي عندما كان رئيساً لتحرير مجلة اليمامة ثم احكموا على الفريق الصحفي الذي كان يعمل مع هؤلاء وبدون تواضع ومبالغة فإن كل محرر في ذلك الزمان يستحق ان يكون رئيس تحرير . بقى ان أقول إن بعض رؤساء التحرير في هذه الايام هو "قوقل" وشاشة الانترنت التي تدخل اليها لتجد ما تريد من المادة الصحفية لكنها تفتقد الى الحرارة والمهنية وقلب الطاولة على المسؤول عندما يستخف بك كصحفي ويرسل لك مادة صحفية فعلية وقد اصبح العمل الصحفي يتم عن بعد بين المسؤول والمحرر.