تصاعد في الآونة الأخيرة الحديث عن "التطبيع" العربي في وسائل الإعلام الإسرائيلية؛ حيث تكررت أخبار وأنباء تكشف عن "موافقة" دول عربية عن اتخاذ خطوات تطبيعية مع إسرائيل، وهو ما تنفيه تلك الدول في ظل استمرار الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأى خبراء أن توالي صدور هذه الأنباء التي تنسب في أغلب الأحيان إلى "مصادر عليمة" دون تسميتها تهدف إلى استجلاب "النفي العربي العلني" لهذه الأنباء مما يضع الدول العربية في موقف الرافض للمبادرات الأمريكية الهادفة لحلحة عملية السلام المتجمدة بالرغم من استمرار إسرائيل في سياسة الاستيطان، الأمر الذي وصفوه ب"تكتيك تعجيزي" لتبرير السياسة الإسرائيلية. واعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، هاني المصري، اهتمام الإعلام الإسرائيلي بقضية التطبيع "محاولة من إسرائيل لتعزيز سياسة اختراق العرب وفرض الأمر الواقع عليهم دون تقشديم ما يفيد القضية الفلسطينية، ومحاولة منها لفرض تبرير الخطوات الاستيطانية التي تعتزم حكومة نتنياهو القيام بها". وأضاف أن الحديث الإسرائيلي عن موافقة دول عربية على التطبيع في هذا التوقيت الذي تزيد فيه إسرائيل من مستوطناتها يعد مكسبا مغريا لإسرائيل، ليعطي لها فرصة أكبر في تغيير الموقف الأمريكي المطالب بتجميد الاستيطان والاكتفاء بما تقوله إسرائيل إن ما تقوم به هو مجرد "استيطان جزئي". ولفت إلى أن "إسرائيل تقوم بعملية مقايضة علنية لوضع العرب في موقف لا يحسدون عليه، ففي حالة رفضهم التطبيع فإن ذلك يجعل إسرائيل في حل من أي اتفاق، وبالتالي تكسب وقتا أكبر للحصول في النهاية على شرعية الاستيطان". وفي نفس السياق، قال المحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، إن ما يبثه الإعلام الإسرائيلي من أنباء عن التطبيع هو "تكتيك تعجيزي" للضغط على العرب كي يوافقوا على التطبيع دون مقابل من الجانب الإسرائيلي. واعتبر عوكل أن "مطالب إسرائيل الأولية في التطبيع ولعل أبرزها فتح المجال الجوي العربي لطيرانها، وإقامة ممثليات إسرائيلية في الدول العربية بأنه نوع الابتزاز السياسي الذي يصب في مصلحة إسرائيل ويضعف الموقف العربي".وسبق أن أبدت عدة دول عربية مواقف متباينة بشأن الضغوط الأمريكية للتطبيع مع إسرائيل. وتنص المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 على أن تعيد إسرائيل كل الأراضي المحتلة قبل عام 1967 ومنها القدس مقابل تطبيع شامل مع الدول العربية. وتخطو واشنطن حاليا خطوات غير مسبوقة لإقناع إسرائيل بالكف، ولو مؤقتا، عن البناء في المستوطنات؛ لتمهيد الطريق أمام استئناف عملية السلام؛ لمحو صورة الفشل الأمريكي في حل صراع الشرق الأوسط التي رسمت ملامحها سياسات الرئيس السابق جورج بوش الابن والتي وصفت بالانحياز لإسرائيل.