لا تزال بعض القبائل والجماعات تحكم بقوانين وعادات وتقاليد بالية أسست منذ عشرات أو مئات السنين ؛ رافضين الاحتكام إلى شريعة الرب جل وعلا ؛ بل ومخالفين لأوامر الإسلام وتعاليمه في سبيل عدم مخالفة ما جاء من ( أوامر ) الأجداد المخالفة للشريعة السليمة ، حتى أصبح تطبيق هذه الأوامر أكثر أهمية - في نظرهم - من تطبيق شعائر الإسلام . ففي محافظة ( محايل عسير ) التابعة لمنطقة عسير ؛ حكمت إحدى قبائل المحافظة - تحتفظ الصحيفة باسمها - بما ورد عن السابقين من رفض زواج البنت من خارج القبيلة ؛ مهما كان ذلك الرجل المتقدم لخطبة الفتاة . وتعد القبيلة - والتي تقع شمال المحافظة - تعد زواج بنت القبيلة ممن لا ينتمي للقبيلة وصمة عار ومخل بالشرف ؛ بل يُعتبر من يقوم بذلك - بحسب فهم بعض رجال القبيلة - قد باع شرفه وشرف ابنته . واستندت ال ( وثيقة ) التي أسست لهذا التصرف الشاذ ؛ استندت في حكمها على إيراد آيات قرآنية وتفسيرها بشكل خاطئ ؛ والاستدلال بأحاديث ضعيفة وموضوعة لإثبات صحة ما حكموا به . إلا أنه ومع تطور العالم وسهولة الوصول إلى الأحكام الشرعية وتبيان الأحكام الشرعية الصحيحة ؛ بالإضافة إلى ما يبذله العلماء والدعاة وأهل الخير من جهود في سبيل تبيين خطأ مثل هذه الأحكام الجائرة ؛ لا يزال بعض رجال القبيلة مستمسكين بالعمل بهذه الوثيقة مهما كلفهم الأمر . وقد نقلت إحدى فتيات القبيلة عن محاولات لعدد كبير من علماء المملكة ووجهائها بإقناع شيخ القبيلة وأعوانه بإزالة هذا النظام ؛ إلا أنهم رفضوا ذلك بحجة أنها من توصيات الآباء والأجداد . إلى ذلك يرفض عدد كبير من أبناء القبيلة فكرة المذهب العنصرية ؛ ويدعون إلى تغييرها ؛ حرصاً منهم على مصالح أخواتهم وبناتهم وعدم تعريضهن للمجهول في قادم السنين ؛ إلا أنهم يصطدمون ببعض رجال القبيلة وشيخ القبيلة وأعوانه الذين يرفضون بشدة التخلي عن نظام الآباء والأجداد . فقد تجمع عدد من رجال القبيلة المؤدين لبقاء نظام الوثيقة ، متوعدين من يقوم بتزويج ابنته أو أخته من خارج القبيلة بهجرانه والتبرؤ منه ؛ وبحسب إحدى فتيات القبيلة ؛ فإن بعض من يتوعد ويحرض على عدم زواج بنت القبيلة من خارجها قد زوج جميع بناته . بل يصل الأمر إلى أن يمنع أقارب الفتاة وأبناء عمومتها ؛ يمنعونها من الزواج من خارج القبيلة في حال موافقة الفتاة وعائلتها على الزواج ممن يتقدم لخطبتها من خارج القبيلة ، إلا أنهم رغم ذلك لا يتقدمون لخطبتها أيضاً ؛ بل ويتزوجون من خارج القبيلة . كما وصل الحال ببعضهم إلى أن يحاول قتل أخته عند علمه برغبتها في الزواج من خارج القبيلة ؛ حتى يغسل عاره - حسب الفهم القاصر - . وفي تناقض عجيب من القبيلة فإنها تسمح لرجالها بالزواج من خارج القبيلة بينما تحرم ذلك على نسائها ؛ بل إن القبيلة لا ترغب في كشف حقيقة مذهبها أمام الآخرين حتى لا تقع في حرج عند تقدم أحد أبنائها لخطبة فتيات القبائل الأخرى ؛ وحتى لا تكتشف عائلات القبائل الأخرى أو تستنتج أن ابنتهم باعت شرفها بزواجها من خارج قبيلتها أيضاً ؛ من باب المعاملة بالمثل ، ولذلك فإنها تحرص على إخفاء مذهبها وعدم كشفه أمام الآخرين . أما ضحايا هذه الأحكام الجائرة ؛ ففتيات فقدن زهرة شبابهن وامتلأت بهن البيوت وحرمن الزواج وإكمال الحياة دون سبب مقنع أو علة مانعة ؛ فقد بلغ عدد من لم يتمكنوا من الزواج من فتيات هذه القبيلة أعداد كبيرة جداً ، بل وصل عدد الفتيات اللاتي حرمن الزواج في بعض البيوت إلى تسع فتيات ؛ يبلغ عمر أصغرهن 35 سنة دون أن تتمكن من الزواج ، وما ذاك إلا بسبب رجال أصبحوا في قبورهم حقيقة ؛ وآخرون لحقوا بهم حكماً . وقد أصبحت كثير من النساء دون وجود رجل يقوم عليها بعد وفاة والدها أو اخوانها أو انشغالهم بحياتهم الخاصة . والنتيجة أن تقول فتاة لوالدها بعد أن توفي وقد حرمها الزواج : ( سامحك الله في كل شيء إلا الزواج الله لا يسامحك فيه ) .