مازالت بعض الأسر تتمسك ببعض العادات القديمة وترفض بشدة تزويج فتاة من بناتها في حال وجود من تكبرها من الأخوات ولم يحالفها الحظ بالزواج بعد. فيما لا يعرف الخاطبون مسألة الترتيب بين الأخوات ويستندون دوما إلى النصيب وإعجاب أهل الخاطب بفتاة أيا كان ترتيبها بين أخواتها. فنجد بعض الأمهات يقمن بخطبة فتاة بعينها إن رأتها مناسبة في شكلها وعمرها وخلقها لابنها، فيصطدمن بردة فعل أسرة الفتاة التي سرعان ما تطلق عبارة "فلانة ليست للزواج الآن" مغلقة كل باب للنقاش في أمر كهذا. وبنبرة ألم تحكي عائشة عسيري حكايتها مع أهلها الذين رفضوا تزويجها بالرغم من تقدم الكثيرين لخطبتها بسبب وجود أخت تكبرها ولم يتقدم لخطبتها الكثير بسبب معاناتها من ثقل في اللسان، ملفتة إلى أنه وصل عمرها ال28 ولم يقبل أهلها بتزويجها إلا بعد أن تتزوج أختها، وأراد الله أن تتزوج أختها بشخص لديه إعاقة، لكنه لم يعد يتقدم لها كثيرون كالسابق. وقالت: إن عادة الترتيب في تزويج الفتيات حرمتني من فرص زواج كثيرة كانت تتمناها أي فتاة في عمري، ولدي أختان أصغر مني الآن وأجزم أن أهلي لن يوافقوا على تزويجهما إلا بعد أن أتزوج حتى مع تراجع فرص خطبتي الآن بخلاف السابق. ولفت علي الأحمري وهو أب لخمس فتيات إلى أنه منذ القدم لا يمكن للأب أن يسمح للخاطب أن يختار البنت الصغرى ليتزوج بها، وهنالك من تكبرها ولم تتزوج، ومباشرة حين يتقدم أحد لخطبة البنت الصغرى نقول له "فلانة ليست للزواج الآن"، فالعادات تقضي بضرورة احترام مشاعر الكبرى وتزويجها ثم تزويج من تليها. وهناك من الأسر من يتقدم شخص لخطبة بنت من بناتها دون تحديد فيقوم بتخييره بينهن، ولأن احترام مشاعر الكبرى هو السلوك المفترض أن يعمل به، فإن المتقدم يختار الكبرى حتى وإن كانت غيرها تناسب عمره أو تعجب أهله. وتقول رنا الغامدي: إنه في كل مرة يتقدم أحد للزواج بأختها التي أصغر منها تشعر بالغيرة منها، ويرفض أهلها مباشرة تزويجها بسبب وجود من تكبرها، مبينة أن هذا التصرف مع الأسف خلق توترا في علاقتها مع أختها، حيث أضحت أختها الأصغر تعتقد أنها السبب في إيقاف نصيبها، وهي أضحت تنظر لها بغيرة شديدة وتتمنى أن تتزوج كي تأخذ فرصتها في الزواج فقد تكون أجمل أو أكثر جاذبية منها. وأضافت زهرة العمري وهي أم لعدد من الفتيات: أنه بالفعل مازالت الأسر تتمسك بعادة رفض تزويج الصغرى احتراما لمشاعر من تكبرها سنا، إلا أن الواقع للأسف يفرض أن يتخلى المجتمع عن هذه العادة، لأن البعض يتقدم لخطبة فتاة يراها مناسبة أكثر من الكبرى وعلى الأهل عدم رفض تزويجها بذريعة وجود من هي أكبر منها، لأن في ذلك إيقافا لنصيبها. وبينت أنها تعرضت لموقف مشابه، حيث تقدم أحد الشباب للزواج من ابنتها الصغرى التي ما زالت في المرحلة الثانوية، وهناك اثنتان يكبرنها سنا إحداهما في الجامعة والأخرى معلمة، إلا أن والدها رفض وقال للمتقدم هناك اثنتان يكبرنها وعليك الاختيار منهما، ورفض الشاب بحجة أن أهله أعجبوا بالصغيرة، مبينة أنها حاولت إقناع والد الفتيات بعدم الوقوف أمام نصيب الصغرى إلا أنه رفض، وقال: "لايمكن أن أزوج الصغرى حتى تتزوج أختاها". فيما عارض عبدالعزيز عسيري هذا السلوك قائلا: "قمت بتزويج ابنتين وهناك من تكبرهما حتى لا أقف في وجه نصيبهما، وبعد أن تم تزويجهما تيسر للكبرى نصيبها وتزوجت أيضا، ملفتا إلى أنه يرفض بشدة هذه العادة لأن الدين الإسلامي لم يحض عليها، قائلا: "لا أظن حتى الفتاة الكبرى تقبل أن تكون حجر عثرة في طريق أخواتها الصغيرات". وحكت هاجر عسيري قصتها مع هذه العادة الاجتماعية قائلة: "مرت بي السنين دون أن يتقدم أحد لخطبتي، وأؤمن أن النصيب هو المتحكم في أمر كهذا، وخلال فترة مكوثي مع أسرتي كان يتقدم الكثيرون لأختي التي تصغرني دون أن يخبرها أحد بذلك، حتى صارحتها أمي بذلك يوما ما لتأخذ رأيها في الزواج لكنها رفضت بحجة وجودي، رافضة الزواج قبلي، إلا أنني أقنعتها بمسألة النصيب وأن عليها أن توافق إن وجدت المتقدم مناسبا دون أن تلتفت لمسألة الترتيب بين الأخوات. وبالفعل تزوجت وبعدها بشهر واحد تقدم أخو زوجها لخطبتي وتزوجته، فالنصيب لا يعرف عمرا ولا يعرف ترتيبا وإنما يخضع لقدر وأوقات يحسمها الله سبحانه وتعالى. ومن جانبه قال الأستاذ المشارك بقسم الفقه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور أحمد بن عبدالله العمري: إنه لا يجوز أن تحبس البنت الصغرى لأن الكبرى لم تجد خاطبا، لأن المسألة مسألة نصيب فقد لا يتيسر للكبرى زوجا، وعليه يجب عدم حبس نصيب الصغرى لأجلها لأن في ذلك ظلما لها، ملفتا إلى أن الرجل يمكن أن يتزوج الصغرى قبل الكبرى ولا يجد المجتمع إشكالا في ذلك، فالمسألة ليست مسألة احترام بقدر ما هي مسألة نصيب.