✒ إن نعم الله كثيرةٌ قد يُنْعمُ بها على العبد المؤمن وينغمسُ في ملذاتها ويتقلب فيها صباحاً ومساءاً وقد لا يستطيع حصرها أو عدها قال الله تعالى (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) فإن الشتاءْ من هذه النعم الجلية فهو ربيع المؤمن وبوابةٌ لعمل الخير حيثُ تكثر فيه العبادات والطاعات وتهبُّ بهِ نسائمُ الرحمةِ بين العباد وكلّ ذلك من فضل الله تعالى وحده وكرمه عليهم . ومن تلك النعم الحاضرة لنا في هذه الأيام بالذات وفي (فصل الشتاء ) فالكثير منّا لم يشعر بهذه النعمةِ أو يستشعرُ بها ألا وهي نعمةُ (الدفء) في الأبدان والبيوت والسيارات وأماكن الدارسة والعمل وغير ذلك . قال الله تعالى { وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ ءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ } أي ما نأخذ من أصوافها وأوبارها وجلودها للثياب والفرش والبيوت تلك نعمة الله ولولا رحمة الله تعالى بنا لهلكنا . لننظر بحالنا اليوم كم نلبس وكم نشتري من تلك الوسائل للتدفئة لوقاية أنفسنا من البرد ، ولكن في ذات الوقت هناك إخونٌ لنا من الفقراء والضعفاء الذين لا تتوفر لديهم تلك الوسائل لتقيهم من هذا البرد الذي قد أنهك بتلك الأجساد الضعيفة . فالواجب علينا أن نتلمس احتياجاتهم عن قرب والقيام بتوفيرها لهم فهؤلاءِ إخوةٌ لنا نتألم لآلامهم ونشعرُ بمآاسيهم منهم من هم أهل البيت والجيران والخدم والزملاء في العمل فمن كان عنده سعةً من المال ليُساعدهم ولايبخل عليهم من أجل أن نسعى لنشر الخير وندلُ غيرنا على فعله لهم . وولله الحمد فإن الخيرُ نهرٌ جاريٍ لاينقطع فهناك من وهبوا أنفسهم لفعل الخير والقيام بالأعمال التطوعية التي يحرص عليها الكثير من أبناء هذه البلاد من أجل إيصال تلك المساعدات لهؤلاء المحتاجين وتأمين وسائل الدفء لهم بلاكلل وملل. وليحرصُ الأباء اليوم على تعويد أبنائهم وتربيتهم على المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية وفعل الخير من أجل غرسِ تلك القيم النبيلةِ في ذواتهم منذ الصغر .. حيثُ قال أحدهم : أتدري كيف قابلني الشتاء* وكيف تكون فيه القرفصاء وكيف البرد يفعل بالثنايا* إذا اصطكت وجاوبها الفضاء فإن حل الشتاء فأدفئوني* فإن الشيخ آفته الشتاء أتدري كيف جارك يا ابن أمي* يهدده من الفقر العناء وكيف يداه ترتجفان بؤساً* وتصدمه المذلة والشقاء يصب الزمهرير عليه ثلجاً* فتجمد في الشرايين الدماء هذا الآدمي بغير دار فهل يرضيك أن يزعجه الشتاء يجوب الأرض من حي لحي* ولا أرض تقيه ولا سماء معاذ الله أن ترضى بهذا* وطفل الجيل يصرعه الشتاء أتلقاني وبي عوز وضيق* ولا تحنو؟فمنا هذا الجفاء أخي بالله لا تجرح شعوري* ألا يكفيك ما جرح الشتاء.. فعندما يحلّ الشتاء علينا فقد أنعم الله علينا ببعض النعم وهي بعض الرخص في العبادات والتي شرعها الله تعالى لحاجة الناس إليها وهي كالتالي : -المسح على الخفين للمقيم والمسافر . -الجمع بين الصلوات الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء عند نزول المطر وشدة الرياح الباردة. -تيسير الله لعبادتين وهم من الغنائم العظيمة هما الصيام والقيام في الليل، ولذا جاء عند الإمام أحمد وابن أبي شيبة بسند حسن أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة)[12]، وقال بعض السلف: (الشتاء ربيع المؤمن؛ طال ليله فقامة، وقصر نهاره فصامه).. فالحمد لله على نعمة الإسلام بأن رخصّ لنا في العبادات بتخفيفها وتيسيرها لنا . فالشتاء هو غنيمة العابرين وريع المؤمنين والمؤمن يرتع في بساتين الطاعات ...وينعمُ بربيعها ،ولكن للأسف هناك أناساً قد ضيعوا تلك الأوقات العظيمة ، وأصابهم الفتور عن الطاعات*. فإن الليالي الطويلة في فصل الشتاء هي ماتميزه لذلك يجب علينا أن نستغلها في العبادات والطاعات وغذاءُ الفكرِ بالقراءةِ النافعة من بحر الكتب واكتساب المعرفةِ منها فالبعضُ منّا لم يقدِّر تلك الأوقات ولم يُحي هذه الليالي*في القيام والطاعات فأيام الشتاء معدودة إن استطعت اليوم بعمل الخير فلا تتأخر ماكان موجداً لك اليوم غداً سيزول .