الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية صاحبة أكبر احتياطيات للنفط في العالم.. تبحث إقامة مشروعات كبرى لاستثمار الطاقة الشمسية
نشر في الأصيل يوم 19 - 11 - 2009

أعرب معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية عن سعادته البالغة لتكريم جامعة بكين الصينية له بمنحه درجة الدكتوراه الفخرية، اعترافاً بالدور المتميز الذي يلعبه على المسرح الدولي في مجالات الطاقة باعتبار المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم.
وصرح الوزير النعيمي بأن أهمية التكريم تأتي من كونه ممنوحا من إحدى أعرق جامعات العالم، وأكد على عمق العلاقات الاقتصادية والثقافية بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية على المستويين الرسمي والشعبي.
وأشار الوزير إلى دور الصين المتنامي في دفع عجلة الاقتصاد العالمي قدماً، وشدد على أهمية إيجاد بدائل للطاقة الأحفورية الناضبة لافتاً إلى اهتمام المملكة مؤخراً بإقامة مشروعات ضخمة للاستفادة من الطاقة الشمسية المتجددة.
في البداية شكر الوزير النعيمي معالي رئيس جامعة بكين البروفيسور زو كيفنغ لمنحو شرف الحديث إلى الجمع المتميز في الجامعة المرموقة ذات الشهرة العالمية قائلاً: إنه ليشرفني حقاً أن أكون هنا في جامعة بكين، وأشعر بغاية السعادة لمنحي من جامعتكم العريقة درجة الدكتوراه الفخرية.
فجامعة بكين احتضنت منذ تأسيسها في عام 1898 عدداً كبيراً من المواهب الفذة من الصين والعالم، لم يقتصر دورهم على قيادة مسيرة التنمية في الصين فحسب، بل أسهموا في النهوض بالمجتمع الإنساني بأسره. وخلال فترة الحركة الثقافية الجديدة في الصين، كان الرئيس السابق للجامعة، البروفيسور ساي يونبي، هو من دافع عن مبدأ حرية المعرفة والانفتاح الشامل على الأفكار.
وأعلن النعيمي إعجابه الشديد بجامعة بكين كمهد للفكر الصيني الحديث، علاوة على كونها تجسد الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، تزينه جرعة من المثالية. وقد دفع هذا الشعور بالمسؤولية الاجتماعية هيئة التدريس والطلاب بالجامعة إلى العمل الدؤوب في خدمة المجتمع الصيني بأسره.
ومؤكداً على مقولة الكاتب الصيني الشهير لو شون في مطلع القرن العشرين (إن جامعة بكين ستظل دائماً جديدة ومبدعة ورائدة في الابتكار والإصلاح والعمل على دفع الصين نحو ما فيه صالح مسيرة التقدم عبر مسيرتها المستمرة. وأشعر أن هذا ملخص رائع لروح الجامعة، كما أود أن أعرب عن أطيب تمنياتي لأعضاء هيئة التدريس والطلاب على مواصلة الارتقاء بهذه الروح في جامعة بكين إلى مستويات أعلى.
وانتسابي الفخري إلى هذه الجامعة يجعلني أشعر بالألفة في رحابها وفي الصين، كما أن انتسابي إلى الروح الثقافية النبيلة للبروفيسور ساي يونبي وانفتاحه الفكري يشعرني بأنني محل ترحيب هنا. وثمة سبب آخر وراء شعوري بالألفة في هذا المكان، وهو أني آسيوي. فعندما يدرس السعودي أو يدير عملاً أو يسافر لينهل من الثقافة والجمال الطبيعي للصين، يشعر أنه لا يزال بين ربوع قارته الأم.
وشدد على عمق العلاقات التاريخية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.. فبينما تمثل الصين الجانب الشرقي للقارة الآسيوية، تمثل المملكة العربية السعودية الجانب الغربي لها. ولقد توسعت العلاقات الاقتصادية بين بلدينا في الآونة الأخيرة بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه قبل بضعة عقود فقط. وبنظرة عبر التاريخ، قد لا نجد جديداً فيما يتعلق بالتبادل التجاري والثقافي بين الصين والعالم العربي.
فقبل نحو 1000 سنة، وخلال الأيام الأولى للخلافة العباسية، أسس البحارة والتجار العرب تجارة بحرية منتظمة مع الصين، وأقاموا مراكز تجارية على طول الساحل الجنوبي للصين. وكان الاقتصاد الصيني والاقتصاد العباسي، في ذروة علاقاتهما التجارية، هما الأكبر في العالم. وقد تميز الحرفيون العرب في هذه الفترة بصناعة الورق بعد أن تعلموا هذه المهارة من الصينيين. وقامت الموانئ العربية والشبكات التجارية بدور بالغ الأهمية في نقل الحرير الصيني والخزف والسلع الأخرى إلى الأسواق الأوروبية. كما يتفق مؤرخو الفكر والثقافة على أن الصين والعالم العربي - الإسلامي في النصف الأول من الألفية الماضية كانا من بين أكثر الحضارات تقدماً في العالم فيما يتعلق بالفلسفة والفنون والعلوم والتقنية.
وبعد بضعة قرون من الفترة التي شهدت ذروة العلاقات بين الخلافات العباسية والإمبراطورية الصينية، تقاطرت سلسلة رائعة من البعثات البحرية الصينية إلى الجزيرة العربية. فبين عامي 1413 و1432ه، قامت أساطيل صينية بقيادة الأدميرال جنق فا بالعديد من الزيارات للموانئ العربية. كما سافر (ما هون) وهو باحث شاب في علوم اللغة العربية ينتسب إلى مقاطعة جه جيانق، وهي المقاطعة نفسها التي خرج منها لو شون، مع الأسطول ليتولى مهمتي الترجمة والتأريخ. وفي أعقاب إحدى رحلاته تلك، كتب واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في وقته، بعنوان (المسح الشامل لشواطئ المحيطات)، وفي رحلة أخرى من رحلاته أمضى عدة أشهر فيما يعرف الآن بالمملكة العربية السعودية. والواقع أنه أقام بالقرب من الموقع الحالي لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية, شمال ميناء جدة القديم والمزدهر حتى اليوم. ومن تلك التجربة، كتب ما هون: (إن الناس هناك يتسمون بالهدوء ويبعثون على الإعجاب).. كما كتب يقول (إن هذا البلد في الحقيقة هو من أكثر البلاد سعادة).
وعلى الرغم من مرور نحو600 سنة منذ قام (ما هون) بزيارته، اسمحوا لي أن أطمئنكم إلى أنه عند زيارتكم لجامعة الملك عبدالله وأماكن أخرى في المملكة اليوم، ستجدون بالفعل بلداً من أكثر البلاد سعادة. فجامعة الملك عبدالله التي بدأت الدراسة فيها مؤخراً هي واحدة من أحدث الجامعات في العالم، ويمثل الصينيون من بين طلابها14% في أول فصل دراسي في الجامعة، وهو العدد الأكبر بعد الطلاب السعوديين. وإجمالاً، ينتمي طلاب الجامعة اليوم إلى 61 بلداً، وعليكم لنفس الأسباب التي تدعوني للشعور بالألفة معكم في شرق آسيا، أن تشعروا بالألفة في غرب قارتنا آسيا المملكة العربية السعودية.
كما أنه يسرني أن أنوه بأن طلاب العلم السعوديين يسافرون في الاتجاه الآخر أيضاً. فهناك اليوم أكثر من 400 طالب من المملكة يدرسون في تخصصات طبية وفنية في جامعات صينية، وسينضم إليهم نحو 100 آخرين خلال العام القادم، مما يجعل الصين أكبر دولة آسيوية تستقبل بعثات طلابية سعودية.
وأعلن الوزير أنه منذ هذا اليوم، تعد جامعة الملك عبدالله وجامعة الصين في شراكة رسمية. فقد وقعنا للتو مذكرة تفاهم للتعاون البحثي والتبادل الطلابي. كما أن جامعة بكين هي أول جامعة في الصين المعاصرة تدخل الدراسات العربية ضمن مناهجها قبل ستة عقود. والآن تنضم جامعة بكين إلى جامعات ستانفورد وبيركلي وكيمبريدج وإمبريال كوليدج في لندن، إلى جانب40 جامعة بحثية رائدة أخرى في الشراكة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. ونأمل أن تلعب جامعة الملك عبدالله مع مرور الزمن دوراً حيوياً في المساعدة في تنمية أثمن الموارد وأنفسها على الإطلاق، وهو المورد البشري، وذلك من أجل تنويع اقتصادنا وتحويله إلى اقتصاد ابتكاري وتحقيق منافع كبيرة لشعوبنا وللعالم.
وأكد النعيمي على أن تركيز المملكة ينصب فقط على احتياجاتها أو على تطلعات الشعب السعودي وحده، بل إن جدول أعمال البحوث في الجامعة يسعى إلى معالجة عدد من أكبر التحديات التي تواجه البشرية اليوم، مثل المياه النظيفة للعطشى، والطعام للجوعى، والموارد المتجددة لاقتصاد عالمي يبحث دائماً عن مزيد من الطاقة.
نعم، لقد قلت الموارد المتجددة، وربما تتفاجأون إذا أخبرتكم أن المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، قد شرعت مؤخراً في أعمال بحث وتطوير كبرى لاستثمار الطاقة الشمسية، والسؤال الذي يتبادر للذهن لماذا نفعل هذا؟ وأقول لأنه، وعلى الرغم من وفرة احتياطيات النفط لدينا، وتوقع استمرارها لعقود طويلة قامة، إلا أن مصيره في النهاية إلى النضوب. وفي الوقت نفسه، لدينا معروض كبير سواء من أشعة الشمس، والمواد الخام اللازمة للخلايا الشمسية ممثلة في السيليكا الرملية النقية.
وانتقل النعيمي للحديث عن عميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين قائلاً: وبصفتي وزيراً للبترول والثروة المعدنية في بلادي، أود أن أتحدث قليلاً عن العلاقات الإستراتيجية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية.
فنحن نعتبر الصين شريكاً استراتيجياً ونسعى على الدوام إلى تقوية مثل هذه الشراكة وتعزيزها، وفور تولي خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، مقاليد الأمور في المملكة العربية السعودية، أكد -حفظه الله- على أهمية هذه العلاقة بأن جعل الصين مقصده في أول زيارة رسمية يقوم بها. وقد استمرت علاقتنا التجارية المتبادلة في الازدهار في جميع المجالات حتى بلغت ذرى جديدة مع النمو الاقتصادي الكبير في منطقتينا.
مؤكداً على أن الصين اليوم تعد من بين أهم شركائنا التجاريين في آسيا والعالم. فقارة آسيا هي شريكنا التجاري الأكبر بين القارات، بحصة تبلغ 45% من إجمالي تجارة المملكة. وفي الوقت نفسه، تعد المملكة هي الشريك التجاري الرئيس للصين ولقارة آسيا في الشرق الأوسط.
ومشيراً إلى أن حصة الصين البالغة 11% من الواردات السعودية تأتي في المرتبة الثانية بعد حصة الولايات المتحدة، فإن قارة آسيا تستأثر بأكثر من30% من وارداتنا والنصف تقريباً من إجمالي العمليات التجارية.
وفيما يتعلق بتجارة الطاقة والعلاقات الاستثمارية، تستأثر آسيا بأكثر من نصف صادراتنا من النفط الخام والمنتجات المكررة وسوائل الغاز الطبيعي، فيما تستأثر الصين بخمس صادراتنا إلى السوق الآسيوية. ولا تقل علاقتنا الاستثمارية أهمية، فاليوم توجد أضخم أصولنا التكريرية خارج المملكة في آسيا، حيث تبلغ طاقتها 1.3 مليون برميل في اليوم في كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية. ويسعدنا أن نرى مشروعي أرامكو السعودية - ساينوبك - اكسون موبيل) المتكاملين في مجال التكرير والبتروكيماويات والتسويق في مقاطعة فوجيان الصينية، وهما يتقدمان للوصول بطاقة المعالجة إلى 240 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي بنهاية هذا العام، كما تتوسع الاستثمارات الصينية في صناعة النفط والغاز لدينا بحيث تشمل أعمال التنقيب عن الغاز، والحفر، والخدمات الأخرى لصناعتي النفط والبتروكيماويات.
وأكمل الوزير: إنه بالتطلع إلى المستقبل، وحسب بعض التقديرات الدولية، يتوقع أن يزيد استهلاك الصين من النفط بمقدار 1.7 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2015 و7 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2030 لتستأثر بذلك بنحو 32% من الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط. كما يتوقع أن يمثل الطلب الصيني على الغاز نسبة 11% من النمو العالمي في الطلب، ونسبة 30% من الطلب الآسيوي. وسوف يواصل هذا الطلب نموه متأثراً بالتنمية الصناعية وزيادة السكان، وكثرة الحركة، والتنقل. ويتوقع أن تتم تلبية الطلب الصيني والآسيوي بصفة أساسية عن طريق المملكة ودول الخليج الأخرى.
ولتلبية هذا النمو في الطلب والتوسع في تجارة منتجات البترول والغاز، تبرز الحاجة إلى الاستثمار في جميع أعمال البترول والغاز في كل المناطق، خاصة في آسيا والشرق الأوسط. وتنفذ المملكة العربية السعودية وحدها في هذا المجال خططاً استثمارية يبلغ إجماليها أكثر من 100 بليون دولار للمحافظة على الطاقة الإنتاجية للبترول والغاز وزيادتها مع توسعة مرافق التكرير والمعالجة وتطويرها، بما في ذلك المشروعات داخل المملكة وخارجها.
وأكد النعيمي أنه تم تحقيق زيادة في الطاقة الإنتاجية للبترول الخام بلغت 12.5 مليون برميل في يونيه 2009م، ونقوم الآن بزيادة طاقتنا في مجال إنتاج الغاز ومعالجته بمقدار 4.5 بليون قدم مكعبة في اليوم بحلول عام 2014، وهي زيادة بنسبة 40% عن الطاقة الحالية لتلبية الاحتياجات المحلية من الوقود في محطات توليد الكهرباء، وتحلية المياه، والبتروكيماويات، والصناعات الأخرى. كما نقوم بتنفيذ خطط لبناء مصفاتين جديدتين في المملكة بالاشتراك مع القطاعات العاملة في صناعة النفط العالمية، بطاقة إجمالية تبلغ 800 ألف برميل في اليوم، إلى جانب تطوير المصافي القائمة بالاشتراك مع المجمعات البتروكيماوية. وسوف تؤدي مبادراتنا للاستثمار في مجال التكرير إلى مضاعفة طاقتنا التكريرية المحلية والدولية بحلول عام 2015م.
هذه الاستثمارات إلى جانب استثماراتنا الخارجية في مصافي المشروعات المشتركة في الولايات المتحدة، والصين، وكوريا، واليابان، تسلط الضوء على مساعينا الشاملة من أجل استقرار السوق العالمية، واستمرارية الإمدادات وموثوقيتها. ويعد التزامنا الخاص بالسوق الآسيوية حجر الزاوية في تلك المساعي.
وحول هذه الإشارة الأخيرة، طالب النعيمي مستمعيه بأن يسمحوا له أن يكون واضحاً، وقال: إن بوسع الصين أن تعتمد على المملكة العربية السعودية في إمدادها بالنفط الذي ستحتاجه لمواصلة النمو المتوقع لعقود قادمة.
وأرجو أن تأذنوا لي بأن أتطرق إلى بعض الهواجس العالمية العامة حول أمن الطاقة. فإذا كان أمن الطاقة يُعرف بشكل صحيح على أنه تنوع الطاقة وتوافرها بأسعار معقولة في جميع الأوقات، فهو بذلك يشكل هاجسا لكل من المنتجين والمستهلكين على السواء. وللأسف، فقد قام البعض بوضع تعريف ضيق النطاق لأمن الطاقة وتم ربطه بالجهود المبذولة لمعالجة التغير المناخي وجانبي الاستقلالية في مجال الطاقة والاعتماد على واردات النفط. وفي اعتقادي أن مثل هذا الربط يمكن أن يؤدي إلى سياسات تجارية متعجلة وقاصرة ومقيدة للتجارة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف أمن الطاقة والجهود العالمية الخاصة بمعالجة التغير المناخي.
وفيما يتعلق بكفاية موارد الطاقة، يجب أن يكون واضحاً أنه من منظور الموارد التي حبانا الله تعالى بها من النفط والغاز، فإن الصورة تختلف عن تلك التي يرسمها المتشائمون بشأن هذه الموارد. ففي عام 1990 كانت احتياطيات النفط المؤكدة تبلغ تريليون برميل، فيما تبلغ اليوم 1.3 تريليون برميل بعد أن استخرج العالم منها واستهلك نحو 485 بليون برميل. وتتشابه الصورة بالنسبة لموارد الغاز، فقد زادت احتياطياته بنسبة 50% على الرغم من إنتاج نحو 44 تريليون قدم مكعبة منذ العام 1990 وحقيقة الأمر هي أن التقنية والإبداع البشري قد ساهما في نمو الموارد الهيدروكربونية العالمية لتدوم فترة أطول.
وأعلن الوزير أن اقتصاديات العالم اليوم أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة والبترول من أي وقت مضى من منظور الطلب على الطاقة، فالعالم يستهلك الآن من الطاقة ما يقل بنسبة 20% لكل 1000 دولار من إجمالي الناتج المحلي مقارنة باستهلاكه في عام 1990م، كما أن استهلاك الصين من الطاقة لكل 1000 دولار بالأسعار الثابتة قد انخفض من 2.6 برميل من النفط المكافئ في عام 1990م إلى 1.3 برميل في اليوم. وهذا هو أكثر ما يلفت النظر، إذا ما نظرنا إلى معدلات النمو الاستثنائية في الصين وما صاحبها من زيادة في معدلات الطلب على الطاقة والنفط. ومن هنا فإن الصين، في إطار سعيها إلى مصادر متجددة للطاقة، تكتسب اهتماما مستحقا على وجه الخصوص بسبب استثماراتها الكبيرة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء.
وقد تمت تلبية احتياجات التوسع الاقتصادي الكبير في آسيا خلال العقود الثلاثة السابقة عن طريق زيادة الإمدادات من منطقة الخليج الغنية بالطاقة، واستمر ذلك طيلة فترات تقلبات أسعار البترول وخلال الأزمات المالية والاقتصادية والصراعات السياسية.
وعند التطرق إلى عدد من المسائل المتعلقة بقلق منتجي النفط. فإذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن النفط مورد معرض للنفاد والنضوب، فإنه ينبغي استغلاله لزيادة رفاهية الأجيال الحاضرة والمقبلة. وهذا يتطلب استخدام الموارد وما تحققه من إيرادات بكفاءة تامة لدعم أهداف التنمية الوطنية، كما أن تعقيدات صناعة النفط والغاز تتطلب نوعاً من الإتقان التقني والإداري.
وفي المملكة العربية السعودية، تركز استراتيجيتنا الاقتصادية على استغلال النفط والغاز والإيرادات التي يحققانها في تطوير الموارد البشرية، وإنشاء البنية الأساسية، وتغذية وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتوجيه المزيد من الموارد نحو العلم والتقنية. وإلى جانب استمرار التركيز على تطوير الموارد البشرية، شهدت السنوات الخمس الماضية زيادات ملحوظة في عدد المدارس، والجامعات، والمستشفيات، ومراكز التدريب المهني.
وقد صاحب ذلك تحسينات ملحوظة في جودة الخدمات التعليمية، والصحية، وتعزيز برامج الإصلاح المختلفة في القطاعات ذات الصلة.
كما نواصل العمل على توجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية لتنويع اقتصادنا، وسن القوانين، والتشريعات أو إصلاحها لتعزيز بيئة عمل سليمة. ويعد إنشاء خط سكك حديدية الشمال والجنوب، بمشاركة العديد من الشركات بعضها من الصين، لنقل الخامات التعدينية من شمال البلاد إلى المدينة الصناعية والتعدينية المنشأة حديثاً في رأس الزور على ساحل الخليج، مشروعا يهدف في مجمله إلى تحقيق الاستفادة الكاملة من المزايا النسبية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية.
كما أود أن أضيف بعض النقاط حول سوق الطاقة العالمية. لقد كانت السنوات القليلة الماضية حاسمة بالنسبة لأسواق الطاقة والمعنيين بها. فبعد ارتفاع أسعار النفط والسلع الأخرى، تراجعت هذه الأسعار بسرعة هائلة في أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ثم بدأت تتعافى إلى مستويات أكثر استمرارية حين أخذت تتضح ملامح الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وأعرب عن قلقه بشأن تقلبات أسعار النفط، وإسهام عوامل أخرى غير العرض والطلب في مثل هذه التقلبات، مؤكداً أن هذه الأسعار الحادة انخفاضا أو ارتفاعا غير قابلة للاستمرار بل هي ضارة بمنتجي البترول ومستهلكيه على حد سواء. وقد حاولنا من جانبنا تخفيف أثر عوامل العرض والطلب من خلال استثماراتنا لزيادة الطاقة الإنتاجية والعمل مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار في السوق.
فقد عملنا دون كلل مع الأطراف المعنية في مبادرة معلومات النفط المشتركة بتنسيق من منتدى الطاقة الدولي لتحسين الشفافية عن طريق تقديم معلومات آنية ودقيقة حول استهلاك النفط وإنتاجه ومخزونه. ولطالما قلنا بأن تراخي الرقابة على بورصات السلع، بما فيها النفط، قد حد من دور العرض والطلب في تحديد الأسعار وأسهم في حدوث تقلبات حادة في الأسعار. وقد أسعدنا أن نرى، في أعقاب الأزمة المالية العالمية، نداءاتنا المتكررة لزيادة الشفافية والرقابة في مثل هذه الأسواق وقد لقيت آذاناً صاغية في نهاية الأمر، وان يجري سن قوانين وتشريعات في البورصات الرئيسة في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة لإحداث هذا الأثر.
ويشيع اليوم حديث بين المعلقين في الشرق والغرب عن القرن الحادي والعشرين على أنه (القرن الآسيوي) وبالمقارنة مع معظم أحداث السنوات المائة الأخيرة، وطبقا لبعض الإحصائيات التي ذكرتها آنفاً، فإن هذا الوقت، من الناحية الاقتصادية على الأقل، هو وقت الريادة الآسيوية.
أما على النطاق الأبعد فالأنسب أن نقول إن هذا قرن آسيوي وليس القرن الآسيوي. فكما أشرت آنفاً، لقد كانت هناك حقب أخرى للازدهار الآسيوي، كتلك التي كان فيها الصينيون والعباسيون أعظم قوتين اقتصاديتين في العالم. وحتى في ذلك الوقت، كانت قوة هاتين الحضارتين الآسيويتين تعتمد في جزء كبير منها على العلاقات التجارية المفتوحة مع أنحاء العالم الأخرى.
ومما لا شك فيه، أنه ما كان لهذا القرن الآسيوي الواعد الجديد أن يتحقق إلا بانفتاح آسيا على العالم الأوسع. وما انضمام كل من الصين والمملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة العالمية إلا دليل على هذا الانفتاح. وأكد أنه لا يمكن لآسيا أن تواصل ازدهارها دون استمرار علاقتها البناءة مع الغرب، ودون السعي إلى إقامة علاقات متبادلة مع الاقتصادات الناهضة في إفريقيا وفي أمريكا الجنوبية.
ولفت الوزير إلى أن المملكة العربية السعودية تنظر بتقدير بالغ إلى الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الصين، وأعني بها الجهود التي تمثلت في إرسال نائب الرئيس زي جيانبنغ في يونيه 2008 لمقابلة الملك عبد الله والمشاركة في قمة جدة الحاسمة حول الطاقة التي استهدفت تحقيق الاستقرار في أسعار النفط. فاستمرار مثل هذا الحوار بين المملكة والصين، وبيننا وبين الدول الأخرى، من شأنه أن يسهم في ازدهار العالم وأمنه.
ومع اعتزازنا بهذا التاريخ الثري من العلاقات العربية - الصينية الذي يمتد لأكثر من 1000 عام، دعونا نواصل تعاوننا لتوفير مزيد من الطاقة لهذا القرن الآسيوي الجديد - ولا أقصد هنا الطاقة المستخدمة في وسائل النقل والصناعة فقط، بل اقصد الطاقة الفكرية كذلك.
وأعلن الوزير عن شدة إعجابه بشعب الصين الديناميكي المبدع، وتقاليده، وثقافته الثرية، وتطوره الاجتماعي والاقتصادي غير العادي، وآمل من أعماق قلبي أن تستمر العلاقات الودية طويلة الأمد بين بلدينا، جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية، في الازدهار، ليس في مجالات النفط وتجارة الطاقة والاستثمار فحسب، بل وفي المجالات السياسية والتجارية والثقافية أيضا. فأنا أشعر بأننا لم نستثمر بعد سوى النزر اليسير من إمكانات علاقتنا لخير الصين والمملكة والعالم.
ونيابة عن الجامعة الفتية في المملكة العربية السعودية، وربما في العالم، أود أن أمد يد الصداقة إلى جامعتكم المرموقة ذات التراث العريق. كما أرى في هذا اليوم خطوة أخرى نحو تعميق صداقتنا واتطلع إلى سنوات عديدة من الصداقة معكم ومع شعب الصين العظيم.
إنه من مأثور القول إن (الصديق البعيد يقرب المسافات) ورجائي هو أن تدوم هذه الصداقة بين جامعة بكين وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وهذه العلاقات الوطيدة بين الصين والمملكة العربية السعودية إلى الأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.