منحت جامعة بكين درجة الدكتوراه الفخرية لوزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تقديرا لمساهماته الواسعة العلمية والعملية في مجال الطاقة واستقرار أسعارها ودعم السعي لايجاد طاقة بديلة نظيفة ودعمه العلمي في هذا الجانب. حضر حفل منح درجة الدكتوراه مدير جامعة بكين وسفير خادم الحرمين الشريفين في بكين المهندس يحي بن عبدالكريم الزيد ورئيس شركة ارامكو المهندس خالد الفالح ومسئولي الطاقة في الصين وسفراء الدول العربية في بكين وعدد من الاعلاميين والمثقفين والرعايا السعوديين. وقد القى خلال حفل منحه الدكتوراه الفخرية في عاصمة جمهورية الصين الشعبية كلمة عبر فيها عن سعادته بهذه المناسبة مشيدا بالجامعة التي تأسست عام 1898 وتضم العديد من المواهب كمهد للفكر الصيني الحديث. ووصف الصين بأنها شريك استراتيجي تسعى المملكة باستمرار إلى تقوية الشراكة معه وتعزيزها وقال: تعد الصين اليوم من بين أهم شركائنا التجاريين في آسيا والعالم. فقارة آسيا هي شريكنا التجاري الأكبر بين القارات، بحصة تبلغ 45% من إجمالي تجارة المملكة. وفي الوقت نفسه، تعد المملكة الشريك التجاري الرئيس للصين ولقارة آسيا في الشرق الأوسط ، وتأتي حصة الصين البالغة 11% من الواردات السعودية في المرتبة الثانية بعد حصة الولاياتالمتحدة، إلا أإن قارة آسيا تستأثر بأكثر من 30% من وارداتنا والنصف تقريبًا من إجمالي العمليات التجارية . وأضاف: فور تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، مقاليد الأمور في المملكة العربية السعودية، أكد، حفظه الله، على أهمية هذه العلاقة بأن جعل الصين مقصده في أول زيارة رسمية يقوم بها خارج المملكة. وقد استمرت علاقتنا التجارية المتبادلة في الازدهار في جميع المجالات حتى بلغت ذُرًى جديدة مع النمو الاقتصادي الكبير في منطقتينا . وعبر عن شعوره بالألفة في رحاب جامعة بكين في الصين وانه محل ترحيب وقال : ثمة سبب آخر وراء شعوري بالألفة في هذا المكان، وهو أني آسيوي. فعندما يدرس السعودي أو يدير عملاً أو يسافر لينهل من الثقافة والجمال الطبيعي للصين، يشعر أنه لا يزال بين ربوع قارته الأم.. فبينما تمثل الصين الجانب الشرقي للقارة الآسيوية، تمثل المملكة العربية السعودية الجانب الغربي لها. ولقد توسعت العلاقات الاقتصادية بين بلدينا في الآونة الأخير بشكل كبير مقارنةً بما كانت عليه قبل بضعة عقود فقط//. وأعلن عن شراكة بين جامعة الملك عبدالله وجامعة بكين انطلقت اليوم حيث جرى التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون البحثي والتبادل الطلابي. كما أن جامعة بكين هي أول جامعة في الصين المعاصرة تدخل الدراسات العربية ضمن مناهجها قبل ستة عقود. إضافة الى ذلك.. مشيرا إلى أن جامعة بكين تتفق مع مكتبة الملك عبدالعزيز ،لفتح فرع للمكتبة يخصص بالمخطوطات التراثية العربية والصينية. والآن تنضم جامعة بكين إلى جامعات ستانفورد وبيركلي وكيمبريدج وإمبريال كوليدج في لندن، إلى جانب 40 جامعة بحثية رائدة أخرى في الشراكة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وعبر عن أمله أن تسهم جامعة الملك عبدالله مع مرور الزمن بدور حيوي في المساعدة في تنمية أثمن الموارد وأنفسها على الإطلاق، وهو المورد البشري، وذلك من أجل تنويع اقتصادنا وتحويله إلى اقتصاد ابتكاري وتحقيق منافع كبيرة لشعوبنا وللعالم. وأكد أن تركيز جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لا ينصب فقط على احتياجات المملكة أو على تطلعات الشعب السعودي وحده، بل إن جدول أعمال البحوث في الجامعة يسعى إلى معالجة عددٍ من أكبر التحديات التي تواجه البشرية اليوم، مثل المياه النظيفة للعطشى، والطعام للجوعى، والموارد المتجددة لاقتصاد عالمي يبحث دائمًا عن مزيد من الطاقة. وأبرز وزير البترول والثروة المعدنية نشاط وجهد المملكة العربية السعودية في الطاقة البديلة وقال: لقد قُلتُ الموارد المتجددة. وربما تتفاجأون إذا أخبرتكم أن المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، شرعت مؤخرًا في أعمال بحث وتطوير كبرى للطاقة الشمسية. والسؤال الذي يتبادر للذهن لماذا نفعل هذا؟ وأقول لأنه، وعلى الرغم من وفرة احتياطيات النفط لدينا، وتوقع استمرارها لعقود طويلة قادمة، إلا أن مصيرها في النهاية النضوب. وفي الوقت نفسه، لدينا معروض كبير سواء من أشعة الشمس، والمواد الخام اللازمة للخلايا الشمسية ممثلة في السيليكا الرملية النقية ). وتطرق وزير البترول والثروة المعدنية لبعض الهواجس العالمية العامة حول أمن الطاقة قائلا: إذا كان أمن الطاقة يُعرَّف بشكل صحيح على أنه تنوع الطاقة وتوفرها بأسعار معقولة في جميع الأوقات، فهو بذلك يشكل هاجسًا لكل من المنتجين والمستهلكين على السواء. وللأسف، فقد قام البعض بوضع تعريف ضيق النطاق لأمن الطاقة وتم ربطه بالجهود المبذولة لمعالجة التغير المناخي وجانبي الاستقلالية في مجال الطاقة والاعتماد على واردات النفط. وفي اعتقادي أن مثل هذا الربط يمكن أن يؤدي إلى سياسات تجارية متعجلة وقاصرة ومقيدة للتجارة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف أمن الطاقة والجهود العالمية الخاصة بمعالجة التغير المناخي. وأضاف: فيما يتعلق بكفاية موارد الطاقة، يجب أن يكون واضحًا أنه من منظور الموارد التي حبانا الله تعالى بها من النفط والغاز، فإن الصورة تختلف عن تلك التي يرسمها المتشائمون بشأن هذه الموارد. ففي عام 1990، كانت احتياطيات النفط المؤكدة تبلغ تريليون برميل، فيما تبلغ اليوم 1.3 تريليون برميل بعد أن استخرج واستهلك العالم منها نحو 485 بليون برميل. وتتشابه الصورة بالنسبة لموارد الغاز، فقد زادت احتياطياته بنسبة 50% على الرغم من إنتاج نحو 44 تريليون قدم مكعبة منذ عام 1990. وحقيقة الأمر هي أن التقنية والإبداع البشري قد ساهما في نمو الموارد الهيدروكربونية العالمية لتدوم فترة أطول. وتابع قائلا: من منظور الطلب على الطاقة، فإن اقتصاديات العالم اليوم أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة والبترول من أي وقت مضى. فالعالم يستهلك الآن من الطاقة ما يقل بنسبة 20% لكل 1000 دولار من إجمالي الناتج المحلي مقارنة باستهلاكه في عام 1990. كما أن استهلاك الصين من الطاقة لكل 1000 دولار بالأسعار الثابتة قد انخفض من 2.6 برميل من النفط المكافئ في عام 1990 إلى 1.3 برميل في اليوم. وهذا هو أكثر ما يلفت النظر، إذا ما نظرنا إلى معدلات النمو الاستثنائية في الصين وما صاحبها من زيادة في معدلات الطلب على الطاقة والنفط. ومن هنا فإن الصين، في إطار سعيها إلى مصادر متجددة للطاقة، تكتسب اهتمامًا مستحقًا على وجه الخصوص بسبب استثماراتها الكبيرة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء. وأردف بقوله: قد تمت تلبية احتياجات التوسع الاقتصادي الكبير في آسيا خلال العقود الثلاثة الماضية عن طريق زيادة الإمدادات من منطقة الخليج الغنية بالبترول ، واستمر ذلك طيلة فترات تقلبات أسعار البترول وخلال الأزمات المالية والاقتصادية والصراعات السياسية.. وعند التطرق إلى عددٍ من المسائل المتعلقة بقلق منتجي البترول. فإذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن البترول مورد معرض للنفاد والنضوب، فإنه ينبغي استغلاله لزيادة رفاهية الأجيال الحاضرة والمقبلة. وهذا يتطلب استخدام الموارد وما تحققه من إيرادات بكفاءة تامة لدعم أهداف التنمية الوطنية، كما أن تعقيدات صناعة النفط والغاز تتطلب نوعًا من الإتقان التقني والإداري. وبين أن المملكة ، تركز إستراتيجتها الاقتصادية على استغلال النفط والغاز والإيرادات التي يحققانها في تطوير الموارد البشرية، وإنشاء البنية الأساسية، وتغذية وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتوجيه المزيد من الموارد نحو العلم والتقنية.. موضحا أنه إلى جانب استمرار التركيز على تطوير الموارد البشرية، شهدت السنوات الخمس الماضية زيادات ملحوظة في عدد المدارس، والجامعات، والمستشفيات، ومراكز التدريب المهني. وقد صاحب ذلك تحسينات ملحوظة في جودة الخدمات التعليمية، والصحية، وتعزيز برامج الإصلاح المختلفة في القطاعات ذات الصلة. وأكد مواصلة العمل على توجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية لتنويع الاقتصاد السعودي ، وسن الأنظمة والقوانين ، أو إصلاحها لتعزيز بيئة عمل سليمة. ورأى أن إنشاء خط سكك حديدية الشمال والجنوب، بمشاركة عدد كبير من الشركات المحلية والعالمية ، بعضها من الصين، لنقل الخامات التعدينية من شمال البلاد إلى المدينة الصناعية والتعدينية المنشأة حديثاً في رأس الزور على ساحل الخليج، مشروعًا محققا للاستفادة الكاملة من المزايا النسبية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية. وركز معالي وزير البترول والثروة المعدنية بشأن سوق الطاقة العالمية على أن السنوات القليلة الماضية كانت حاسمة بالنسبة لأسواق الطاقة والمعنيين بها. موضحا أنه بعد ارتفاع أسعار البترول والسلع الأخرى، تراجعت هذه الأسعار بسرعة هائلة في أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ثم بدأت تتعافى إلى مستويات أكثر استمرارية حين أخذت تتضح ملامح الانتعاش الاقتصادي العالمي. وقال: مع قلقنا بشأن تقلبات أسعار البترول ، وإسهام عوامل أخرى غير العرض والطلب في مثل هذه التقلبات، كان رأينا هو أن هذه الأسعار الحادة انخفاضًا أو ارتفاعًا غير قابلة للاستمرار، بل هي ضارة بمنتجي البترول ومستهلكيه على حد سواء. وقد حاولنا من جانبنا تخفيف أثر عوامل العرض والطلب من خلال استثماراتنا لزيادة الطاقة الإنتاجية والعمل مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار في السوق.. فقد عملنا دون كلل مع الأطراف المعنية في مبادرة معلومات البترول المشتركة بتنسيق من منتدى الطاقة الدولي لتحسين الشفافية عن طريق تقديم معلومات آنية ودقيقة حول استهلاك البترول وإنتاجه وتجارته ومخزونة. وأضاف: لطالما قلنا بأن تراخي الرقابة على بورصات السلع، بما فيها البترول ، قد حد من دور العرض والطلب في تحديد الأسعار ، وأسهم في حدوث تقلبات حادة في الأسعار. وقد أسعدنا أن نرى، في أعقاب الأزمة المالية العالمية، نداءاتنا المتكررة لزيادة الشفافية والرقابة في مثل هذه الأسواق وقد لقيت آذاناً صاغية في نهاية الأمر، وأن يجري سن قوانين وتشريعات في البورصات الرئيسة في الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة، لإحداث هذا الأثر. واستبشر المهندس النعيمي بمستقبل آسيا في القرن القادم كما وصف المعلقين القرن القادم بأن القرن الحادي والعشرين هو “القرن الآسيوي” من الناحية الاقتصادية على الأقل، هو وقت الريادة الآسيوية مؤكدا ثقته بأن على النطاق الأبعد، فالأنسب أن نقول أن هذا قرن آسيوي وليس القرن الآسيوي.