بداية فنحن مدينون لقناة المجد ببرامجها الرائعة , وهذه الدورة الرمضانية الماتعة سواء في برامجها النوعية , أو الدرامية , وحتى الترفيهية , وإن كان ثمة سقطات نخشى من وُسع الخرق على الراقع فيما بعد . ولكن نحن هنا لنلقي الضوء على البرنامج الراقي والتقني (الشاشة لك) , والتي وُلدت فكرته الرائعة من مقدم البرنامج –وفقه الله-, وأنا على وجه الخصوص من المتابعين لهذا البرنامج , ولاسيما هذا الشهر حيث أشاهده في وقته , وأحاول تعقب المقاطع في الموقع حين تفتني الحلقة المباشرة , وإني لم أجعل من هذه التجربة للسرد القصصي فحسب , ولكن لأبين أني لن أُجرؤ على تسطير ما في هذا المقال إلا بعد دراية , وطول مشاهدة . إن حديثي يتركز على أولئكم الذين اُختيروا ليلقوا بأحكامهم على المقاطع , والمشاركات , وقد كان ثمة روائع في كلامهم , وخبرات لا يُستهان فيها , إلا أن القضية لم تعد في ذهني تخص الشاشة التقنية فحسب , بل تعدت حتى لامست المسلمات , وربما نقول المبادئ التي سارت عليها بلادنا المباركة , واختارت قناة المجد ذلكم مسيرة لها . لجنة التحكيم كانت تضم أقطاب فكرية متنوعة , و لا شك أنها إسلامية المنهج والهوية –بفضل الله- , ولكنها تختلف في مدارسها وطريقتها , وقد احتوت على الإعلامي القدير ومن وصف نفسه بالدفاع عن التيار الإسلامي وهو كذلك وإن كانت هناك أفكار موقوتة أثيرت من خلاله , و الآخر من تخصص في الإعلام على وجه الاحتراف وقد توج المشاركات والمشاهدين بكثير من الفوائد والنقد الموضوعي , و يعيش مسؤولاً بين أروقة قسم الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ( ونخشى أنه قد أُصيب بفوبيا إعلامية تجعله قد يقصي كثيراً من الإبداعات خلف الشاشة) , والثالث ذلكم الذي يواجه عقول الناس بشكل يومي عن طريق القلم والفكرة , وقد سار على النهج المنفتح الذي يخدم الطبيعة الاجتماعية بعيداً عن إيجاد هوات فكرية للمشاهد . . . ومن هنا ساروا على هذه الطريقة , وقد برزت لي وللجمهور بعضاً من المظاهر غير المرضية , و الطرق غير النجيبة , والأفكار الارتجالية في بعض القضايا العصيبة , وقد أخذت بعضاً من هذه المآخذ لأسطرها , وأدون اقتراحات لنجاح هذا البرنامج , وأبدأ مستعيناً بالله : 1. اختلاف المعايير عند كل من الحكام جعل الحكم الموضوعي باهتاً إلى حد ما , و كثير من المشاركات الرائعة لم تُعط حقها , وربما ظلمت , وذلك لضعف موضوعية معايير التقييم لدى اللجنة , أو على الأقل توحدها . 2. ظهور أزمة أحدهم من بعض القضايا الفكرية والإسلامية , فهو يفهمها غالباً بلغة التشدد والغلو كمقطع (بين) , و(دعاة التغريب) , وقد وصل الحد إلى أن أنكر ثمة مؤامرات ودعاوى تغريب في بلادنا , ونحن ندعوه إلى قراءة تقرير مؤسسة راند , فلعل الحق ما نطقت به الأعداء أحياناً . 3. ثمة قناعات عند بعضهم بضرورة خروج المرأة وظهورها , وكأنهم ينددون بسلبية سياسة القناة في رفض ذلك , وتناسوا العادات والتقاليد فضلاً عن المبادئ والقيم , ونحن هنا نؤكد خلوهم (بإذن الله) من الأغراض السيئة , ولكن من الحكمة أحياناً الصمت . 4. العلاقة الحميمية التي يدعيها الحكام خلف الكواليس كان من المفترض أن توظف من خلال البرنامج على الهواء , كما هو مشاهد في بعض المسابقات الحية , والهدي النبوي يعلمنا في ذلك الشيء الكثير , وأرى أن الحدة والجدال البسيط الذي حصل جراء إقحام البعض نفسه في بعض القضايا التي لم تكن لتثار لولاه . 5. عدم وجود لجنة شرعية تُعرض عليها المقاطع من ناحية شرعية , وكذلك ترجع إليها لجنة الحكام في بعض الإشكالات الدينية والفكرية ؛ وحتى لا يكن ديننا حمىً مستباح لبعض الأهواء أحياناً , وإن كانت في الظاهر تدعي الوصول للحق . 6. الخطأ التربوي في طبيعة النقد البناء , وهو أن معظمه يقف على السلبيات أولاً , ويتناسى الإيجابيات آخراً هذا إن لم يذكرها أصلاً , وهنا يعاني المشارك من تجرعه مرارة ذلك النقد الهدام (أحياناً). 7. انعدام التواصل مع المشاركين على الهواء لاسيما في فهم بعض المشاركات الرمزية , والتي تكن أحياناً كما يُعرف (مشاركات ذكية) , وبالتالي يضيع حقه , ويُصادر جهده . 8. ضعف الدعايات التقنية , والإعلانات الداعمة في ذات المجال, فنحن نسمع مثلاً من لجنة الحكام أو من المشاركين كاميرا احترافية , وفوتو غرافية , وعدد من البرامج التقنية والتي تساعد في مثل ذلك من الإبداع , وبالتالي تكمن فرصة الشركات في عرض منتجاتها عبر برنامج الشاشة لك . 9. هناك ملاحظة فنية , وهي : الانتقال الروتيني في فقرات البرامج , وإعادة المقاطع للتصفيات , وكثرة التصفيق بعد كل فقرة , وغيرها مما كثرت نمطيته ؛ أرى أنها قد تسهم في تقليل جودة البرنامج , وإضعاف مدى قوة جذبه , وكثرة فراغاته الوقتية . وكذلك أسهمت في قلة إسهاب بعض تعليقات لجنة الحكام المفيدة بالطبع للمشارك والمشاهد . *أخيراً هذه قراءة استقرائية سريعة من محب , عساها أن تكون نافعة , ومفيدة , وقد دعانا لها عشق المعالي , والتعاون في الخير والتقوى , وهي لن تخلو من المعايب والأخطاء , ولكن حتماً ستساهم في تغيير إيجابي (بإذن الله). وكتبه سعيد بن محمد آل ثابت [email protected]