الثلاثي المذكور أعلاه ليسوا أبطالا لمسلسل كوميدي يضحك المشاهدين أو مسلسل درامي يناقش قضايا اجتماعية , لكنهم أبطالا لجريمة بشعة هزت أرجاء الدنيا . أقول : من أين أبدا ومن أين أنطلق , ووالله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن مما أقرأ , ومما أسمع كل يوم وكل حين من أخبار وقضايا لا يمكن أن يصدقها عقل ولا منطق ،كما أنها تعتبر في معلومات البشر من الأضغاث والأحلام ،إذا صدرت هذه التصرفات من ضيف وليس مقيم إقامة دائمة ، والذي يجب على المضيف أن يقوم بواجبه نحوه ويدافع عنه حتى لو خسر نفسه , وهذا لمدة ثلاثة أيام , ثم يكون له الخيار في البقاء أو الرحيل معززا مكرماً ، لكن مقابل ذلك لابد أن يقدر الضيف تلك الضيافة وتلك الشيم فيكون أكثر الناس حفاظاً عليها وتمسكاً بها , بل ويكون خير أمين على كل ما يمت للمستضيف بصلة من أهل وأموال ومقدرات , فيحافظ عليها كما يحافظ على نفسه , وفي الوقت نفسه يعتبر الإخلال بشي من ذلك في عرف العرب خيانة للعهد والميثاق وأصول الكرم والضيافة إذا كان من إنسان عادي فكيف بإنسان أكرمته ومنحته كل ما يستحق بل وأعطيته الثقة المطلقة ونمت قرير العين لأن وجوده يعتبر وجود لك أنت بالدرجة الأولى . ولقد أفاء الله على بلادنا الطاهرة بالخيرات والأمن والاطمئنان الذي قل أن يوجد له مثيل في هذا العالم المتلاطم يميناً وشمالاً ، وهذا قد تم – ولله الحمد - على يد المغفور له المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، بعد أن كانت بلادنا تعاني من جوع وخوف وشظف عيش قبل التوحيد والوحدة , وهذا بحد ذاته جعلها موئلا لجميع البشر من شتى أنحاء المعمورة سواء أخوة في اللغة والدين أو غيرهم من الدول الصديقة ، وهذا التجمع من شتى بقاع الأرض يفرز عدد من الأخطاء التي قد تنحصر في سلوكيات خاطئة أو مخالفة تعاليم أو سرقات أو جرائم خلقية وهذه نادر إن حصلت ، لك أن تجتمع كل هذه الأخطاء وتزيد عليها أخطاء أخرى لم نسمع بها وفي شخص واحد ويدين بدين الإسلام ويتحدث بلغتنا وممن أؤتمن على أبنائنا فهذا ما لا يقبله عقل ولا دين ولا منطق , مما يجعل الإنسان بقدر صدمته النفسية لحصول مثل هذا الأمر من شخص يتوقع منه خلاف ذلك فإن الإنسان والمواطن بالدرجة الأولى يسأل سؤلاً طويلاً عريضاً بملء فيه ويقول : كيف حصل هذا ؟ والإجابة على هذا السؤال هو أنه فعلاً حصل هذا وعلى يد المدعو (جنيد) وأخته (جمالات) والضحية طفلة في عمر الزهور لم يتجاوز عمرها أحد عشر عاماً هي ( راضية ) التي لم يشفع لها هذا السن أن تسام سوم البهائم بل و تغيب عن أهلها أربع سنوات , أي أكثر من ألف يوم وهي لا يفصلها عنهم سوى عدة أمتار مما يجعل الإنسان يتقطع حسرة إذا تذكر والدها ووالدتها كيف قضوا تلك السنوات الأربع وكيف عاشوها ؟؟ والقصة معروفة وقد قرأها الجميع في المنتديات والصحف اليومية , وهي تتلخص بأن (جنيد ) مصري يقيم إقامة غير نظامية في المدينةالمنورة ومعه زوجتان مصرية ونيجيرية وأخته (جمالات) وجمالات هذه تخرج وتدخل من والى البلاد في أي وقت دون أوراق رسمية , كما قامت بخطف (راضية) وهي طفلة مقيمة أفغانية لا يتجاوز عمرها الأحد عشر عاماً , بقيت خلالها عند (جنيد ) أربع سنوات يعاشرها معاشرة النساء بحجة أنها ملك يمين وغنيمة معركة , كما أنه تحفّظ على مرض أثنين من أبنائه ولم يراجع بهم للعلاج خشية افتضاح عدم وجود إقامة نظامية , فقضيا نحبهما وحفظهما في شنطه , بل أنه أوهم راضية أن أهلها غادروا البلاد , وتعمد حبسها طيلة أربع سنوات , وفوق هذا كله يعمل معلم للعلوم الشرعية في مدرسة أهلية , وقد قبض عليه وأخته وزوجتيه وتم تخليص راضية من بين أنيابه , ويخضع للمحاكمة حاليا . و إنني هنا أثق في عدالة الأجهزة الأمنية في بلادنا ولله الحمد وأثق في الأجهزة القضائية في أن تأخذ العدالة مجراها ليقتص من الظالم وينتصر المظلوم ، وهذه ميزة هذه البلاد ولله الحمد،لكن تولّد لدى عدة أسئلة وخواطر في حال أنه لو لم يتم القبض على المجرمين ولم تعد راضية إلى أهلها ، وهذه الخواطر أملتها على وعلى كل مواطن ظروف وسيناريوهات القصة، خصوصا وأنه ورد أن الرجل كان عليه مظهر التدين والصلاح بل كان معلما للعوم الشرعية وفي مقدمتها القرآن الكريم وفي مدرسة أهلية بل أنه يقيم بصورة غير نظامية والأدهى من ذلك أن شقيقته جمالات تغادر البلاد وتعود إليها دون وثائق رسمية وكأنها ساعي بريد ، بل إن راضية تعيش قرب أهلها وهم لا يعلمون عنها طوال أربع سنوات ، والأشد كارثة هو أنه متزوج من زوجتين كلتاهما تقيم بطريقة غير نظامية , بل وضم إليهما راضية – الطفلة - زوراً وبهتاناً بحجة أنها غنيمة حرب وملك يمين وكأنه قادم بها من معركة بين المسلمين والكفار . ومن هنا أقول : كيف تغادر جمالات وتعود دون وثائق رسمية ومن المسؤول عن ذلك ؟ وكيف تعيش راضية أربع سنوات وهي مخطوفة داخل حي يعج بالسكان ؟ وكيف يقيم هو وأسرته طوال هذه الفترة دون وثائق وإقامة رسمية ؟ ثم من جعله يجرؤ بعد تلك السنوات أن يخطط للهرب بما غنم وبما خف وزنه وغلا ثمنه بهذا الأسلوب الشيطاني المبتكر وهو التعرض لدوريات الجوازات حتى يغادر إلى بلده على حساب الدولة وكأننا في محطة باصات حكومية!! ثم الأدهى من هذا كله أن شخصاً صدرت منه كل تلك التصرفات الشائنة والممعنة في الإجرام يتم قبوله في مدرسة أهلية ليعلم أبناءنا العلوم الشرعية وكأنه هبط علينا من السماء وأبناءنا من خريجي الجامعات ليسوا أكفاء !! كما أنه دون التحري عن سلوكه ومعرفة ما يدور في منزله ؟والأشد قسوة في السؤال كيف يحفظ جثث في منزله دون أن يعلم أحد . وأخيراً هل نعي كأجهزة مسؤولة ومواطنين ونحفظ تلك الدروس المجانية من تلك القصة التي لا تجري إلا في الأحلام لا في اليقظة . أسعد الله أوقاتكم . عبد الرحمن بن محمد الفرّاج [email protected]