اعتبر سفير إندونيسيا لدى المملكة العربية السعودية غاتوت عبدالله، أن 99 في المئة من العاملات المنزليات الإندونيسيات الهاربات يعانين من مشكلات ترغمهن على الهرب، إذ تواجه تلك العمالة «صعوبة إيصال شكواها إلى الجهات الحكومية». وأفصح السفير أن 80 في المئة من شكاوى العمالة المنزلية الإندونيسية التي تصل إلى السفارة في الرياض تتمثل في عدم دفع الرواتب من الكفلاء أو تأخيرها، إضافة إلى وجود عصابة تتاجر بهم وتغريهم برواتب مرتفعة تصل إلى 2000 ريال شهرياً، مشيراً إلى وجود تحسن في جهود الحكومة السعودية لحل مشكلة تأخر الرواتب، غير أنه رأى أن هذه الجهود لا تزال تقتصر على حل المشكلات وليس الحد من وقوعها. ولم يوضح عبدالله تفاصيل مفاوضات السعودية وإندونيسيا في شأن عودة استقدام العمالة المنزلية، ومتى يتم التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد، واكتفي بالقول إن السفارة تنفذ سياسة حكومة إندونيسيا المركزية، وليست صاحبة القرار لفتح أو إغلاق باب استقدام العمالة المنزلية، مشيراً إلى أن البلدين الآن يعملان على تخطى التحديات الموجودة في مجال استقدام العمالة المنزلية. وطالب السفير الإندونيسي لدى الرياض بإيجاد جهة رسمية أو آلية وقائية تحد من انتهاك حقوق العمالة الإنسانية، مثل الاضطهاد والتحرش الجنسي، بما يسهل وصول العمالة المنزلية إليها، من أجل سرعة حلّ الشكاوى المرفوعة، داعياً في الوقت نفسه الحكومة السعودية إلى اتخاذ إجراءات صارمة تجاه المواطنين السعوديين الذين يستغلون العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة. وقلل السفير عبدالله، من حجم المشكلات التي تسببها العمالة الإندونيسية في المملكة، وقال: «نسبة العمالة التي تسبب مشكلات في السعودية تبلغ واحد في المئة، أي 10 آلاف شخص تقريباً من مليون شخص إندونيسي يقيمون في المملكة»، موضحاً أن عدد الإندونيسيين الذين يؤدون مناسك الحج والعمرة سنوياً يصل إلى 500 ألف سنوياً. وهنا نص الحوار: أشرتم في حديثكم عبر وسائل الإعلام في وقت سابق إلى أن المحادثات بين إندونيسيا والسعودية حول استقدام العمالة المنزلية ما زالت جارية ولم يتم التوصل إلى نتائج، ما الذي يعوق التوصل إلى نتائج ترضي الطرفين حتى الآن؟ - علاقة البلدين تاريخية وقوية وجيدة، وجميع أشكال التعاون بيننا تهدف إلى تحقيق مصالح أفضل لكلا البلدين والشعبين، ومن ذلك التعاون في استقدام العمالة المنزلية، وهناك تحديات وليست معوقات في المحادثات الخاصة بالاستقدام، إذ لا بد من تحسين الجودة في قطاع العمالة المنزلية، وذلك بإصلاح آلية العمل، وكما هو معلوم للجميع فإن معظم العمالة المنزلية من شرائح المجتمع الضعيفة اقتصادياً، وهي عمالة من الفقراء، ولذلك فإن التحدي هو رفع أوضاعها إلى ما هو أفضل، وتحقيق المساواة. ما هو تعليقكم على إعلان بعض مكاتب الاستقدام عودة العمالة المنزلية من إندونيسيا خلال شهر آذار (مارس) الجاري، وأن هناك سقفاً مالياً للعقود الجديدة؟ - ممثلية إندونيسيا هي المنفذة لسياسة حكومة إندونيسيا المركزية وليست صاحبة القرار لفتح أو إغلاق باب استقدام العمالة المنزلية، وترى الممثلية أن البلدين الآن يعملان بجدية، ويناقشان الأمور في شكل أفضل وشامل لتخطى التحديات الموجودة في مجال استقدام العمالة المنزلية، فالأولوية في الدقة وليست في السرعة، لذا نرجو من الجميع أن يتخذوا قرارات حكيمة وخطوات صائبة من أجل مصالح البلدين. هناك مخالفات فردية تصدر من بعض العمالة المنزلية تسيء للشعب الإندونيسي، ومثال ذلك مقتل الطفلة «تالا» في مدينة ينبع على يد عاملة منزلية، كيف تتعاملون مع هذه القضايا والقضايا الأخرى مثل السحر، وهرب الخادمات وغيرها؟ - حكومة إندونيسيا تحترم الأنظمة المعمول بها في السعودية في ما يتعلق بالمواطنين الإندونيسيين المتهمين بارتكاب الجرائم في المملكة، وذلك وفق اتفاق فيينا لعام 1963، كما أن حكومة إندونيسيا على يقين بأن الحكومة السعودية ستواصل رسم سياستها من أجل ضمان حقوق الوافدين ومعاملتهم معاملة تحفظ كرامتهم من دون تمييز. أما في ما يخص العمالة المنزلية الهاربة، فإن حكومة إندونيسيا تتطلع إلى وجود جهة رسمية أو آلية معينة لإجراء التحقيقات الأولية في أسباب هربهن، ولا تجعل ذلك مجرد خطئهن، فهذا الأمر مهم جداً من أجل الحفاظ على المساواة والعدالة في عمل القطاع المنزلي. ما هي الآلية المناسبة التي ترونها للحد من هرب العاملات المنزليات والتي تعاني منها بعض الأسر السعودية، خصوصاً أن الهاربات يعملن في شكل مخالف بالسعودية؟ - ما يقارب 99 في المئة من العمالة الإندونيسية التي تهرب تعاني من مشكلات تجبرها على الهرب، أو تجعلها ترغب فيه، وذلك بسبب صعوبة تقديم الشكاوى والوصول إلى جهة حكومية. كما أن 80 في المئة من مشكلات العمالة والشكاوى التي تصلنا في السفارة بالرياض تتمثل في رواتب غير مدفوعة من الكفلاء أو تأخير دفعها، أو بسبب عدم تطبيق بنود عقد العمل الذي تمّ على أساسه الاستقدام. كما أن من أسباب هرب العمالة هو الإغراء براتب أفضل من شخص آخر أو من عصابة الاتجار بالأشخاص، لتوظيفهن برواتب تراوح بين 1500 و 2000 ريال شهرياً أو أكثر من ذلك، ووفقاً لسجلات السفارة فإن نسبة مشكلات العمالة الإندونيسية تصل إلى واحد في المئة سنوياً من مجموع العمالة الإندونيسية المقيمة في السعودية، والباقون عمالة ناجحة. ومع ذلك، فإن نسبة واحد في المئة من مليون تساوي 10 آلاف شخص تقريباً، وهذا العدد يجذب اهتماماً كبيراً لدى الإعلام الداخلي في إندونيسيا وكذلك الإعلام الدولي. وفي ما يخص الرواتب غير المدفوعة فإن جهود الحكومة السعودية تتحسن باستمرار لحلها عن طريق مكتب شؤون الخادمات في الرياض والدمام وبعض المناطق الأخرى، ولكن هذه الجهود لا تزال تقتصر على حل المشكلات وليس الحد من وقوعها، لذلك لا بد من وجود آلية تضمن حقوق العمالة المنزلية قبل حدوث المشكلات، مثل التعاون مع المصارف لدفع الرواتب على سبيل المثال، إذ إن الرواتب المضمونة تسهم في تقليل هرب العمالة، وإضافة إلى ذلك فإنه لا بد من وجود آلية وقائية من انتهاك حقوق الإنسان، مثل الاضطهاد والتحرش الجنسي وحتى القتل، أو على الأقل أن تكون هناك جهة رسمية يسهل وصول العمالة المنزلية إليها من أجل سرعة الاستجابة للشكاوى المرفوعة. أما ما يتعلق باحتمال وجود عصابة للاتجار بالأشخاص، فإن حكومة إندونيسيا تدعم بقوة جهود الحكومة السعودية للقضاء على المساكن غير النظامية وأصحاب العمل غير الشرعيين، فهذه العصابة تقوم بإغراء العمالة المنزلية للهرب في مقابل رواتب عالية. ومن المهم تطبيق الأنظمة وفرض عقوبة شديدة بحق تلك العصابات وأصحاب الأعمال غير الشرعيين، ما سيؤثر تأثيراً رادعاً في تلك العصابات. إن معاقبة العمالة المنزلية الهاربة لن يحل مشكلات الهروب، فالعمالة المنزلية تكون ضحايا الإغراء برواتب أفضل مما تحصل عليه من أصحاب العمل النظامي، في مقابل العمل نفسه الذي تؤديه، كما يجب على الحكومة السعودية أخذ الإجراءات الصارمة تجاه مواطنيها الذين استغلوا العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة. اقترح البعض تدريب العاملات الإندونيسيات على الأمور المنزلية والعادات والتقاليد السعودية قبل القدوم إلى البلاد، ما هو تعليقكم على ذلك، وهل توافقون عليه؟ - حكومتنا تسعى جاهدة باستمرار إلى إصلاح مؤسسات التدريب في إندونيسيا، لتكون وفق المعايير الدولية والمناهج الخاصة حتى تستوفي المعايير العالية في سوق الأعمال بالقطاع المنزلي في الدول الإقليمية المتقدمة، وكذلك دول الشرق الأوسط كافة. كيف ترون الإعلام السعودي في تناوله للقضايا الإندونيسية، وخصوصاً الأخطاء الفردية من العمالة المنزلية؟ - نقدر اهتمام الإعلام السعودي بقضايا العمالة المنزلية في السعودية، ونتمنى أن يحافظ الإعلام دائماً على الموضوعية والإنصاف والأمانة لدعم الجهود واستيفاء الحقوق وفق آمال البلدين بما يتناسب مع التعاليم الإسلامية، وبخاصة الضعفاء منهم. كم يبلغ عدد القادمين سنوياً من إندونيسيا إلى السعودية لتأدية مناسك الحج والعمرة؟ - يبلغ عدد مسلمي إندونيسيا الذين يؤدون مناسك العمرة بين 250 ألف و300 ألف مسلم سنوياً، ويضاف إلى ذلك عدد الحجاج البالغ 210 آلاف حاج تقريباً، ويقدر إجمالي مسلمي إندونيسيا الذين يؤدون العمرة والحج معاً ب500 ألف شخص سنوياً. كم يبلغ عدد العمالة المنزلية النظامية في السعودية، وكم تقدرون عدد المخالفات؟ - بناء على بيان جوازات المملكة العربية السعودية لعامي 2008 و2009 فإن عدد المقيمين الإندونيسيين في السعودية يبلغ حوالى مليون شخص يعملون وفق النظام، أما المخالفين لنظام الإقامة فلا نعلم عنهم شيئاً، وهو موجود لدى الجهات ذات العلاقة في السعودية، إذ تعمل هذه الجهات بنظام الشبكة العنكبوتية المتقدمة التي تتعلق بأنظمة الجوازات والإقامة، وهي التي تتولى مسؤولية إنهاء إجراءات استخراج الإقامة.