لم تكن الشركة الوطنية للاستقدام، تخرج إلى الوجود، لولا أن هناك ما يقرب من ثمانية ملايين عامل أجنبي، دخلوا البلاد بطرق نظامية وغير نظامية، وتسببوا في آلاف المشكلات لمكفوليهم، الذين تكبدوا ملايين الريالات في عمليات استقدام سليمة تارة، وفاشلة تارة أخرى، ومن هنا جاء تأسيس الشركة الوطنية للاستقدام، وتفرع منها 13 شركة استقدام، تعمل وفق أنظمة ولوائح حددتها الجهات المعنية، بغية تنظيم سوق الاستقدام أكثر من ذي قبل، والقضاء على العشوائية التي تسببت في خيبة أمل المواطنين، الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنهم حلموا بتأمين عمالة منزلية محترفة، فضاعت أموالهم. دفع أموال وتعد العمالة الأجنبية في المملكة من أهم المحاور التي يتطرق لها الكثير من المسؤولين، عند حديثهم عن نمو الاقتصاد، وتوطين الوظائف، وتطوير الخدمات في البلاد، ويعول على مكاتب الاستقدام التي اعتمدتها الجهات المعنية أخيراً، لحل مشكلة التلاعب بأموال المواطنين من قبل عدد من مسؤولي مكاتب الاستقدام الأهلية في وقت سابق، يعوّل عليها المواطنون الكثير من الآمال، وأهمها التعامل الراقي والآمن، خاصة عند دفع أموال، والالتزام بالتعهدات والمواصفات المطلوبة عند استقدام العمالة المنزلية وغيرها، وتوفير العمالة المنزلية المطلوبة، ويأتي تأسيس هذه الشركات بعد سنوات من الخداع الذي عانى منه المواطنون أثناء تعاملهم مع مكاتب الاستقدام، التي تفاوتت في مدى التزامها بتعهداتها، وكان ضحية هذه المكاتب، أسر سعودية، خسرت أموالها وخابت أمنياتها في أن يكون لديها خادمة ماهرة، أو سائق محترف أو ممرضة متمكنة. «المشاكل الحالية التي يعاني منها المجتمع السعودي بسبب العمالة الوافدة، تأتي نتيجة عدم وجود أنظمة صارمة وحزم في معاقبة العامل الذي يخطئ ويتجاوز القانون، أو بحق رب العمل الذي درج على استقدام عمالة، ويسرحهم في الشوارع» شركات الاستقدام ويقول إبراهيم الصانع: «لا شك أن بلدا كالمملكة العربية السعودية، تستضيف على أراضيها قرابة ثمانية ملايين عامل أجنبي، جديرة بأن تضع خططا وبرامج بعيدة وقصيرة المدى، لتقنين وجود هذا العدد من العمالة، وهذا ما تسعى إليه شركات الاستقدام المعتمدة، التي في طريقها لأخذ الموافقة من وزارة العمل». وأشار الصانع إلى أن «شركة الاستقدام الكبرى ستسهم في وضع قاعدة بيانات تفصيلية عن أداء العمالة، وستحرص على استقدام العمالة المحترفة والمتخصصة لسد الاحتياج الموجود». وتابع الصانع: «لا أبالغ إذا قلت اننا ضمن أكبر ثلاث دول في العالم استقداماً للعمالة الأجنبية، وهذا بلا شك يؤثر في نمو وتطور البلاد، لأننا شئنا أم أبينا، نحتاج إلى عمالة، وخصوصاً أننا في مرحلة نمو في شتى المجالات، لأن وجودها من أساسيات اقتصاد البلد». العمالة الوافدة ورأى السويلم أن «المشاكل الحالية التي يعاني منها المجتمع السعودي بسبب العمالة الوافدة، تأتي نتيجة عدم وجود أنظمة صارمة وحزم في معاقبة العامل الذي يخطئ ويتجاوز القانون، أو بحق رب العمل الذي درج على استقدام عمالة، وتسريحها في الشوارع، لكي يحصل من خلالها على مبالغ زهيدة نهاية كل شهر، لا يدري رب العمل من أين أتى العامل بتلك الأموال، ولهذا لا نستغرب إذا وجدنا أن مسلسل هروب العمالة الوافدة مستمر، واشتغالها لدى الغير ظاهرة منتشرة على نطاق عريض من سوق العمل». وعن الفائدة التي تجنيها الدول من إرسال عمالتها إلى بلدان الخليج، قال الصانع: «أكاد أجزم أن غالبية اقتصادات البلاد الآسيوية، يقوم في الأساس على ما تضخه عمالتهم في الخليج من حوالات مالية، وبالتالي تلك الدول تحرص على استمرار عمالتها في المملكة، لضمان استمرار ضح الأموال من الخارج». عاملات منزليات وأشار الصانع إلى أن هناك برامج قد انطلقت في وزارة العمل، تسعى لتقنين تواجد العمالة الأجنبية، من أبرزها برنامج نطاقات، وذكر أن على الجهات المعنية أن تفعّل نظاما صارما يضبط تجاوزات العمالة وكفلائها، حتى يضمن الجميع الاستفادة من البرامج المنظمة». وقال «في إحصائية تقريبية، نستطيع القول: إن هناك قرابة 600 ألف تأشيرة دخول إلى المملكة بحوزة عمالة أجنبية، تتمثل في عاملات منزليات وسائقين وخادمات وممرضات منزليات». وذكر أن دول الاستقدام المتاحة حالياً هي الفلبين وأندونيسيا وأثيوبيا وسيرلانكا، وأصبح المواطن المستقدم للعمالة المنزلية، في ظل ظروف وقف الاستقدام من دول بيعينها، يستقدم من أي دول أخرى، دون أن يميز بينها، إلا في إطار الراتب أو جودة العمل وسرعة وصول العمالة».
أصحاب مكاتب استقدام: العقود الموحدة تحمي مصلحة الوطن مازال موضوع فتح الاستقدام من اندونيسيا يراوح مكانه على الرغم من المفاوضات الماراثونية الطويلة التي تمت بين الجانبين السعودي والاندونيسي، وذلك بسبب فرض شروط جديدة يرى السعوديون أنها صعبة، ولا يمكن تطبيقها أو القبول بها. ويرى العاملون في قطاع الاستقدام أن قطاعهم ينقصه الكثير من الأنظمة والتشريعات التي تحد آلية الاستقدام من جميع الدول، وفق منهجية محددة، لا تتغير من دولة إلى أخرى، وهو الأمر الذي يحمي حقوق المملكة ومواطنيها، مشيرين إلى أن التفاوض على حدة مع مسؤولي كل دولة، كما حدث مع الجانب الفلبيني في وقت سابق، ويحدث مع الجانب الأندونيسي حالياً، يخلق نوعاً من الحساسية، ويسفر عن ايجاد عقود مختلفة المزايا والشروط وهذا يضر بمصلحة المواطن. شروط صعبة في البداية يقول عبد الكريم السالم إن «عمل العمالة المنزلية الاندونيسية أخذ أكبر من حجمه، وكأن ليس في العالم دولة تصدر العمالة المنزلية مثل هذه الدولة، فالعالم يعج بالكثير من العمالة المتميزة والتي تعاني من البطالة وتبحث عن حل ومخرج لأزماتها وزيادة دخلها وإنتاجها السنوي». ويكمل ان «الاستقدام يحتاج منذ سنوات طويلة إلى تطوير وتنظيم لحل المشاكل المتكررة التي تحدث من كافة الأطراف سواء مكاتب الاستقدام أو الدول المصدرة للعمالة المنزلية، أو الكفيل، أو العاملة المنزلية، مضيفاً ان عدم وضع ضوابط وحلول لذلك ساهم بأن تتدخل الفلبين واندونيسيا في وضع شروط جديدة وصعبة وذلك لحماية حقوق العمالة لديها حتى ولو كان ذلك على حساب المواطن الذي تضرر من هذه الشروط والتي تطالب بتوضيح عدد أفراد الأسرة وكروكي للمنزل وتوضيح الراتب الشهري إضافة إلى عدد من الشروط التي تصعب على العديد من الأسر السعودية قبولها». مفاوضات فاشلة وأضاف علي العجمي ان «المفاوضات مع الجانب الاندونيسي بعد أن توقف تصدير العمالة المنزلية للمملكة، مرت بمراحل صعبة وطويلة حتى فشلت، وذلك لتعنت الجانب الاندونيسي الذي صمم على فرض شروطه مستغلاً الإقبال الكبير من العائلات السعودية على العاملات الاندونيسيات، مضيفاً أنه يجب أن تكون هناك ضوابط وشروط لعقد العمل في المملكة بالنسبة للعمالة المنزلية، موحدة لكافة الأطراف والدول حتى يكون هناك مساواة لجميع العمالة المنزلية، إضافة إلى أن عقد العمل الموحد سيمنع أي دولة من فرض شروطها، ويكون هذا العقد مناسبا لجميع الأطراف الكفيل والعاملة المنزلية ويحفظ الحقوق ويحدد المهام والمسئوليات والعقوبات». مشاكل متكررة ويشير حسين الدوسري إلى أن كثرة شكاوى العاملات المنزليات والإعلام الاندونيسي ساهم في تأجيج المشكلة من خلال الضغط على المسئولين الاندونيسيين لوضع حلول لهذه المشكلة، مضيفاً ان شكاوى الخادمة تنحصر في كثرة العمل الموكل إليها وعدم استلام حقوقها المادية في الوقت المحدد، وهذا للأسف يعود إلى عدم وضع حلول مناسبة لهذه المشاكل من خلال تعريف العاملة والكفيل بحقوقهم وواجباتهم التي يجب على الجميع الالتزام بها، حتى يستطيع كل طرف الحصول على حقوقه . إن كثرة شكاوى العاملات المنزليات والإعلام الاندونيسي ساهم في تأجيج المشكلة من خلال الضغط على المسئولين الاندونيسيين لوضع حلول لهذه المشكلة شروط سعودية ويطالب حمد الحميد من وزارة العمل أن تفرض شروطها على الجانب الاندونيسي من خلال تصدير عمالة منزلية مدربة ومتعلمة، وعلى قدر كبير من الكفاءة والخبرة، قبل أن تفرض شروطها ومطالباتها، مضيفاً أن الكثير من المواطنين السعوديين تضرروا من استقدام العاملات الاندونيسيات اللاتي يمارسن بعض السلوكيات المخالفة للدين والقانون ويلحقن الأذى بالأسر السعودية وليس لديهن إلمام بالعمل والتدبير المنزلي، إضافة إلى صعوبة معرفتهن بالعادات والتقاليد المحلية وجهلهن بأسس التربية، وذلك بسبب أن الكثير من العاملات يأتين من أسر فقيرة من أماكن نائية في بلادهن ويفتقدن للتعليم والتأهيل المناسب». معاناة المواطنين ويبين سند الرويلي أن المواطنين المحتاجين للعمالة المنزلية هم المتضررون في المقام الأول بسبب ظروفهم التي تحتم عليهم البحث عن هذه العمالة، بسبب كثرة عدد أفراد الأسرة أو عمل الزوجة حيث يضطرون إلى البحث على العاملات بأي سعر وبأي طريقة كانت في سبيل الحاجة اليها، وهذا للأسف ساهم في ظاهرة هروب الخادمات بسبب رغبة الخادمة في العمل براتب كبير وعمل قليل، إضافة إلى أن المواطنين يعانون من مكاتب الاستقدام الوهمية التي تتلاعب بأموالهم و تماطل في استقدام العمالة أو تحضر لهم عمالة غير مناسبة وتجبرهم على الانتظار لفترات طويلة للحصول على العاملة المناسبة . عقوبات رادعة ويقول مسلم التركي إنه يجب وضع عقوبات صارمة على الخادمات الهاربات والسماسرة العاملين في هذا المجال، وذلك لمنع حدوث تلاعب وفوضى في هذا الجانب، وكذلك حفظ حقوق جميع الأطراف ومنع دخول العاملة المنزلية للعمل مجدداً في المملكة، إضافة إلى وضع الغرامات والعقوبات على مكاتب الاستقدام التي تماطل في حقوق المواطنين وتستقدم عمالة غير مناسبة لا تصلح للعمل في بلادنا وذلك للقضاء على مشكلة الاستقدام التي أصبحت مشكلة مزمنة تضرر منها الأغلبية». حلول سريعة ويؤكد علي العنزي أن مجال الاستقدام يعاني من فوضى وعشوائية منذ سنوات طويلة ولم يتم وضع الحلول المناسبة التي تنظم العمل في هذا المجال وترضي كافة المعنيين بهذا الجانب وذلك من خلال تنظيم عمل الجهات المستقدمة للعمالة من خارج المملكة ووضع التعليمات والضوابط المحددة لها والعقوبات المقررة في حال لم تلتزم بما هو محدد لها وكذلك وضع شروط وعقود عمل تناسب الكفيل السعودي والعاملات المنزليات وتحدد مسئولية كل جهة بدقة ووضع الشروط والعقوبات المقررة في حال لم ينطبق كل طرف بما هو متبع في العقد إضافة إلى تسهيل عمل مكاتب الاستقدام في تأجير العمالة المنزلية سواء من خلال فتح مدة العمل سواء بالساعات أو الأشهر، وذلك أن كثيرا من الأسر السعودية قد لا تحتاج إلى الخادمة إلا في حالات وظروف محددة، وليس لديها القدرة والاستطاعة على دفع رسوم الاستقدام والإجراءات الطويلة من أجل أيام معدودة ومن الحلول أيضاً، إنشاء هيئة وطنية لشئون الاستقدام تقوم بتنظيم العمل في هذا المجال وتضع الحلول والتشريعات اللازمة لدراسة وتطوير آلية العمل وحفظ حقوق كافة الأطراف والتفاوض مع الدول المصدرة للعمالة المنزلية مكاتب الاستقدام تنتظر حلولاً ناجعة لفك الازمة
المملكة لم تستعد للتفاوض بشكل جيد مع الفلبين وأندونيسيا.. فخسر المواطن أمواله أشار د. عبدالوهاب القحطاني الأكاديمي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن إلى أن لجنة استقدام العمالة واجهت عقبات كبيرة لاحراز اتفاقيات ترضي الطرفين بين كل من المملكة واندونيسيا من جهة والمملكة والفلبين من جهة أخرى، حيث تتمسك كل من حكومتي اندونيسيا والفلبين بشروط مجحفة من حيث الاجور وشروط العمل والراحة الأسبوعية. ببساطة تضغط الحكومتان على الجانب السعودي للحصول على عقود أفضل لمواطنيهما بينما حكومتنا تركت الأمر التفاوضي بيد فريق يرأسه من يرأس شركات الاستقدام المرخصة من وزارة العمل. ويضيف القحطاني أن المصادر تشير إلى تعثر المفاوضات في بادئ الأمر مع الجانبين الأندونيسي والفلبيني لأن الأطراف المشتركة في التفاوض غير محترفة في عمليات التفاوض، ولم يمروا بتجربة مفاوضات عمالية في بلادهم، فالأمور تمشي كما يقول الكثيرون «عشوائية». وقد ساهم ضعفنا في الكثير من مهارات التفاوض في تحقيق مكاسب كبيرة للطرف الآخر. هم يفاوضون على مستوى وزير العمل والمحامين العماليين، ونحن نفاوض على مستوى متواضع من الموظفين غير المؤهلين للتفاوض المهني المتكافئ، بل ونتعاطى مع المشكلة بفوقية وتجاهل للبروتوكولات المتبعة، وكأننا فوق الخلق، ونحن في الحقيقة من حيث التفاوض بين المتردية والنطيحة لا نفقه الحد الأدنى في مهارات وبروتوكولات التفاوض والحوار والجانب القانوني. وأردف د. عبدالوهاب: أستطيع فهم ما يدور في أندونيسيا من ضغوط على الحكومة الأندونيسية لأن النقابات العمالية تحمي مصالحها وتضغط على الحكومة لتقديم التنازلات للسعوديين ليستمر استقدام العمالة كما كان عليه. وكان الأجدر بالقنصل السعودي في جاكرتا عدم فتح الباب للتفاوض مع الأندونيسيين حتى تزيد الوطأة على وزارة العمل الأندونيسية، وهيئات النقابات العمالية لنفاوض على العديد من التنازلات مثل اعادة الأجور إلى مستواها الحقيقي بحدود 600 ريال، وعدد ايام العمل والاجور الإضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع، خاصة اجور الخادمات لأنني على علم أن الكثير من الأسر السعودية المضطرة لاستقدامهن في أشد الحاجة للمائة ريال فكيف بأجورهن التي ترتفع بنسبة عالية لا تعكس التضخم في بلاد العمالة، خاصة انهم لا يدفعون تكلفة التضخم في بلادنا لأن المستقدمين السعوديين يدفعون عنهم تكاليف السكن والطعام. مشيرًا إلى أن الضغوط على كل من الحكومتين الاندونيسية والفلبينية قوية وكثيرة ومن كل جانب، حيث تم تسريح أكثر من 30 ألف موظف يعملون في مكاتب تصدير العمالة في أندونيسيا بعد ايقاف الاستفدام، وكذلك إغلاق مستشفيات الفحوصات المخبرية وتسريح موظفيها وتقليص عدد رحلات الطيران للخطوط الاندونيسية الى المملكة مما يضر بالطيران الاندونيسي. وبعدما كانت العمالة التي تعمل في المملكة تصرف على أسرها أصبحت الحكومة الأندونيسية الآن تبحث عن إيجاد وظائف لهذه العمالة في مناطقهم مما يحمل الحكومة أعباء مالية ويزيد من معدل البطالة وتكاليف دعم الضمان الاجتماعي. وهذا ما جعل العمالة الأندونيسية تتكدس لدى مكاتب تصدير العمالة في اندونيسيا بأعداد كبيرة للرغبة في العمل بالمملكة. ويضيف القحطاني أن أندونيسيين حكومة وعمالة يرغبون في كسب لقمة العيش في المملكة، وسيشعرون بالضغوط المالية الصعبة وسيتنازلون عن شروطهم إذا كان المفاوضون السعوديون على درجة عالية من الحكمة والصبر والمهارات التفاوضية العالية والاستقراء الصحيح لتحقيق المكاسب الوطنية. أما إذا كانوا سيرضخون لشروط الحكومتين الاندونيسية والفلبينية فإن الأمور لن تكون لمصلحتنا. هم يفاوضون على مستوى وزير العمل والمحامين العماليين، ونحن نفاوض على مستوى متواضع من الموظفين غير المؤهلين للتفاوض المهني المتكافئ، بل ونتعاطى مع المشكلة بفوقية وتجاهل للبروتوكولات المتبعة، وكأننا فوق الخلق، ونحن في الحقيقة من حيث التفاوض بين المتردية والنطيحة لا نفقه الحد الأدنى في مهارات وبروتوكولات التفاوض والحوار والجانب القانوني. ووصف القحطاني فساد الشركات الأهلية للاستقدام بالشيء الغريب جدا، متسائلا: كيف يكون رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام سعد البداح هو من قاد مفاوضات مع الحكومتين الاندونيسية والفلبينية وغيرهما وهو نفس الشخص الذي يرأس الشركة السعودية للاستقدام التي تعلن اتاحة حجز طلبات الاستقدام على موقعها. هل هذا هو الفساد بنفسه أم مجرد الصدفة؟ وهل نرى هنا تضارب المصالح والأهداف أم مجرد الصدفة؟. ألا ترون ما اراه من فساد وصل حتى الاستقدام الذي يحتاجه كل مواطن؟. أليست المفاوضات مع الدول التي توفر العمالة حول التكاليف وظروف العمل أم أنها مفاوضات حول اتفاقات للوصول إلى المريخ وعطارد وزحل لاستقدام عمالة منزلية وغيرها من هناك؟ حسن النوايا لدى فريق التفاوض السعودي من اهم شروط نجاح التفاوض، لكنه يتضح من خلال تضارب المصالح والإدارة السيئة للمفاوضات التي ادارها الطرف الاخر بجدارة بسبب سوء اختيار اعضاء الفريق السعودي المفاوض ورئيسه. وأشار القحطاني إلى أن الشركات الأهلية الجديدة تسعى لزيادة التكاليف على المواطن لتزيد مكاسبها. وللاسف أنها شركات مرخصة ومنظمة من وزارة العمل التي تساهم في تكبيد المواطن تكاليف باهظة من خلال الترخيص لشركات جشعة يديرها اشخاص فاشلون في المفاوضات مع الدول المعنية. وتشير تصريحات رئيس الفريق التفاوضي السعودي سعد البداح الى تبرير استغلال شركات الاستقدام الأهلية للمواطن والاستهتار به وفساد يشمه الفلبينيون والاندونيسيون في بلادهم. لا اعتقد ان الشركات الاهلية المرخصة من وزارة العمل ستحرص على مصلحة الوطن والمواطن لأنها امتداد للفساد الذي تحاول الحكومة مكافحته. والمثير للسخرية أن وزارة العمل تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في ما يثقل كاهل المواطن محدود الرزق والحيلة. ولقد كانت تكلفة العمالة المنزلية والسائقين وغيرهم معقولة في حدود 8000 ريال قبل الترخيص لشركات الاستقدام، لكنها اليوم تتجاوز 16000 ريال. ولقد قال سعد بن نهار البداح في تصريحاته ان التكاليف ترتفع لان شركة الاستقدام الأهلية توفر التدريب للعمالة الوافدة وكأنه يقول انهم لا يعرفون كيف يؤدون العمل إلا بعد تدريبهم في المملكة، فهل يؤهلون للعمل بعد وصولهم على حساب المواطن بينما يحدد العقد معرفتهم بالعمل. يعني اصبحت السعودية ورشة عمل للعمالة الوافدة على حساب المملكة والمواطن.