جاءت العملية الأمنية الأخيرة، التي شهدها "حي الريان" شرق مدينة الرياض، والتي انتهت بمقتل أحد العناصر المشتبه تأييدهم لتنظيم "داعش"، والقبض على أخر، دون وقوع أي أذى لآخرين من الموجودين في الموقع، لتؤكد نجاح الضربات الاستباقية التي تنفذها الأجهزة الأمنية، لعناصر التنظيم الفارة والمختفية، والخلايا العنقودية المعقدة والنائمة، التي لا يعرف بعضها البعض، وخصوصا من تم تجنيدهم عبر الشبكة العنكبوتية. البحث عن "الملاذات الآمنة" جغرافيا .. موقع الحادثة في "حي الريان"، الذي يقع بين مخرجي 13 و14، على الطريق الدائري الشرقي بمدينة الرياض، وما يتميز به من سكون وهدوء، أغرى "بعض" عناصر التنظيم بوجود "ملاذ آمن لهم"، في هذا الحي الذي يكتسي بالسكون، ولا يوحي بوجود عمليات رصد أو مسح أمني منتظم فيه. أمنيا .. ثبت أن هناك تواصل وثيق بين الأجهزة الأمنية، والمواطنين، والاستجابة السريعة في التعامل مع أي معلومة ترد من "المواطن"، عبر الخطوط الساخنة، المعلن عنها من قبل الوزارة. "المواطن رجل أمن الأول" توعويا .. اثبتت الضربات الأمنية الاستباقية، لعناصر "داعش"، التعاون الوثيق بين الأجهزة الأمنية والمواطنين، وأن مصطلح "المواطن رجل أمن الأول"، الذي أطلقه الأمير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله- أتى أكله، وأن هناك عملية "فرز واعية" من المواطنين، للعناصر التي تشكل خطرا على أمن وسلامة واستقرار المجتمع، وظهر ذلك جليا في العمليات الأمنية، التي تم التعامل معها، من مكةالمكرمة غربا إلى القطيف والأحساء وحفر الباطن شرقا، ومن تبوك إلى عسير، ومن القصيم إلى الرياض، وبفضل الله ثم هذا الوعي المجتمعي، تم اجهاض العديد من العمليات المسلحة. الشقة المفروشة حادث "حي الريان" الاخير، الذي كشف تفاصيله المتحدث الامني، لوزارة الداخلية، يتشابه تماما بالحادث السابق له، الذي شهده "حي الياسمين" شمال العاصمة الرياض، قبل شهرين – وتحديدا في 8 ربيع ثاني الماضي-، الذي رصد المشتبه بهما في "حي الريان" مواطن يقطن في شقة مفروشة، حيث لاحظ سلوك وتصرفات عنصرين، وقام بالابلاغ عنهما،وهو ما حدث – ايضا- في حادثة "حي الياسمين"، عندما قام مواطن بتصوير مقطع فيديو لاثنين من المسلحين . بلاغ مواطن وطبقا لبيان المتحدث الأمني لوزارة الداخلية حول مقتل مسلح وضبط آخر، في "حي الريان"، قال المتحدث "أنه عند الساعة السادسة من مساء يوم الثلاثاء الموافق 8/ 6/ 1438ه، باشرت دوريات الأمن بلاغاً عن الاشتباه بأحد النزلاء بشقق مفروشة بحي الريان بالرياض، لإظهاره التأييد والانتماء لتنظيم "داعش" الإرهابي". وأضاف المتحدث، في بيانه قائلا :"عند محاولة رجال الأمن القبض عليه بادر بالمقاومة وإشهار سلاح كان يحمله بحوزته، مما اقتضى التعامل معه وتحييد خطره الذي كان يمثله، مما أسفر عن مقتله دون تعرض أي شخص من الموجودين في المكان لأي أذى". وتابع المتحدث قائلا: "تم القبض على شخص كان برفقته، وضبط السلاح الذي بحوزته، ولا تزال الجهات الأمنية تواصل إجراءاتها التحقيقية". "حي الريان" و"تسكين" المطلوبين حادثة "حي الريان"، تعيدنا الى سابقتها التي شهدها "حي الياسمين"، التابع لبلدية شمال الرياض، والذي يعد من الأحياء الجديدة التي تتميز بالهدوء، مما أغرى بعض العناصر المشتبه بها بمحاولة ايجاد "ملاذ أمن" لهم في الموقع، وقد يكون اختيار "الياسمين" تم بعناية، من العناصر التي تتولى "تسكين" المطلوبين، وخصوصا من " العناصر الخطرة." "الصيعري" و"الصاعدي" وطبقا لبيان وزارة الداخلية السعودية، عن حادثة "شارع 105 بحي الياسمين"، فانه تم قتل اثنين من المطلوبين الخطرين، وإصابة رجل أمن في عملية نفذتها السبت 8 ربيع الآخر. تصنيع أحزمة ناسفة وقالت الوزارة في بيانها أن الجهات الأمنية تمكنت من رصد مكان تواجد المطلوب الخطر طايع بن سالم بن يسلم الصيعري (سعودي الجنسية)، "لدوره الخطير في تصنيع أحزمة ناسفة نفذت بها عدد من الجرائم الإرهابية"، مختبئا في منزل يقع بحي الياسمين ومعه شخص آخر، وهو طلال بن سمران الصاعدي (سعودي الجنسية) واتخاذهما من ذلك المنزل "وكرا إرهابيا لتصنيع المواد المتفجرة من أحزمة وعبوات ناسفة". محاولة للهروب من الموقع وأضافت الوزارة أن عناصر الأمن باشروا في "تطويق الموقع وتوجيه نداءات لهما في الوقت ذاته لتسليم نفسيهما، إلا أنهما رفضا الاستجابة وبادرا بإطلاق النار بشكل كثيف على رجال الأمن في محاولة للهروب من الموقع، مما أوجب تحييد خطرهما خاصة أنهما يرتديان حزامين ناسفين كانا على وشك استخدامهما". تجهيز الانتحاريين ونتج عن العملية مقتلهما وإصابة أحد رجال الأمن بإصابة طفيفة نقل على إثرها للمستشفى وحالته مستقرة، فيما لم يصب أحد من الساكنين أو المارة بأي أَذى. وأعلنت الداخلية أن "القتيل الصيعري يعد خبيرا يعتمد عليه تنظيم داعش في تصنيع الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة وتجهيز الانتحاريين بها وتدريبهم عليها لتنفيذ عملياتهم التي كانت منها عملية استهداف المصلين بمسجد قوة الطوارئ بعسير والعمليتان اللتان جرى إحباطهما، الأولى في المواقف التابعة لمستشفى سليمان فقيه، فيما استهدفت الثانية المسجد النبوي." أول عمليات 2017 ويرى الدكتور عبدالرزاق ن عبدالعزيز المرجان ، عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي، الأدلة الرقمية، أن العملية الأمنية الاستباقية في شارع 105 بحي الياسمين بالرياض لم تكن كسابقاتها، بل كانت بداية قوية ونوعية، وهي الأولى كعملية استباقية في العام 2017. دخول الدليل الرقمي "المرجان"، وصف عملية "الياسمين" ب "المفصلية"، وأنه "أكدت علو كعب السعودية في مكافحة الإرهاب"، وأنها "الدولة القيادية في العالم في مناهضته للارهاب". عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي، قال: إن هذه العمليات كانت مختلقة لأسباب كثيرة من أهمها دخول الدليل الرقمي في مسرح الجريمة، إذ استخدم أحد سكان حي الياسمين الهاتف النقال، في تصوير وتحديد موقع خبير التنظيم في صناعة المتفجرات، ومعد الحزام الناسف لتفجير الحرم النبوي، "طايع الصيعري"، والآخر "طلال الصاعدي"، عند محاولتهما الهروب من الموقع عن طريق التسلق على أحد الجدران للهروب إلى الطرف الآخر للحي. وبعد توثيق الواقعة في الهاتف قام بتمرير المعلومة لرجال الأمن. سرعة نقل المعلومة الأمر الثاني، بحسب "المرجان"، هو سرعة نقل المعلومة الرقمية من المواطن إلى رجال الأمن في الميدان أسهمت في تقليل الخسائر بشكل كبير، وأربكت المسلحين، ومكنت الجهات الأمنية من تحديد موقعهما قبل توجههما إلى الدورية ومحاولة الاستيلاء عليها، والثالث، أثبت المقطع الذي قام بتصويره المواطن، أن المجتمع يعمل يداً بيد مع الجهات الامنية لمساعدتها على القضاء على الإرهاب. 10 اسباب نجاح الضربات الاستباقية للأجهزة الأمنية، وراءها عشرة اسباب في مقدمتها، القدرة الفائقة للأجهزة الأمنية في مواجهة التنظيمات المسلحة والارهابية، وبنوك المعلومات الدقيقة عن تحركات كافة العناصر الفارة، الرصد السريع للخلايا النائمة والغير مصنفة أمنيا، التغطية الجغرافية الكاملة لمعظم المناطق، المسح الأمني للأحياء وعدم الاقتصار على أحياء دون أخرى، التفاعل بين المواطنين والأجهزة الامنية، الاستجابة السريعة للبلاغات عن أي حالات اشتباه، الخبرة التراكمية المتميزة في التعامل مع العناصر الإرهابية المسلحة والتي بحوزتها أحزمة ناسفة ومفخخة، سرعة الكشف عن هوية من يتم قتلهم أو القبض عليهم، إعلان تفاصيل الأحداث التي تتم في مناطق سكانية، ويشاهد تفاصيلها القريبون من مواقع الاحداث.