أكد وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبد السلام الفارسي عدم تأثر موسم العمرة الحالي بأحداث تونس، مصر، وليبيا، كاشفا عن زيادة تأشيرات العمرة 33 في المائة أو ما يعادل 364.3 ألف تأشيرة حتى نهاية الدوام أمس الأول، قياسا بالفترة المماثلة من العام الماضي. وأفصح عن إصدار 15.8 ألف تأشيرة للمعتمرين المصريين، ونحو 3.2 ألف تأشيرة للمعتمرين من ليبيا، خلال الفترة الماضية من الموسم الحالي. وأوضح وزير الحج أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا أمر بتشكيل لجنة من وزارة الداخلية ووزارة الحج، للنظر في شكاوى الشركات المتضررة من عدم الحصول على إثبات مغادرة معتمريها. وبين أن اللجنة ستصدر قرارات تقضي بإعطاء كل ذي حق حقه، وذلك في ضوء الأنظمة والتعليمات، وبناء على ما تتوصل إليه اللجنة التي ستطلع على الأوراق والمستندات المرفقة مع شكاوى الشركات. وأفاد الفارسي بأن حالات تخلف المعتمرين عن العودة إلى بلدانهم بعد أداء مناسك العمرة في هذا الموسم لم تتجاوز ال71 حالة فقط. ومن جهة أخرى، يمضي بعض المهتمين في قطاع العمرة إلى القول إن الموسم تأثر بصورة جلية بالأحداث السياسية التي شهدتها بعض الدول العربية المجاورة، لكن التوقعات تشير إلى أن الأمور تمضي إلى التحسن يوما إثر يوم، طبقا للمعلومات المستقاة من قطاع الطيران والفنادق والشركات العاملة في العمرة. على خلاف ذلك يرى آخرون أن نشاط الاعتمار لم يتأثر مطلقا بالأحداث السياسية في الدول المجاورة ، حيث تسجل المواسم أيام نمو وتراجع طبقا للواقع الاقتصادي لدول الاعتمار. عضو جمعية الاقتصاد السعودي عصام مصطفى خليفة في رأيه أن سوق العمرة تأثرت سلبا بالأوضاع السياسية في الدول العربية المجاورة، وبدا ذلك واضحا وجليا في الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع الربع الأول من العام السابق. ويعزو خليفة ذلك إلى ما أسماه الأوضاع السياسية المتوترة في بعض البلدان العربية وبلاد في جنوب شرق آسيا. كما أسهم تباطؤ وتأخير وزارة الحج في فتح نظام العمرة في التراجع في سوق العمرة هذا العام، ولامست هذه التأثيرات شركات العمرة التي استبقت بتوقيع عقود مع المشغلين، وتبعا ذلك تأثر قطاع الفنادق حيث انخفضت نسبة في الفنادق والشقق المفروشة إلى 50 في المائة مقارنة مع العام الماضي، ومن المتوقع استمرار هذا التأثير على خلفية عدم استقرار الأوضاع السياسية في بعض الدول. توفير البدائل يستطرد الخبير الاقتصادي عصام خليفة ويضيف: الخطوط السعودية لم تتأثر مثل باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، على خلفية خبراتها التراكمية الواسعة في مواجهة ومعالجة المشاكل المتوقعة في سوقي الحج والعمرة. وقد وضعت «السعودية» استراتيجيات شاملة وبدائل مدروسة لنقل المعتمرين، وهي تعمل بشتى الطرق الوسائل لزيادة أعداد المسافرين من مختلف أنحاء العالم باعتباره رافدا اقتصاديا مهما. ومن المتوقع أن تنقل الخطوط السعودية أكثر من مليوني معتمر خلال هذا العام عبر أكثر من 40 محطة حول العالم بخلاف معتمري الداخل، اعتمادا على السعة المقعدية للرحلات الدولية المتوافرة لديها، إلى جانب التوجه إلى الأسواق البديلة، مثل السوق الإيرانية ،التركية، والخليجية وغيرها من الأسواق ذات الطلب المرتفع، كما تعمل الخطوط السعودية على استقطاب أكبر عدد من المعتمرين القادمين من خلال توفير آلية منافسة للأسعار وتقديم أفضل التسهيلات لشركات العمرة، كما أنها تستفيد من إمكانيات مطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينةالمنورة لتشغيل رحلات مباشرة إليه. «المصرية» تتراجع لم يستبعد مصدر مطلع في شركة مصر للطيران أن يبدأ وصول المعتمرين المصريين خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ إن هناك مؤشرات قوية من القاهرة تفيد بترتيبات عودة المعتمرين المصريين. وأضاف أن الشركة تأثرت بشكل محدود في الرحلات المتجهة إلى جدة، حيث كان المعتمرون يشكلون الغلبة الغالبة، لكنها لم تغير جدولها إذ واصلت في رحلاتها الأسبوعية بين جدةوالقاهرة وهناك ثلاث رحلات أسبوعيا بين جدةوالقاهرة. ويقول محمود عبد الرحيم (موظف في إحدى شركات السياحة المصرية العاملة في سوق العمرة) إن شركات السياحة تأثرت كثيرا بالإيقاف، مضيفا أن سوق العمرة تعتبر سوقا كبيرة ومهمة للشركات المصرية، لا سيما أن عدد المعتمرين يتجاوز نصف المليون معتمر سنويا. وتعمل معظم هذه الشركات على عدد من المواسم وتكون بداية الموسم بما اصطلح عليه «عمرة المولد» التي تشهد دفعة كبيرة من المعتمرين، ثم تستقر الأرقام في الشهرين التاليين وتعاود في الارتفاع في الموسم الثاني أو ما يعرف ب«الرجبية»، ويستمر الارتفاع إلى أن تصل الذروة في موسم عمرة رمضان الذي تستعد له شركات السياحة بحجز كامل مقاعد الطائرات. وألمح عبد الرحيم إلى أن معظم شركات السياحة المصرية ستقدم هذا العام حزمة من التسهيلات التي يتوقع لها أن تساهم في رفع عدد المعتمرين المصريين لتحقيق أرباح أو تحقيق الحد الأدنى، وهو مصاريف التشغيل في ظل الظروف القائمة. أسواق بديلة رئيس لجنة الحج والعمرة الوطنية في الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة سعد القرشي يرى أن عدد المعتمرين التونسيين والليبيين لا يعتبر كبيرا ومؤثرا في السوق، مضيفا أن الرقم تم تعويضه من خلال السماح بعدد أكبر من معتمري الدول الأخرى. وأشار إلى أن وجود أسواق أخرى يعتبر محورا أساسيا في حركة العمرة ويتمثل ذلك في السوق التركية، الإيرانية، السورية، مع عدم إغفال سوق جنوب شرق آسيا والهند إذ تعتبر محورا أساسيا في حركة العمرة. وبالفعل بدأ وصول معتمرين من تلك الدول بأرقام كبيرة، ولا يوجد إشكال في هذا الشأن، إذ إن الرقم الإجمالي لعدد المعتمرين هذا العام أكبر من عددهم في العام الماضي في الفترة نفسها. واستبعد القرشي أن تتكبد الفنادق خسائر كبيرة خاصة مع عودة المعتمرين المصريين. ويتوقع أن تكون عودتهم سريعة وبإعداد كبيرة تعوض خسائر بداية الموسم، لافتا إلى أن الموسم ما زال في بداياته، وفي الطريق موسمان؛ الثاني والثالث. النظرة المتشائمة عاملون في قطاع العمرة أبلغوا «عكاظ» أن العديد من الشركات تعول كثيرا على عودة الدول المتوقفة إلى سوق العمرة لتعويض الخسائر المتوقعة، إذ إن عدد المعتمرين في مصر، تونس، ليبيا، والعراق يقدر بأكثر من 700 ألف معتمر على مدى الموسم. وبمقايسة بسيطة؛ إذا كان نصيب كل معتمر 1400 ريال فإن المبلغ الإجمالي يقارب المليار ريال تسجل كخسارة على الشركات في حال استمرار التعثر وانخفاض المعتمرين من الدول الأخرى. ويضيف هؤلاء أن خسائر شركات العمرة من توقف عدد من الدول وتأخير التأشيرات في أخرى تقدر بأكثر من 60 مليون ريال من مطلع شهر ربيع الأول حتى الآن. خسائر فادحة من جانبه، أوضح رئيس شركة البركة الدولية لخدمات العمرة أحمد عبد الرحمن كريشان أن الكثير من الشركات العاملة تعمل في الأسواق المصرية، التونسية، اليمنية، العراقية، والإيرانية تكبدت خسائر كبيرة بسبب حجزها لفنادق في مكة بهدف تسكين معتمريها، إلا أن الإيقاف في البلدين الأولين وتعثر التأشيرات في الدول الأخرى نتجت عنه الكثير من الخسائر. ويضيف: حتى لو عاد المعتمرون المصريون فإنه لا يمكن تعويض الخسائر، ولا يمكن الحد منها، لأن الموسم محدد بتاريخ وسعة الفنادق محددة، ومعظم شركات العمرة تحجز الفنادق طوال الموسم. ويضيف كريشان: لا يمكن تجاوز سعة الفندق حتى لو وصل عدد أكبر من المعتمرين، وفي الحالة يتم تسكين النزلاء في فنادق بديلة بتكلفة أعلى ولا يمكن تبعا لذلك تعويض الخسائر. الحديث عن خسائر على النقيض من ذلك، ترى بعض المصادر القريبة من شؤون العمرة أنه لا يمكن الجزم بحدوث خسائر أو تحقيق أرباح إلا بعد انتهاء الموسم بشكل كامل، ويشير هؤلاء إلى أن الموسم في بدايته ولم يمض منه غير شهر واحد، ويصعب الحكم أو منح أية نتائج في وقت قصير. وتضيف المصادر: ارتفع عدد المعتمرين من دول إسلامية أخرى تشهد استقرارا سياسيا مثل تركيا في هذا الموسم بما يقارب 10 في المائة، الأمر الذي يزيد من احتمالات التفاؤل بتخفيف حدة الخسائر وكان مدير عام «العالمية للإنترنت والاتصالات» (الشركة المسؤولة عن التأشيرات الإلكترونية) المهندس سعود عبد العزيز السليماني أفاد «عكاظ» أنه من منذ بدء موسم العمرة هذا العام تجاوزت التأشيرات رقم لنصف مليون، ويعتبر الرقم قياسيا بالنسبة للفترة الزمنية التي لا تتعدى شهرا مقارنة مع الفترة نفسها في السنوات السابقة. وأضاف السليماني أن وزارة الحج تعمل على تسهيل الصعاب التي تواجه شركات العمرة برفع الخطط التشغيلية لتقليص الخسائر التي قد تلحق بنظام العمرة، على خلفية توقف بعض الدول بسبب الأحداث الداخلية فيها، مضيفا أن مشكلة العام الماضي التي كانت تتمثل في الفنادق غير المصنفة حسب اشتراطات هيئة السياحة قد حلت، والدليل ذلك الارتفاع الملحوظ لعدد الفنادق المصنفة على النظام بسبب إنهاء الإجراءات الخاصة بتسجيلها وتسهيلها من الجهات ذات العلاقة. لا أزمات القنصل العام في سفارة خادم الحرمين في جاكرتا عبد العزيز الرقابي أفاد أن تعثر تأشيرات العمرة في إندونيسيا ليس بالحجم الكبير الذي يمكن أن يؤثر على عدد المعتمرين، مضيفا أن دور السفارة يقتصر على تأشير الجوازات بعد أن تنهي شركات العمرة تقديم كشوفتها من خلال المسارات الإلكترونية المربوطة مع وزارة الحج. وأضاف أن عدد جوازات السفر التي تنهي السفارة إجراءاتها يصل في بعض الأيام إلى 5000 جواز سفر، وهو رقم ليس بالقليل أسوة بالأعوام الماضية، الأمر الذي ينفي حدوث خسائر لشركات العمرة التي تعمل في السوق الإندونيسية.