شهد جناح وزارة التعليم في المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم العالي 2019 ورقة عمل تناولت دور الذكاء الاستراتيجي بمؤسسات التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية في تحقيق رؤية 2030، تم التأكيد خلالها أن جميع المنظمات تواجه في عصرنا الراهن سواء أكانت عامة أم خاصة، إنتاجية أم خدمية، تحديات وتحولات جذرية كثيرة، وأن الديناميكية السريعة نتيجة للتغيرات المعاصرة تكمن في (التركيز على العملاء- العولمة-التكنولوجيا-المعاهدات الدولية المعاصرة-التغيرات الاجتماعية-زيادة المنافسة). وقدمت الدكتورة فوزية بنت صالح الشمري من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ورقتها بعنوان الذكاء الاستراتيجي بمؤسسات التعليم العالي، أوضحت خلالها أن كل تلك التغيرات العميقة والسريعة أثرت في البيئة الداخلية والخارجية لمؤسسات التعليم العالي، وفرضت إحداث تغييرات جوهرية في الأساليب الإدارية الجامعية التقليدية،كثير من المفاهيم التي كانت الجامعات في معظم دول العالم تنأى بنفسها عن التعامل معها، مثل مفاهيم السوق، و العملاء والتنافسية، وأصبحت قضايا ذات أهمية وضرورة للجامعات، وأصبح البحث عن فهم أصيل ومتعمق لمصطلح التنافسية بين الجامعات ومتطلبات تحقيقها عملاً أصيلاً وليس تكميلياً أو اختيارياً أمام الجامعات. وذكرت الدكتورة الشمري أنه لم يعد من المقبول الاعتماد أساسًا على تحليل واستقراء الأحداث الماضية، وافتراض أن المستقبل امتداد للماضي، والنظر إلى التغيير باعتباره يمثل تهديدًا للجامعات وليس عامل للاستفادة منه ، وبالتالي ضرورة تبني المداخل الاستراتيجية لاستباق الأزمات والتهيؤ لمواجهتها قبل وقوعها بنشاط استباقي وليس علاجي ومن أهم تلك المداخل : الذكاء الاستراتيجي. وبينت الدكتورة فاطمة الشمري أن الذّكاء الاستراتيجي يعتمد على المعلومة ذات التّوجه الاستباقي، أي أنها ترتبط بالقدرة على استشراف مستقبل المنظمة، وهي منطوية على درجة عالية من عدم التّأكد، وتلعب دوراً مهماً في عملية تكييف المنظمة مع بيئتها المتغيرة، وتهدف إلى صياغة أهداف المنظمة الاستراتيجية. وأشارت في ورقتها إلى أن الذّكاء الاستراتيجي، يبرز بوصفه صيغة تجميعية لأنواع متعددة من الذكاءات ، وذلك في إطار إيجاد أفضل السبل لموقف المنظمة للتعامل مع التحديات المستقبلية والفرص المتاحة لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والفاعلية، لذا يمكن تعريف الذكاء الاستراتيجي في أنه يمثل قدرة مسؤولي الجامعات السعودية على استشراف المستقبل والإدراك التام للبيئة الخارجية التي تحيط بها للحصول على المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار المناسب مع النظرة المستقبلية لتأثير تلك القرارات على الأداء الكلي للجامعة، وبما يدعم تحقيق رؤية المملكة 2030 . وفي ثنايا ورقتها تحدثت الدكتورة فاطمة عن أبعاد الذكاء الاستراتيجي التي تتمثل في عدة أبعاد منها: أولاً : الاستشراف، الذي يعبر عن قابلية القائد للتفكير في صورة قوى غير مرئية ولكنها تسهم في صناعة المستقبل والاستعداد له واتخاذ القرارات الاستراتيجية اللازمة. ثانياً : تفكير النظم الذي ينم عن القدرة على توليف دمج العناصر أكثر من فصلها إلى أجزاء ومن تحليلها عن بعضها ثم تقييمها من حيث علاقتها بالكل، والتركيز على أسلوب تفاعلها مع بعضها من حيث نجاحها في خدمة أهداف النظام . ثالثاً: الرؤية المستقبلية التي هي وصف لصورة مستقبلية أفضل تتطلع إليها الجامعة وتتفوق بها على أوضاعها الراهنة، تصور للمستقبل المرغوب. رابعاً : الدافعية أو القدرة على تحفيز الآخرين التي تظهر المقدرة على دفع الأفراد وتحفيزهم للإيمان بهدف عام يجمعهم، والتعرف على ما يحرك دافعية الأفراد ويؤثر فيهم للعمل باتجاه الهدف. خامساً: الأبعاد والشراكة، حيث تعكس قدرة القائد الذكي استراتيجيا على إجادته في إقامة تحالفات إستراتيجية أي رؤية شاملة للشراكة بإبرامه اتفاقيات تعاونية وتحالفات أو اندماجات مع شراكات أخرى في صورة شبكات استراتيجية. وبينت الشمري في ورقتها أن للجامعات دورا كبيرا في دعم خطط التنمية والاقتصاد من خلال تأهيل وتطوير القدرات البشرية بما يتواكب مع رؤية المملكة 2030، حيث تمر المملكة بأهم مرحلة تاريخية لتطوير اقتصادها، ورفع مستوى التعليم العالي، وعدم الاعتماد على مصدر وحيد للدخل. وأكدت في ختام ورقتها أن السبب الرئيسي في نجاح العديد من القادة في قيادتهم لمؤسساتهم وإدارتها هو امتلاكهم نوعاً مختلفاً من الذكاء الذي لم يصفه علماء النفس، وهو الذكاء الاستراتيجي . ومن ضمن ورش العمل ما قدمه عميد الدراسات العليا بجامعة الطائف الدكتور سعد المالكي عن التحول البرامجي للدراسات العليا في ظل رؤية المملكة 2030 حيث أكد المالكي أن عمادة الدراسات العليا بجامعة الطائف ركزت في الآونة الأخيرة لتعزيز جهودها لموائمة مخرجات المنظومة التعليمية مع سوق العمل والقطاعات التنموية والصناعية لذلك سعت لافتتاح برامج تنفيذية ومهنية في التخصصات النوعية مع توأمتها ببرامج مناظره في الجامعات العالمية المرموقة. وأضاف المالكي في ورقة العمل أن العمادة أصبح تركيزها أكبر على الابتكار في التقنيات المتطورة لخلق فرص مثمرة واقتصاد مزدهر من خلال استحداث برامج ماجستير مهنية تتوافق مع رؤية المملكة 2030 ومتطلبات سوق العمل . وفي هذا الصدد تشير ورقة العمل إلى ما اقترحته العمادة في خطتها الأساسية للمبادرة باعتماد 27 برنامجاً للماجستير في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وعلم البيانات والويب وتحليل البيانات وغيرها وكذلك اعتماد 10 برامج ماجستير في تقنية المعلومات المؤسسية والمدن الذكية وشبكات الحاسب وريادة الأعمال والابداع . كما شهد جناح الوزارة ورقة عمل أخرى بعنوان الأوقاف العلمية والتنمية قدمها المدير التنفيذي للوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عصام كوثر، أشار فيها إلى أن المملكة العربية السعودية وهي تمر بمرحلة تطور سريع تؤدي الأوقاف بصفة عامة والعلمية منها على وجه الخصوص دورا حيوياً في التنمية من خلال برامجها ومبادراتها المختلفة التي تهدف إلى بناء المواطن باعتباره رأس المال الحقيقي في عمليات التنمية وركيزة أساسية لاستقرار وازدهار أي مجتمع . ولفت المحاضر إلى أن الرؤية 2030 هدفت في إطار دعم القطاع غير الربحي ورفع مساهمته في الناتج القومي المحلي إلى 5% إدراكاً منها لأهمية المنظمات الخيرية والوقفية في تحقيق التنمية . وأشارت الورقة إلى أن الجامعات الحديثة العالمية إنما تقاس قدرتها ومستوياتها العلمية والتكنولوجية بحجم أوقافها التي تدعم عوائدها وأنشطتها العلمية المختلفة، بالإضافة إلى المراكز البحثية المتخصصة. وقدمت الورشة للحضور نماذج لأوقاف الجامعات في العالم كالجامعات في بريطانيا وكندا وغيرها . وتناولت ورقة العمل الوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز أنموذجا محلياً من خلال تقديم نبذه تعريفية عنه وآليات عمله ومسارات التنموية وإسهاماته في التنمية .