أسامة البكاري مسؤول الموارد البشرية في إحدى الشركات الخاصة يبحث في القضية من منظور المراقب: «أولا المجتمع بشكل عام «عايش على الأقساط»، وبالتالي إذا لجأ الشباب إلى ذلك بعد أن أحاطتهم المشكلات المالية من كل حدب وصوب، فهو من الطبيعي بل وأصبح من المسلمات الحياتية لديهم حتى وصل الأمر إلى الاقتراض من العمالة الوافدة، أو الشراء منهم إلى آخر الشهر، فضلا عن المماطلات من الشباب في سداد ديون البقالة أو المغسلة، ما يجعلهم يمرون بمآزق ومواقف كثيرة لا يحسدون عليها». فضحتمونا فهد القحطاني موظف في قطاع خاص يعلق بنوع من الفكاهة: «من جد بتفضحونا يا «شمس»، والحقيقة أن الشباب بالفعل مطلوبون لكل بقالة ومغسلة، فالبعض يسدد بالآلاف نهاية كل شهر خصوصا إذا كان «عزوبيا»، فأحد أصدقائي الأعزاء «بقالات الحارة كلها تطلبه فلوس» وهو يماطل وإذا امتنع صاحب البقالة عن إعطائه ذهب إلى أخرى حتى أصبح معروفا ويحذر منه في الحارة، وبعد ذلك ذهب إلى الحارة المجاورة وأعتقد أنه «بيفر حواري الرياض كلها» هذه إشكالية سببها قلة الدخل المادي شهريا، إضافة إلى الغلاء الفاحش الذي أنهك كاهل كثير من الأسر، وأجبرهم على الأقساط، وهذا دليل على أن الشباب ليسوا فقط من يعانون هذا الموضوع». معاناة تكشفها الدفاتر من جهة أخرى يشدد سعيد الزهراني على ضرورة عمل الحلول من قبل الدولة لإيجاد فرص وظيفية تمنح رواتب مجزية وفرض ذلك من قبل مكتب العمل على الشركات والمؤسسات: «الظروف التي يمر بها الشاب، خصوصا إذا كان دخله الشهري محدودا فمن الطبيعي أن يأخذ حاجاته بشكل آجل سواء كان ذلك في أمر ضروري مهم أو عادي لا يكاد يذكر، وإذا أردت أن تعرف معاناة الشباب فادخل أي بقالة وشاهد دفتر البائع ستجده مليئا بأسماء الشباب المطلوبين «فلوس». نتاج ظروف ويرى أحمد النجعي أن هذه الظاهرة ليست بالغريبة بقدر ما هي نتيجة لتوالي الظروف وتكالب الصعوبات والضائقات المالية على الشباب خصوصا أنهم هم من يصرف كثيرا: «إذا أخذنا هذا الموضوع من زاوية الحاجة فهو الأقرب للجوء الشباب إلى الاقتراض من البقالات إلى آخر الشهر، وهذا نتاج طبيعي للظروف التي تحيط بالشاب وقلة الراتب، إضافة إلى المتطلبات اليومية». مراوغون وملتزمون من جهة أخرى يذكر أبو علي، بائع في إحدى البقالات أن الأغلبية العظمى من الذين يشترون منه بالآجل أو إلى آخر الشهر هم من فئة الشباب: «بصراحة أصبحنا نتخوف كثيرا من بيع الشباب أو إعطائهم أي شيء، وذلك بسبب مماطلتهم المستمرة عند الدفع، حيث يبدأ أحدهم باختلاق الأعذار، فمرة يقول عندي إيجار ومرة أخرى قسط سيارة، وإضافة إلى ذلك لا يرد على اتصالاتنا، وهؤلاء الأغلبية، ولكن يوجد هناك شباب في قمة الوفاء والسداد عند الوقت المحدد، وأحيانا قبل ذلك، وهذه العينة هي التي نتعامل معها باستمرار دون خوف أو تردد» .