إذا لم يسبق أن تعرضت للسرقة، فثمة واحد من احتمالين: إما أن تكون محظوظا إلى أقصى درجة ممكنة. أو أن اللصوص «شايلينك من الحسبة»، لظروفك المادية غير السارة، لا لك ولا للصوص. شخصيا، ومؤكد أن ذلك للسبب الثاني، لم يسبق لي أن تعرضت للسرقة. رغم أنني شخص «مفهي» في الإجمال. ويمكن أن أكون صيدا سهلا لأي لص مبتدئ، ولذلك فقد كان من حسن الطالع أنني غير ذي قيمة بالنسبة إلى أي لص، حتى ولو كان «سنكوحا». على أية حال، وكما هو الوضع في أي مهنة على وجه الأرض، فإن اللصوصية درجات ومستويات. يقال، والعهدة على الرواة، إن حرامية جدة كان لهم شيخ معروف، يسمونه شيخ الحرامية. «كيف اجتمعت هاتان الكلمتان، شيخ وحرامي؟ لا أدري». المهم أن السلطات الأمنية كانت تستعين بهذا «الشيخ» لمعرفة مرتكبي السرقات. لأن اللصوصية تخصصات. حرامي البيوت لا يسطو على السيارات. حرامي الدكاكين لا يجرؤ على سرقة الأفراد.. وهكذا. احترام بين أبناء المهنة الواحدة. لا أحد يسطو على تخصص الآخر. لا تظنوا أن اللصوصية «شغلة» هايفة. كلا. هناك تخصصات وفروع دقيقة أيضا. قرأت مرة أن في دولة آسيوية مركزا لأبحاث اللصوصية العميقة، يدرس فيه عتاولة المجرمين. الحاصل، أن اللصوص كانت لهم أوقات دوام ليلية محددة. من بعد المغرب إلى قبيل أذان الفجر. حين ينادى لصلاة الفجر، يذهب اللص للوضوء ويتجه إلى أقرب مسجد. العبادة أهم من العمل طبعا. كانت هناك مبادئ. الآن، لم يعد اللصوص يؤدون العبادات كما كانوا سابقا. قلّت ديانتهم فيما يبدو. الأهم أنهم لم يعودوا يلتزمون بأوقات الدوام. فأكثر السرقات هذه الأيام تحدث في.. عز النهار.