تعد ظاهرة رمي الكتب الدراسية والمذكرات الخاصة بالامتحانات من أشد الظواهر بل أخطرها وقت الامتحانات؛ فهي ليست عبثا بكتب كلفت خزينة وزارة التربية والتعليم ملايين الريالات فحسب، بل أمرها يتعدى إلى كونها تكشف مدى ضعف ثقافة ووعي الطلاب بالمادة العلمية التي درسوها وقيمة الكتاب من حيث هو وعاء للعلم والثقافة. كما تكشف مستوى حرصهم على اكتساب العلم والحفاظ على مصادره، فضلا عن كون ظاهرة رمي الكتب والمذكرات تعد سلوكا تربويا سلبيا مضرا بالبيئة. مسابقة تدوير وفي هذا السياق أكد محمد الشهري رئيس قسم النشاط العلمي بإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية، أن هناك برنامجا توعويا بيئيا يعنى بهذه الظاهرة، ويهدف إلى الحد من انتشارها. وأضاف: “عملنا مع إخواننا في شركة أرامكو على إيجاد برنامج يهتم بهذه الكتب ويحافظ عليها، وهو برنامج تدوير الورق”. وأوضح أن البرنامج يتضمن دخول كثير من المدارس في مسابقة لجمع أكبر عدد من الكتب قبل وأثناء وبعد الامتحانات. وأضاف أنه في النهاية يتم تكريم المدارس الفائزة بأعلى وزن من هذه الكتب. وأوضح الشهري أنه في العام الماضي تم تكريم عدد من المدارس بكثير من الأجهزة الإلكترونية والحاسبات لفوزها في هذه المسابقة. وأضاف أنه “بانتشار تطبيق هذا البرنامج لن نجد ورقة واحدة ملقاة بجوار أي مدرسة من هذه المدارس، عقب موسم الامتحانات”. وأكد الشهري: “لدينا الآن خطة لتوسيع دائرة المدارس المشاركة في هذه المسابقة”. وقال إنها تهدف إلى أن تتعدى إلى كثير من المحافظات والمناطق التعليمية؛ لتعم الفائدة على جميع المدارس، ويتم القضاء على هذه الظاهرة. قيمة الكتاب ويرى الإخصائي التربوي عبدالله عسيري أن هذه الظاهرة قديمة في مجتمعنا. وأوضح أن “هذه الظاهرة ارتبطت بشكل واضح ببدء الاختبارات المدرسية. وأضاف: “بمجرد أن ينتهي الطلاب من فترة دراستهم يرمون أي كتاب لمادة تم اختبارها”. ويتساءل: “ما نظرة الطالب للكتاب؟”. وأعرب عن اعتقاده بأن نظرة الطالب للكتاب عبارة عن وسيلة تنتفي فائدتها في وقت معين، أي بعد الانتهاء من الامتحان. وأكد أن هذا مؤشر خطير جدا. وأوضح عسيري: “أن الكتاب المدرسي قد يكون عديم الارتباط بحياة الطالب خارج مقرره الدراسي”. وأضاف: “بالتالي فلا تبرز الحاجة إليه إلا في دراسة المقرر بعينه”. وأشار إلى أن “الشيء المهم والمثير في الموضوع هو أن هذا السلوك يوحي بمدى القيمة الفعلية للكتاب في نظر النشء”. وأضاف: “كما يشير إلى مستوى الوعي والتكوين الثقافي لأفراد المجتمع من الكبير حتى الصغير”. المواجهة وقال عسيري: “هنا لا بد من وقفات في واقع مجتمعنا للحد من هذه الظاهرة”. وأكد أن المدارس لها محاولات جادة للقضاء على هذه الظاهرة. وذكر أن المدارس تسعى جاهدة لجمع الكتب، حسب توجيهات وزارة التربية والتعليم. وقال: “لكن الطلاب يقاومون هذا الأمر، ويحرصون كثيرا على العبث بها وتقطيعها ورميها في كل مكان”. وأكد أن هذا سلوك ليس من السهل القضاء عليه. وأضاف: “هو سلوك مرتبط بعدة مدخلات ثقافية في النشء، تحتاج إلى تضافر جهود جهات عدة، منها المنزل والمدرسة والمكتبات العامة حتى المسجد لمواجهتها”. وأكد أن كل المؤسسات الاجتماعية التي تقدم وظيفة تربوية أو تعليمية معنية بمواجهة هذه الظاهرة.