يقدم فيلم «في الوقت المحدد» استعراضا فريدا يجمع بين الخيال العلمي والحركة والإثارة دون أن ينسى الجانب الرومنسي، ليحمل على هذا البناء مقولاته عبر إسقاطات سياسية واقتصادية واجتماعية وقيمية على الواقع الحالي. فالفيلم يحمل إحالات فكرية وفلسفية وسياسية واقتصادية، تعيدنا إلى قصة اللص الشريف «روبن هود» وإيديولوجية العدالة الاجتماعية، في محاولة لتوجيه وعي المواطن الأمريكي والغربي تجاه كارثة باتت تهدد حياته، وهي تحول الإنسان إلى آلة عمل لصالح الرأسماليين الذين يتحكمون بسياسة الحكومات حسب المبدأ الذي يقدمه الفيلم في حواراته «من أجل أن يعيش البعض القليل إلى الأبد، يجب أن يموت كثيرون الآن»، وباعتبار المسألة ليست مجرد مال وجهد، بل أعوام عمر لا تعود، ومن هنا يأتي تشبيه المال بالوقت كاستعارة. الوقت هو القوة يقترح الفيلم لعام 2161 كزمن للأحداث، وقد سمح تقدم التكنولوجيا والعلوم للعلماء بتعديل وراثي على جينات الشيخوخة، فبات بالإمكان توقيف عوامل الهرم وكبر السن للإنسان عند عمر ال25 عاما، ومع محاولات تفادي الانفجار السكاني يحل الوقت محل المال كالعملة للمتاجرة والتقايض. وبذلك يتحول الإنسان بعد بلوغه ال25 عاما إلى لبس ساعة رقمية مكونة من 13 خانة لاحتساب الوقت الذي سيحصل عليه وسينفقه، وفي حال تصفير العدادات يموت الإنسان لنفاذ الوقت. وهكذا يظهر التقسيم الاجتماعي بين الأغنياء الذين يملكون دهرا من الوقت ويعيشون في منطقة تدعى «جرينتش الجديدة» بين الفقراء العمال الذين يكدحون لاكتساب الوقت ويعيشون في معازل تسمى «دايتون». وتدور الأحداث لتحكي قصة «ويل سالاس» العامل في مصنع الذي يعيش مع والدته «راشيل» التي تبلغ من العمر 50 عاما. وفي أحد الأيام يلتقي ويل وصديقه المقرب «جوني» بأحد البارات « هنري هاملتون» الملياردير الذي يعمل بتجارة المشروبات ويبلغ من العمر 105 أعوام، وفي تحول مفاجئ يتعرض «هنري» لهجوم من عصابة تسرق وقت الآخرين بالقوة، فيتدخل ويل لمساعدته وينتهي بهم الأمر بالاختباء في مصنع مهجور. وهنا يحدث «هاملتون» «ويل» عن أن هنالك وقت يكفي الجميع لكن الدول الكبرى تخزنه لصبح خالد، ثم وخلال النوم يقوم «هاملتون» الذي تعب من الحياة بنقل كل وقته إلى «ويل» ثم يموت بسقوطه من على جسر في النهر، وحين يهب «ويل» لمساعدته يصل متأخرا لكن كاميرا رقمية موجودة في المكان تسجل الحادث لتصل الشرطة وتكتشف التسجيل وتتم ملاحقة «ويل» من قبل الضابط «رايموند ليون» بتهمة القتل لسرقة الوقت. «ويل» يذهب في انتظار والدته ليخبرها عن الثروة التي أصبح يملكها، ولكنها لا تملك أن تدفع ثمن بطاقة الحافلة بعد غلاء مفاجئ في الأسعار، وقبل أن يصل لها «ويل» تموت، وهنا يتذكر ما قال له «هاميلتون» عن ظلم نظام الوقت، ويقرر الانتقام. ويزور صديقه «جوني» ويعطيه ما قيمته عقد من الزمن من الوقت كهدية سينفقها الأخير على الشرب ويموت من جراء الشراب الزائد. وينتقل «ويل» إلى «جراينيتش الجديدة» حيث يتعرف على رجل الأعمال «فيليب فايس» وابنته «سيلفيا» التي تعجب به، ولكن مجتمع الأغنياء يرفض «ويل» بحجة عدم السماح بانتقال الثروة إلى فقراء يغنون، ومن هنا وبعد خطف «سيلفيا» سيدخل الفيلم في أجواء المطاردات والإثارة، حتى يقرر «ويل وسيلفيا» السطو على البنوك لسرقة كبسولات الوقت المخرنة فيها لتوزيعها على الفقراء، وهكذا دواليك حتى تبقى النهاية مفتوحة. رؤية استشرافية لغليان المجتمع الأمريكي تزامن نزول الفيلم إلى الصالات الأمريكية مع مظاهرات حركة «احتلوا وول استريت» في نيويورك ومن قبلها مظاهرات مدريد وروما وفرانكفورت ولندن وغيرها من مدن العالم، التي كانت ضد الأوضاع الاقتصادية التي رسختها الرأسمالية، وهذا الطرح الثوري ليس بجديد على «أندرو نيكول» الذي كتب سيناريو الفيلم وأخرجه وأنتجه فهو قدم سابقا العديد من السيناريوهات لأفلام مهمة مثل «The Terminal» لتوم هانكس و« The Truman Show» لجيم كيري، إضافة لفيلمه المثير الذي أخرجه «سيد الحرب» ومن هنا جاء ترشيح الفيلم للمنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي. وعلى الرغم من العناصر القوية الموجودة بالفيلم سواء في الإخراج الذي تجلى ببراعة حركة الكاميرا وزوايا التصوير واللقطات الحركية السريعة أو بالافتراضات لشكل الحياة المستقبلية، إلا أن جوانب الضعف كانت بالموسيقى التصويرية التي وضعها الملحن الكبير «كريج ارمسترونج» لكنها لم تكن على نفس مستوى الأحداث ووتيرتها المتسارعة، وخصوصا في مشهد وفاة والدة البطل. كذلك الديكور والملابس اللذان وقعا في مشكلة الغياب الواضح للفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، فبينما تقول الديكورات الأرستقراطية للقصور إننا في فترة الستينيات، تقول السيارات الحديثة السريعة جدا أن الأحداث تدور في فترة زمنية مستقبلية. والأهم أداء بطلي الفيلم المغني «جاستين تيمبرلاك» والنجمة «أماندا سيفيرد». وقد جمع في الصالات الأمريكية مبلغ 33.454.533 مليون دولار أمريكي للأسبوع الثالث على عرضه .