تواصل السلطات المختصة في وزارة الداخلية السورية عمليات البحث والتحري لمعرفة ملابسات الاعتداء الذي تعرض له رسام الكاريكاتير السياسي البارز علي فرزات، فجر الخميس الماضي، بالعاصمة دمشق للكشف عن منفذيه وتقديمهم للعدالة حيث فتحت تحقيقا في هذه المسألة. وتعرض فرزات «60 عاما» للضرب المبرح من قبل أربعة رجال ملثمين ضخام الجثة «شبيحة» اعترضوا سيارته وخطفوه، ثم كسروا أصبعين من يده اليسرى وذراعه اليمنى وأصابوا عينه اليسرى، قبل أن يرموه من السيارة في طريق المطار وهم يرددون «هيك كسرنالك إيدك حتى لا ترسم مرة تانية، هذي المرة اكتفينا بهيك، بس المرة التانية ما راح نكتفي». ودانت عدة شخصيات ومنظمات حقوقية ودول الاعتداء الذي تعرض له فرزات، واتهم النشطاء السوريون أنصار نظام الرئيس بشار الأسد بأنهم وراء الهجوم. وفي مصر، عبر عدد من فناني الكاريكاتير عن إدانتهم الشديدة لما قام به شبيحة نظام الأسد وكسر أصابع فرزات لمنعه من الرسومات التي تنتقدهم، ودعوا إلى العمل الحقيقي من خلال تضامنهم مع فرزات بالتعبير عن هذه الحادثة الدموية بالرسم أو الكتابة وكافة أشكال التعبير، ومنها محاولة قراءة أفكاره ورسمها ردا على النظام الدموي ودليل على أن ما فعله مع فرزات لن يوقفه عن استكمال مسيرته. ومنذ بداية الانتفاضة المناهضة للنظام في سورية، منتصف مارس الماضي، بدأ فرزات وهو أحد أشهر رسامي الكاريكاتير في العالم العربي نشر أعمال تنتقد بشدة إجراءات القمع التي تمارسها الحكومة السورية على المتظاهرين. وقال إنه بعد شفائه سيكون قميصه الذي امتلأ دما أول لوحة يرسمها. وجاء الاعتداء بعد نحو أسبوع على انتقاده النظام السوري عبر مقابلة تليفزيونية أجراها مع برنامج أسبوعي بإحدى القنوات الفضائية حيث أكد أن «الحل ليس بنزول الأمن إلى الشارع في مواجهة المتظاهرين»، معتبرا أن «المبادرة بالحل القمعي كانت خطأ». ويشار إلى أنه من قبل انطلاق الثورة في سورية، لعب الفنان علي فرزات دورا مهما في إدارة نقاش وطني مرتفع السقف عبر موقعه الإلكتروني وصفحته على موقع «فيس بوك» وتمكن من جذب آلاف المعجبين الذين تحول نقاشهم إلى وسيلة لقياس نبض الشارع حيث تم تناول كافة القضايا وتسمية الأشياء بأسمائها ما أثار حفيظة السلطات التي ظلت حذرة في تعاملها مع فرزات نظرا لشهرته ومكانته الفنية على مستوى العالم. وخلال الثورة شكلت رسومه بوصلة لرصد حركة الشارع، إلا أن جماعات من المتضررين من الرسوم أنشؤوا صفحات مناهضة لعلي فرزات على الموقع، لكنها لم تحصد شعبية. وفي الأيام الأخيرة، ظهرت أصوات تطالب بوضع حد له، ليكون ذلك بمثابة تهديد واضح وصريح، هذا عدا عشرات الرسائل التي تصله يوميا وتهدده؛ ولكن فرزات لم يكن يهتم بأي منها إلى أن نفذوا تهديداتهم.