قررت محكمة جنايات القاهرة، أمس، تأجيل النظر في القضية المتهم فيها الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال بقتل المتظاهرين واستغلال النفوذ والفساد، إلى الخامس من سبتمبر المقبل، ومحاكمتهم في الوقت نفسه مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه بعيدا عن كاميرات التليفزيون بعد أن تقرر وقف البث المباشر لوقائع الجلسات «حفاظا على الصالح العام». وأعلن رئيس المحكمة القاضي أحمد رفعت «ضم قضيتي مبارك والعادلي لتسير إجراءاتهما معا في وحدة واحدة»، مستجيبا بذلك لمطلب رئيس من مطالب هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني، أي أسر الضحايا والمصابين الذين سقطوا خلال قمع الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق. وهلل محامو أسر الضحايا فرحا فور إعلان القاضي ضم القضيتين، كما صفقوا ترحيبا بقرار وقف البث التليفزيوني، معتبرين أن هذا القرار ينحو بالمحاكمة منحى جادا. ويواجه مبارك والعادلي ومعاونوه الستة أحكاما بالإعدام إذا ما ثبت بالفعل إصدارهم أوامر بقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة التي بدأت في 25 يناير الماضي واستمرت 18 يوما، قبل أن يعلن مبارك تنحيه وتسليم السلطة للجيش، 11 فبراير. وقتل نحو 850 شخصا خلال الانتفاضة، غالبيتهم العظمى من الشباب، كما أصيب أكثر من ستة آلاف آخرين عندما أطلقت ذخيرة حية وطلقات رصاص مطاطي واستخدمت مدافع مياه وهراوات ضد المتظاهرين. كما يحاكم في نفس القضية غيابيا رجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم الذي كان مقربا من الرئيس السابق بتهم تتعلق بالفساد المالي والتربح غير المشروع واستغلال النفوذ. ونقل التليفزيون المصري وقائع الجلستين الأولى والثانية لمحاكمة مبارك التي بدأت في الثالث من أغسطس الجاري، وتابعها الملايين باهتمام بالغ. وكان ظهور أول رئيس مصري داخل قفص اتهام قد أذهل المصريين الذين شاهدوا مباركا على فراشه داخل القفص الحديدي الذي يحتجز فيه المتهمون بقاعة المحكمة. وكان مبارك وصل نحو الساعة العاشرة والربع صباحا، أمس، إلى مقر أكاديمية الشرطة شرقي القاهرة، حيث تجرى المحاكمة على متن مروحية هبطت بالقرب من مقر المحكمة، ونقل بسيارة إسعاف إلى مدخل المبنى، وخرج منها على سرير طبي. وظهر وهو يرتدي جاكيتا أزرق فوق ملابس بيضاء، وهو ما يخالف اللوائح التي تفترض ارتداء المحبوسين احتياطيا ملابس بيضاء فقط. كما شوهد ابنه علاء بملابس السجن البيضاء يساعد في نقل والده، ما يخالف أيضا اللوائح المتبعة، حيث يفترض أن يكون المتهم داخل قفص الاتهام بانتظار بدء الجلسة. وقام علاء مبارك بتغطية عدسة كاميرا كانت تصور المشهد بيده، كما فعل قبل إعادته إلى السجن بعد انتهاء الجلسة الأولى. وأقيمت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة في محيط أكاديمية الشرطة بعد تجمع حشود لأنصار مبارك، وفي ساحات القاهرة الرئيسة وخاصة ميدان التحرير لمنع أي مظاهرات. ودخل مبارك قفص الاتهام على سرير طبي نقال، كما حدث في الجلسة الأولى، وكان نجلاه علاء وجمال يقفان إلى جواره. وظهر بحالة سيئة مغمضا عينيه معظم الوقت ممددا على الفراش يتبادل كلمات خاطفة بين الحين والآخر مع أحد نجليه، وكان مثبتا في يده جهاز لتوصيل المحاليل الطبية على عكس ما حاول إبداءه من رباطة جأش في الجلسة الأولى. وافتتح رئيس المحكمة الجلسة قائلا «باسم الله الحق العدل» ثم نادى على المتهمين الثلاثة فرد مبارك بصوت واضح عبر مكبر الصوت «أيوه موجود»، ورد كل من نجليه تباعا «موجود». وشهدت القاعة مشادات بين المدعين بالحق المدني قبل انعقاد الجلسة حول أحقية الجميع في الحديث إلى المحكمة. كما شهدت ساحة مبنى الأكاديمية اشتباكات بين مؤيدي المحاكمة وبينهم عدد من أفراد أسر الشهداء ومعارضيها ممن يطلقون على أنفسهم «أبناء مبارك». ووصلت الاشتباكات إلى حد التراشق بالحجارة ما أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص. واستجابت المحكمة لطلبات فريد الديب رئيس هيئة الدفاع عن مبارك ونجليه والمتعلقة بالاطلاع على أوراق القضية وتصويرها، وكذلك المتعلقة باستخراج أوراق رسمية يرى أنها لازمة لتأسيس الدفاع عن موكليه. وقرر القاضي تسجيل كل طلبات هيئة الدفاع عن أسر الضحايا في محضر الجلسة حتى تفصل فيها المحكمة في وقت لاحق .