لا أحد يعلم إن كان قد فكر «ماريو دي نيرو» وزوجته «صوفيا» عندما قدما من إيطاليا في بداية القرن ال 20 إلى أمريكا، طمعا بأرض الفرص، بأنه حفيدهما روبرت سيصبح واحدا من أهم أركان هوليوود الأمريكية وأسطورة ملهمة لعشاق الفن السابع. «روبرت دي نيرو»، الذي ولد عام 1943 لوالدين فنانين في مجال الرسم، نشأ صبيا ضئيل البنية بملامح ناعمة جعلته محط سخرية زملائه في المدرسة فلقبوه «طفل الحليب»!. ثم قادته رغبة والدته ليدخل مدرسة الموسيقى والفنون الثانوية بولاية نيويورك، والتي طرد منها وهو في ال13، وحينما بلغ رشده سافر إلى باريس، ليسعى وراء حلمه وحده، وهو التمثيل، وجاءته الفرصة هناك بعد عامين، فقام بأول دور سينمائي في فيلم «عقد القران» عام 1969 مع المخرج الأمريكي «براين دي بالما»، أتبعه روبرت بالعديد من الأدوار الصغيرة على خشبة المسرح وبعض الأفلام. لكن تلك الفترة لم تكن سوى مخاض لفرص أخرى ظهرت أولاها مع دور حقيقي عندما قدمه له المخرج العملاق «مارتن سكورسيزي» في فيلم «شوارع دنيئة» عام 1973، ثم حصد النجم بعدها أول جائزة أوسكار عن دور مساعد في رائعة فرانسيس فورد كوبولا «العراب الجزء الثاني»، قبل أن يتعاون من جديد مع سكورسيزي الذي قدمه ببطولة مطلقة في «سائق التاكسي» الذي حصد سعفة مهرجان «كان» عام 1976، ليعود مجددا إلى الأوسكار، هذه المرة كأفضل ممثل رئيسي عن دوره في فيلم سكورسيزي «الثور الهائج» عام 1980، وهو الفيلم الذي يكرس اسم «روبرت دي نيرو» كواحد من أهم الممثلين الأمريكيين، بل أتاح له فرصة العمل مع عمالقة الفن السابع كالمخرجين «برناردو بيرتولوتشي» في فيلم «1900» و«إيليا كازان» بفيلم «آخر العمالقة»، حيث غلب على أفلامه طابع القصص التي تتحدث عن عوالم الجريمة والقوالب البوليسية، حتى باتت بصمة ل«روبرت دي نيرو». لكن مواهب هذا الرجل لم تتوقف عند هذا الحد، بل دخل مجال الإنتاج بتأسيسه شركة إنتاج سينمائي خاصة، أنتج من خلالها فيلم «الراعي الصالح» من بطولة «مات ديمون» والنجمة «أنجلينا جولي» في عام 2006، وهو عمل لاقى مديح الكثير من النقاد. وفي هذا العام، ترأس «روبرت دي نيرو» لجنة التحكيم في مهرجان «كان» فكان ثالث أمريكي ينال هذه الحظوة. وعرف دي نيرو بمواقفه المنفتحة على الآخر حين زار البلاد العربية، وبنقده اللاذع للدعم الأمريكي للكيان الصهيوني.