ترمب يعلّق على فوز حزب المحافظين في ألمانيا: يوم عظيم    الربيعة: 100 مليون دولار لصندوق العيش والمعيشة لانتشال الفئات الأشد فقراً    بنزيما يتخصص في شباك «الزعيم»    نمو قوي لإقراض الشركات الصغيرة في الصين    أطماع إسرائيلة مستمرة ومساع لتدمير فلسطين    أوكرانيا تخشى تحول سياسة ترمب تجاه بوتين    مصر: إيرادات قناة السويس تنخفض إلى 7.2 مليار دولار    مباحثات برلمانية سعودية إيطالية    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    500 لاعب يبرزون مواهبهم بالسهام    إحباط تهريب 525 كجم من القات    الجهات الأمنية بالرياض تباشر واقعة إطلاق نار بين أشخاص مرتبطة بجرائم مخدرات    فجر الدرعية من سور يحميها إلى أكبر أسطول بحري    تركيب اللوحات الدلالية للأئمة والملوك على 15 ميدانا بالرياض    هيئة الهلال الأحمر بنجران ‏تشارك في احتفالات يوم التأسيس 2025    الجمعية السعودية للتربية الخاصة (جستر محايل )تحتفل بيوم التأسيس    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق غدًا معرض قلب الجزيرة العربية    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    مبعوث ترمب في المنطقة الأربعاء للتفاوض حول المرحلة الثانية    فن التصوير الفوتوغرافي في "يوم التأسيس" وأبراز التراث الجيزاني    لوكا دونتشيتش يقود ليكرز لإيقاف سلسلة انتصارات ناغتس بعرض استثنائي    يوم التأسيس.. واستشراف المستقبل..    حملة توعوية عن "الفايبروميالجيا"    وادي الدواسر تحتفي ب "يوم التأسيس"    آل برناوي يحتفلون بزواج إدريس    أمير القصيم يدشّن مجسم يوم التأسيس تزامنًا مع يوم التأسيس السعودي    بالأزياء التراثية .. أطفال البكيرية يحتفلون بيوم التأسيس    محافظ رجال المع يدشن مهرجان البن الثاني بالمحافظة    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    «منتدى الأحساء»: 50 مليار ريال ل 59 فرصة استثمارية    فعاليات التأسيس بالمدينة.. تحيي أبرز الأحداث التاريخية    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    بيفول ينتزع الألقاب الخمسة من بيتربييف ويتوّج بطلاً للعالم بلا منازع في الوزن خفيف الثقيل    المملكة تهدي جمهورية بلغاريا 25 طنًا من التمور    الكرملين: انتقادات ترامب لزيلينسكي "مفهومة"    بنهج التأسيس وطموح المستقبل.. تجمع الرياض الصحي الأول يجسد نموذج الرعاية الصحية السعودي    فعاليات متنوعة احتفاءً بيوم التأسيس بتبوك    دامت أفراحك يا أغلى وطن    «عكاظ» تنشر شروط مراكز بيع المركبات الملغى تسجيلها    علماء صينيون يثيرون القلق: فايروس جديد في الخفافيش !    ذكرى استعادة ماضٍ مجيد وتضحياتٍ كبرى    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    تعزيز الابتكار في صناعة المحتوى للكفاءات السعودية.. 30 متدرباً في تقنيات الذكاء الاصطناعي بالإعلام    الاستثمار العالمي على طاولة "قمة الأولوية" في ميامي.. السعودية تعزز مستقبل اقتصاد الفضاء    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    لا "دولار" ولا "يورو".." الريال" جاي دورو    ابتهاجاً بذكرى مرور 3 قرون على إقامة الدولة السعودية.. اقتصاديون وخبراء: التأسيس.. صنع أعظم قصة نجاح في العالم    " فوريفر يونق" يظفر بكأس السعودية بعد مواجهة ملحمية مع "رومانتيك واريور"    ضبط وافدين استغلا 8 أطفال في التسول بالرياض    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    نهج راسخ    الملك: نهج الدولة راسخ على الأمن والعدل والعقيدة الخالصة    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    الاتحاد يقسو على الهلال برباعية في جولة يوم التأسيس    بنزيما: الاتحاد ليس قريبا من لقب الدوري    من التأسيس إلى الرؤية.. قصة وطن    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدث ذات مرة في أمريكا.. حدث ذات مرة في السينما
مهرجان «كان» يحتفي بالفيلم ونجومه
نشر في الرياض يوم 24 - 05 - 2012

لم يستطع الممثل الأمريكي الشهير روبرت دي نيرو حبس دموعه في إحدى أماسي مهرجان «كان» السينمائي، أثناء تقديمه للنسخة الأخيرة المُرمّمة من فيلم «حدث ذات مرة في أمريكا-Once Upon a Time in America» للمخرج الإيطالي الراحل سيرجيو ليوني عام 1984م، ومع موسيقى العبقري الكبير إنيو موريكوني كان مهرجان «كان» يحتفل بالسينما في صورة تجسد الالتزام والإخلاص والوفاء لأيقونة خالدة في السينما، كان حضورها الأول في نفس المهرجان قبل ثمانية وعشرين عاماً، وعلى يد العديد من رموز الفن في أمريكا وأوروبا، فعملية ترميم الفيلم كانت مشروعاً محورياً لمؤسسة مارتن سكورسيزي السينمائية بالاشتراك مع الميلياردير الفرنسي فرانسوا هنري بينو من خلال إدارته على دار «غوتشي» التي تملك فيها مؤسسة والده «بي. بي. أر.» نسبة كبيرة، وكذلك من خلال الشركات الصغيرة والتعاون الذي تشكل بين ليوني وبعض من عمل معه في الفيلم وورثته.
باعتقادي أن الدمعة التي فرت من عين «دي نيرو»، بغض النظر عن تعبيرها الأول في استحضاره ذاكرة فاتنة في علاقته مع «ليوني» إبان تصوير ذلك الفيلم، فلربما كانت تعبر في مستوياتها المختلفة، عن إدراكه للحسرة والانكسار البالغ الذي عاناه «ليوني» بسبب التشويه الذي تعرض له فيلمه من قبل المنتجين، ففي عملية التحرير التي قام بها نينو باراقيلي المحرر الذي اشتغل مع «ليوني» في أفلام كثيرة، تم تقليص الفيلم في ست ساعات، لكن الفيلم في نسخته الأولى قوبل بالرفض عندما أراد ليوني أن يخرجه في جزئين، بسبب فشل التوزيع التجاري لفيلم برتولوتشي الملحمي «1900» الذي حققه في جزءين أيضاً في عام 1976م، ما جعل المنتجين يحجمون عن المغامرة بأموالهم في مخاطرة ثبت فشلها في تجربة سابقة، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، ليدخل الفيلم في سلسلة معقدة من عمليات القطع والتحرير، حيث ظهر الفيلم في نسختين، إذ عرض في مهرجان كان بنسخته الكاملة التي وافق عليها «ليوني» في مائتين وتسعة وعشرين دقيقة محققاً نجاحاً نقدياً كبيراً، وفي أمريكا بنسخة مشوهة في مائة وتسعة وثلاثين دقيقة دمرت الفيلم وسمعته وسببت له فشلاً جماهيرياً ذريعاً وتم استبعاده في كثير من المناسبات السينمائية ولم يسلم من سلاطة ألسنة كثير من النقاد رأى البعض أن سببها جرأة الفيلم وتقديمه سجلاً تاريخياً لعصابة من اليهود الإيطاليين، لقد كان ذلك تصرفاً سبب الحسرة واليأس في تجربة ليوني الثرية رغم قلة أفلامه خلال نشاطه في خمسة وعشرين عاماً، لقد بدى الأمر وكأن الفيلم تم إغراقه، لكن نسخ الأفلام المسجلة على شرائط الفيديو ثم أقراص الديفيدي حققت نجاحاً عالياً كرد اعبتار لكل تلك السنين العشرة التي قضاها «ليوني» في الإعداد والإدارة لفيلم سيظل مدرسة سينمائية يتعلم فيها كل سينمائي سواء كان مبتدئاً أو مخضرماً، لقد رفض «ليوني» ذات مرة فيلم العراب المأخوذ عن رواية «ماريو بوزو»، لأنه يريد أن يخرج فيلماً عظيماً سيتذكره الناس طويلاً، وظهر العراب في 1972م من إخراج فرانسيس فورد كوبولا، كأحد الأفلام الخالدة التي تجسد السينما في أبرع تجلياتها الفنية واكتمالاً من حيث عناصرها الجمالية الفريدة في الإخراج والتحرير والتصوير، وما كان يبدو في البدء خسارة فادحة في عدم استغلال «ليوني» للفرصة، تجلى ليكون شاهداً على أن «ليوني» كان بالفعل يعمل على تحفة سينمائية ما زال الناس يتذكرونها حتى الآن، بل ويذرفون الدموع في ذكراها.
يقول «دي نيرو» عن هذا الفيلم ودوره فيه: «أتذكره كأحد أطول الأفلام التي عملت عليها، لا أظن أن سيرجيو كان يريد أبداً الانتهاء منه»، ولعل من شاهد الفيلم يدرك ما يعنيه «دي نيرو» بهذه العبارة، فأحداث الفيلم تدور في مساحة زمنية طويلة، فهو يبدأ في عشرينيات القرن الماضي حتى يصل إلى نهاية الستينيات، لكنه لا يستخدم خط الزمن الطبيعي فهو يتنقل بطريقة جذابة في الزمن، ليسطر ملحمة من العلاقات المضطربة والمعقدة بين مجموعة من أطفال يهود في إحدى مناطق التحزب العرقي الإثني «القيتو» في مدينة نيويورك، وما عاصر تلك العلاقة من عنصرية وشجاعة ووفاء وخيانة، لقد استعرض «ليوني» تلك الحكاية المقتبسة من رواية «الأغطية» لهاري جري، منذ طفولة الشخصيات وحتى شبابهم، تفكك العلاقات والنهايات التي دائماً ما تكون بالسقوط المريع لمن عاش عالم الإجرام، وهي ثيمة لم تغب عن أفلام «ليوني» الذي لطالما كان محتفياً بالصداقة رغم الدمار الذي يحل بها في ظروف شتى في أفلامه، وبتقنيات عرفناه بها دائماً مثل «العودة في الماضي والرجوع في الزمن» وكذلك «التداخل الشبكي» الذي يمكن ملاحظة انتشاره في كثير من الأفلام الحديثة مؤخراً.
ربما كان النقد الوحيد باعتقادي لمثل هذا الفيلم وغيره من أفلام «فرانسيس فورد كوبولا» و»براين دي بالما»، وكذلك «مارتين سكورسيزي» هو قدرتهم دائماً على التلاعب بضمائرنا، السطو على المنطق الأخلاقي وتجريده من حساباته الأساسية، ومنح الشخصيات المرفوضة من المجرمين، بعضاً من التعاطف، من خلال إلقاء الضوء على ظروف نشأتهم والقدرة على تقديمهم كبشر لهم عواطف ويقدسون الصداقة ويخبرون الحب، لكنهم ضلوا الطريق القويم من خلال نبذ المجتمع لهم وفرزهم من خلال معامل اجتماعية وعرقية وطبقية وحتى سياسية، إنهم الوحش الذي خلقناه، ثم أردنا لاحقاً تطبيق العدالة عليه، لكن هناك مساحة هائلة من فلسفة الجريمة والعقاب التي طالما كانت حاضرة في أفلامهم جميعاً، إنها نوع من الوعي المبطن بالعدالة الكبرى وإن كان فهمنا لها يختلف من واحد إلى الآخر، وهو ما يجعلنا نتفهم مسيرة حياة «ليوني» السينمائية التي انتهت قبل وفاته بخمس سنين، كفاصل لمرحلة مميزة في تاريخ السينما المدهش والقصير.
لقطات من الفيلم
سيرجي ليوني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.