اتصل بي أحد موظفي مدرسة أهلية كبيرة ومعروفة شمال الرياض يخبرني برفع رسوم الدراسة للعام المقبل، تخيلوا هذا والاختبارات النهائية لم تبدأ بعد، فأي ذوق ورقي تعامل من منشأة تعليمية تعنى بتعليم الأجيال. كتبت في هذه الزاوية من قبل عن موقف وزارة التربية وتراخيها عن شمال الرياض بالذات وترك الساحة لتجار المدارس الأهلية، وكيف أن قلة المدارس الحكومية في هذه المنطقة من العاصمة أجبر سكانها على إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة. وأنا هنا لا أعمم إذ ليس من العدل إطلاق الأحكام على الجميع، فهناك مدارس أهلية – على قلتها – تأخذ لكنها تعطي في المقابل مما يخفف الكاهل عن أولياء الأمور ويعوض خسائرهم. لكن يبدو أن المدارس المذكورة والمشهورة هذه شعرت بالغيرة من بقية التجار على اختلاف مجالاتهم والذين استغلوا توفر بعض السيولة النقدية الوقتية لدى شريحة من المواطنين، فقررت هذه المدارس منافسة أولئك التجار في اقتطاع جزء من «الكيكة» واستغلال المواطنين مع الأسف الشديد. وزير التربية تحدث قبل فترة عن أن قطاع التعليم لا يجاري مثيله في الدول المتقدمة على ضخامة الدعم الحكومي الذي يفوق ما تقدمه الدول الصناعية لقطاع التعليم لديها وهذا بشهادتهم، وتحدث عن أن الطريق طويلة أمامنا، وهذا يحسب للوزير، وأقول له وهو يتقبل ويطلب النقد البناء، ابنوا المزيد من المدارس وبالذات شمال العاصمة وفي كل منطقة بحاجة إلى المدارس، فبناء المدارس بناء للوطن والإنسان. والكلام لا ينحصر على التعليم الأهلي العام بل يتعداه إلى التعليم الجامعي الأهلي. دققوا في تكاليف دراسة الفصل الواحد لدى الكليات الأهلية لدينا لتدركوا حجم «البزنس» الذي تمارسه بعض الجامعات الأهلية، والأدهى أن التعليم الأهلي يأخذ إعانة من الدولة فلا يكتفي بها بل تزيده شراهة وسعارا. والحمد لله تعالى أن الحكومة نشرت الجامعات وضاعفت أعدادها عدة مرات وإلا فستكون كارثة وطنية. من حق التعليم الأهلي الكسب المشروع لكن لا يجعلها تجارة مواش.